This post is also available in: English
ساد الهدوء وقلة الحيلة حياة الجيش الحر داخل دير الزور في الآونة الأخيرة ،كمت كثيرة هي العقبات والضغوطات التي تعرض لها الجيش الحر بدءاً من نقص الذخيرة انتهاءاً بدخول داعش، ولم يكن لعناصر الجيش الحر في ذلك الوقت أي تأثير على مجرى الأحداث, فهم أعطوا ما عندهم ولم يبخلوا بدمٍ أو مال وقدموا كل ما استطاعوا تقديمه لأبناء دير الزور ولكن في المقابل لم يلقى الجيش الحر سوى القليل القليل من دعم ابناء البلد.وفي هذه الفترة فقدت المجالس العسكرية تأثيرها على العمل العسكري في ديرالزور، حيث انقطع التواصل بين العناصر على الأرض والقادة في مختلف المناطق.
بقيت هذه الحال سائدة في المناطق التي تشهد تماس مباشر مع قوات النظام، فكانت الفاجعة عندما أعلن قادة المجالس العسكرية (المجلس العسكري – المجلس الثوري) عن بيعتهم لتنظيم الدولة وعلى رأسهم العقيد منير الأحمد قائد المجلس العسكري والرائد عبد الرحمن قائد المجلس الثوري.
حيث أن العقيد( منير الأحمد ) اُعتقل من قبل التنظيم في مدينة الرقة قبل دخول التنظيم وسيطرته على محافظة ديرالزور، ثم أُطلق سراحه بعد مبايعته التنظيم سراً في تلك الأوقات.
ومنذ ذلك الحين اصبح العقيد منير يترأس أي وفد يتجه للتفاوض مع داعش على أنه شخصية توافقية ولطالما سعى إلى تهدئة الفصائل التي تنوي قتال داعش وإفشال أي تجمع للعسكريين هدفه قتال داعش.
عندما اعتقل التنظيم عدداً من عناصر الحر من أبناء دير الزور في الرقة واحتجاز الذخيرة التي كانت معهم تدخل العقيد منير بشكل فوري لإيقاف تجمع الجيش الحر الذي قرر آنذاك شن هجوم على معقل التنظيم الرئيسي في الرقة.
طالما ظهر العقيد منير، بمظهر الرجل الحكيم والذي يحاول إبعاد المنطقة عن اقتتال، كونها على تماس مباشر مع قوات الأسد في المطار العسكري لكنه ضمنياً كان يعمل على تجهيز المنطقة لاحتضان داعش.وقد عمل على سفارات وهمية في قضية النقيب( زياد الخزام) الذي اعتقله( عامر الرفدان )أحد قادة داعش في ديرالزور, ليتم من بعد ذلك تصفية النقيب خزام وإخبار أهله بذلك.
ومع ارتفاع وتيرة المعارك في بعض قرى الريف الشرقي بين الحر وداعش وسيطرة الأخير على بعض القرى، بدأت الشكوك تدور حول بعض القيادات بأنهم موالين لداعش، من خلال بعض التصرفات ولكن لم تدم طويلاً حتى تم أخراج التنظيم من دير الزور بشكل كامل.فأصبحوا في موقف لا يحسدون عليه فهم أمام خيارين إما أن تنكشف حقيقتهم وهذا حتماً كان سيودي بحياتهم أو يعلنون للملأ وقوفهم بجانب الفصائل المقاتلة لداعش فكانت فكرة الحياد مرفوضة تماماً
حيث تم تصوير بيان أعلنت فيه فصائل المجالس العسكرية والثورية وقوفها بجانب الفصائل المقاتلة لداعش في بداية عام (2014) . استمروا في دعوتهم لداعش بشكل سري وفي نطاق ضيق لضمان سلامتهم والإبقاء على تواصلهم مع الخارج والمتمثلة بهيئة الأركانحيث كانت مهمتهم في تلك الفترة مقتصرة على تجنيد العناصر وتأمين الطريق بين( قرى الريف الشرقي ومنطقة الشولا) لتسهيل دخول خلايا داعش للمنطقة في انتظار الوقت المناسب.
كانت داعش في هذه الأثناء قد ضمّت إلى صفوفها كبرى الفصائل التابعة للمجلس العسكري.فالمجلس العسكري بحد ذاته لا يشكل خطراً على التنظيم ولكن الغاية كانت إعلامية أكثر من كونها عسكرية حيث كان التنظيم يسعى للقضاء على أي كيان أخر غير كيانه حتى لو كان لا يمثل أي شيء على أرض الواقع.
كان العقيد منير هو من أشرف على تفجير دبابة مفخخة كان يعدها الجيش الحر لتنفيذ عملية تفجير داخل مطار ديرالزور. فشكّل ذلك مصدر رعب لتنظيم الدولة وكان التنظيم يخشى من استخدامها ضده في حال دخوله إلى المناطق القريبة من المطار العسكري مثل مدينة ( موحسن وقريتي البوعمر والمريعية)بعد أن سيطر التنظيم على ديرالزور، تم اعتقاله
اعتقل أكثر من مرة ووجّهت له عدة تهم ، مؤخراً أطلق سراحه بعد أن تم تجريده من كل المناصب العسكرية، وتعهده بعدم القيام بأي عمل عسكري أو مدني.
أمّا بالنسبة للرائد (عبد الرحمن قائد المجلس الثوري) فقد ساهم بشكل مباشر في دخول داعش إلى مدينة (موحسن) عندما بايع التنظيم في منطقة الشولا وعاد يدعو إلى بيعة التنظيم بشكل علني في المدينة ويحض أبناءها على الالتحاق بصفوف التنظيم وعندما انتهت صلاحيته واستغنى التنظيم عن خدماته سارع في قتله وأدعى التنظيم أن الرائد عبد الرحمن قد قتلى.
بدأت قصة بيعة( الرائد عبدالرحمن) حين دعا مع بعض القادة الذين بايعوا التنظيم إلى تشكيل جسم عسكري عُرف باسم أنصار الخلافة وهنا بدا واضحاً أن هذا التشكيل يحضّر الوضع العام في المنطقة من أجل تسليمها لداعش ، واتضحت الصورة عندما زار منطقة الشولا وأعلن ولاءه بشكل علني للتنظيم ، وقد بدأ بإرسال التهديدات لمن رفض بيعة التنظيم من عناصر الجيش الحر والعاملين في المجلس المحلي والإعلاميين والمدنيين.
حيث حاولوا للوهلة الأولى خداع أبناء المنطقة بأن هذا التشكيل هو توحيد لفصائل موحسن وقتال قوات الأسدفقط، الحلم الذي لطالما حاولوا تحقيقه ولكن تصرفاتهم كشفتهم نواياهم حيث أعلنوا عن إفراغ المنطقة من الفصائل الأخرى والتي تقاتل داعش
إضافة إلى نشر الحواجز الليلية في المنطقة لإعتقال وتصفية أي شخص لم يبايع داعش وكان لهم ما أرادوا من خلال تصفية أهم قيادات الحر في موحسن والذين أعلنوا قتال التنظيم إعلامياً وعسكرياًحيث تمكنوا من اغتيال الملازم (حسن الحافظ وياسر المطلق) لتسيطر داعش بعدها بيومين على المنطقة بالكامل،كنا أمام معركة حسمت قبل أن تبدأ
وممَّ لا يمكن تجاهله أن داعش لم تتمكن مطلقاً من السيطرة على محافظة ديرالزور إلا بعد أن غادرت فصائل الجيش الحر للمدينة باتجاه إدلب والقلمون ودرعا بعد معارك استمرت مايقارب تسع شهور
ودخول داعش للمنطقة كان بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على آخر كيان عسكري لطالما مثل أبناء المنطقة ليعم السواد أرجاء المحافظة.