This post is also available in: English
قد تكون الحالات الخاصة في مجتمع يعاني حرباً هي استثناء لكن تبقى المعاناة واحدة خاصة إذا كان من يعاني طفلاً وفي غياب العناية الطبية الحقيقية ومشكلة اللجوء تصبح تلك المعاناة مضاعفة يتحملها الأهل رغم عدم القدرة على تقديم الكثير لكن ضيق ذات اليد والتكلفة العالية للعلاج وعدم وجود مؤسسات صحية تقدم الدعم الكامل لهؤلاء الأطفال رغم محاولات المنظمات الطبية يبقى القصور حليفها بسبب الانتشار الجغرافي الكبير للحالات التي تحتاج هذه الرعاية وكذلك بسبب ضعف المعرفة لدى الأهل بتواجد المنظمات وتقصير الإعلام في إيصال معاناة هؤلاء الأطفال وغيرهم
هذه المعاناة وإن كانت لطفلة واحدة فهي تمثل حالات كثيرة تعانيها مئات الأسر والتي فقدت بوصلة توجهها فكم من هؤلاء الأطفال تركوا علاجهم وأطباءهم وهجروا وطنهم برفقة أهلهم فكان الإهمال حليفهم بسبب الفقر أحياناً وعدم تواجد الاختصاصات المطلوبة في أماكن لجوئهم إضافة لصعوبة اللغة والتواصل مع الأطباء
سديل طفلة في السابعة من عمرها تعاني منذ الولادة شللاً كاملاً في الأطراف الرباعية وتأخراً في النمو العقلي ناتجاً عن نقص أكسجة ولادي , حيث ولدت في أحد مشافي دمشق وعانت مما يسمى نقص الأكسجة الولادي الذي سبّب أذية دماغية نتج عنه شللاً لكامل الأطراف وتأخر ذهني وعقلي مع ضمور في الأطراف.
حاول الأهل قدر استطاعتهم علاجها ولم يدخروا جهداً في ذلك لكنهم لم يحصلوا على نتيجة كبيرة , فقد أخبرهم الأطباء أنّ أذية الدماغ كبيرة وأنّ الإصابة شديدة وتحسّن حالة الطفلة سيكون بطيئاً للغاية , لكن الأهل ورغم قلة حيلتهم وضيق ذات اليد لم يتركوا باباً إلا وطرقوه من أجل علاج ابنتهم.
ماكان يحز في قلوبهم هو رؤية أقرانها يكبرون ويلعبون وطفلتهم ترقد في فراشها لا تحرّك ساكناً , ومع ذلك كان الأمل يحدوهم في رؤيتها تركض مع أبناء جيلها . راجع الأهل الكثير من الأطباء لكن دون جدوى لكن اليأس لم يصبهم حتى انطلقت الثورة واضطر والدها للنزوح خوفاً عليها وبسبب سوء الأوضاع الأمنية.
طيلة فترة النزوح لم تتلق سديل أي علاج أو متابعة صحية بسبب عدم وجود خدمات صحية في مناطق النزوح , فبدأت حالتها تسوء أكثر فأكثر وبدأ جسمها ينهار نتيجة عدم حصولها على العلاج.
مما اضطر الأهل للجوء إلى تركيا في رحلة صعبة استطاعوا بعدها الوصول حيث تمت متابعة علاجها في تركيا وبدا هناك تحسن واضح في حالتها الصحية حيث استرد جسمها عافيته لكن حالتها العصبية لم يطرأ عليها تحسن يذكر مع متابعة علاجها في المشافي التركية.
منذ عدة أشهر لاحظ الأهل انتفاخ في إحدى عينيها مما اضطرهم لمراجعة طبيب عينية في أحد المشافي التركية , فأخبرهم أنه ارتفاع في ضغط العين وكتب لها العلاج اللازم لكن حالة العين بدأت تسوء مما اضطرهم السفر لمدينة أخرى من أجل إجراء عمل جراحي للعين فاستبشر الأهل خيراً.
لكن وبعد مرور شهر تبيّن لهم أن العمل الجراحي لم ينجح وأن شبكية العين قد تضررت , وأن سديل ربما لن تستطيع الرؤية بعينها مرة أخرى , وهي تحتاج لعمل جراحي آخر لفصل الشبكية . هنا دخل الأهل في دوامة العمليات والتي لازالوا حتى الآن يراجعون المشافي في مختلف المدن التركية , لكن الروتين هو الذي كان سبب تأخير إجراء العمل الجراحي لها . كما تعاني سديل حالياً من عدم رؤية في عينها ويخاف الأهل من تضرر العين الأخرى.
يقول المثل العامي (فوق الموتة عصة قبر )هذا المثل ينطبق تماماً على حالة سديل , ففوق ما تعانيه من شلل رباعي تعاني الآن من ضعف الرؤية ومهددة بالعمى التام . وهي تحتاج لعمل جراحي سريع من أجل ربط الشبكية أو فصلها حسب شدة الضرر وهي باهظة التكاليف . أمّا إجراءها في المشافي الحكومية فهي تحتاج لروتين ووقت طويل قد تخسر فيه سديل عينها وربما تنتقل الإصابة للعين الأخرى.
هذا حال طفلة وحالة من عشرات أو مئات الحالات بين اللاجئين , ضاع أهلهم بين ما يعانون وبين ضيق ذات اليد وصعوبات العلاج في تركيا خاصة بسبب اللغة وارتفاع تكاليف العلاج في تركيا إذا أرادوا علاجها في القطاع الخاص وروتين المشافي والتكلفة العالية للدواء. في ظل غياب تام لوزارة الصحة في الحكومة المؤقتة عن متابعة مثل هذه الحالات وغيرها الكثير.
هو سؤال برسم هؤلاء المعنيين , لماذا توجد وزارة صحة في الحكومة السورية المؤقتة وهي لا تعرف شيئاً عن آلاف المرضى والمصابين ولا تقدم لهم أي دعم حتى للمراكز التطوعية التي يعمل بها الشباب السوري من أجل تقديم الخدمات الطبية للاجئين السوريين..!!؟
سديل والعشرات من أقرانها ممن يعانون من أمراض مزمنة هم في مهب الريح بين مطرقة اللجوء وسندان المرض.