This post is also available in: English
أبو عمران من سكان ريف ديرالزور، معلم للغة العربية، لديه عائلة من خمسة أفراد وهو إمام جامع الفرقان في بلدته، لم يشترك بالثورة السورية إطلاقاً، جل وقته يقضيه في عمله كإمام في المسجد ثم يعود للمنزل، إلى أن تقدمت داعش لتحتل بلدته، ليدخل هو وعائلة في دوامة لن تنتهي بهم إلا خارج سورية.
عند دخول تنظيم الدولة إلى بلدة البغيلية بقوارب عن طريق نهر الفرات، توجه عدد من عناصره إلى جامع الفرقان ليصلوا فيه صلاة الفجر، لم يكن في داخل المسجد سوى ستة أو سبعة مصلين أغلبهم معروفين ومن كبار السن، فدخل عناصر داعش المسجد حيث كان أبو عمران، وأقام المؤذن الصلاة ولم يتقدم أحد، فقال أحد عناصر التنظيم: أين الأمام، فقال أبو عمران: أنا الأمام ولكن ليتفضل أحد منكم فلعله أقرأ مني بالقرآن الكريم، فرد أحدهم بغضب :تقدم وادعوا لنا في صلاتك،التفت أبو عمران فوجد عناصر مدججين بالسلاح فما كان منه إلا أن تقدم وصلى بهم.
عند انتهاءه قال “اللهم وفق المجاهدين في سبيلك” فكانت هذه الجملة التي قالها تحت الخوف هي سبب بلاءه ومصيبته، فبعد اشتباك عناصر التنظيم التي وصلت البلدة مع قوات النظام والمليشيات التابعة لها في البغيلية ومقتل معظمهم وهروب الآخرين، وبعد يوم واحد فقط جاءت قوات الأمن إلى بيت أبو عمران، ليسألوا عنه “أين أمام الدواعش” حيث قاموا باعتقاله.
ستة أشهر ولم يخرج أبو عمران من سجنه، تذهب زوجته إلى فرع أمن النظام، ليقول لها عناصره أن زوجها تحول إلى فرع أمني في دمشق، وطوال ذلك بقيت عائلة أبو عمران من دون معيل، ومن دون راتب فقد انقطع راتب أبو عمران من لحظة اعتقاله، لم يلق عمران سبيل لكسب العيش سوى أن يسأل الناس عن طعام له ولعائلته.
مضت الأيام وكابدت الأسرة الجوع والعوز وغياب رجل البيت إلى أن جاء يوم أفرج النظام عن أبو عمران، ولم يستطع الدخول إلى المدينة المحاصرة فتوجه إلى معبار الجنينة المقابل للبغيلية، وطلب من عناصر داعش الدخول لبلدته:أنتم سبب معاناتي وبسببكم سجنت، فدعوني أدخل لعدة ساعات ثم أعود مع عائلتي، فرد عناصر الحاجز :اذهب واجلب لنا موافقة من الشرعي، وتعال سنسمح لك بالدخول.
ذهب أبو عمران إلى الحسينية لتحصيل موافقة للدخول إلا أنه فشل في ذلك، وبعدها توجه إلى مدينة الميادين من أجل الموافقة حيث قوبل بالطرد فوراً، ومن ثم توجه إلى الرقة حيث قوبل بالطرد أيضاً، ومنع من الدخول للأحياء المحاصرة، وصل الخبر لعائلته بأن رب أسرتهم خرج من سجن النظام وهو موجود في مناطق داعش ولا يسمح له بالدخول وفوراً عملوا على الخروج إليه عن طريق التهريب، ولم يرض أحد بإخراجهم من البغيلية كونهم عائلة.
إلى قام أحد المهربين المقربين من قوات الدفاع الوطني التابعة لقوات النظام، بإخراج عائلة أبو عمار ليتركوا بعدها ديرالزور بشكل نهائي ويغادروا باتجاه تركيا بعد أن تقاسمت داعش والنظام أرضهم وإذلالهم.