This post is also available in: English
*رامي أبو الزين
لعبت روسيا منذ انطلاق الثورة السورية دورا مفصلياً في مجرى الأحداث , فنيتها المبطنة للحفاظ على نظام الأسد لا تكاد تخفى على أي متابع لما يجري في سوريا , حاولت روسيا وتحاول أن تفرض نفسها لاعباً رئيسيا في الشأن السوري من أجل تحقيق مكاسب استراتيجية سياسياً , عسكرياً , اقتصادياً .
في الثلاثين من أيلول / سبتمبر2015 أعلنت روسيا رسميا تدخلها العسكري في سوريا , متذرعة أنها تشن حربا على الإرهاب , بحجة مقاتلة تنظيم داعش , لكن , مانتج عن هذا القصف من نتائج كارثية على حياة المدنيين في محافظة دير الزور والمرافق الحيوية , يفند أكذوبة الروس بحربهم على الإرهاب .
احصائيات رسمية لدير الزور 24 تشير إلى ارتقاء 544 شهيدا في دير الزور وريفهاوحدها, بينهم 87طفلا – 65امرأة، منذ بدء القصف الروسي , وأيضا 60 مركزا حيويا بينها أكثر من 15 مسجدا دمرت بشكل جزئي وكاملا , وما لايقل عن 20 مدرسة و خمسة أسواق تجارية و10 جسور هامة تعتبر شرايين للمدينة والريف ,وخمسة طرق رئيسية أخرجت عن الخدمة , بالإضافة لخمس محطات لتصفية المياه تعطلت بشكل كامل .
بالمقابل , ما مدى تأثير القصف الروسي على تنظيم داعش في محافظة دير الزور ؟
وفق شهادات لمدنيين خارجين من دير الزور منذ فترة قريبة , يقول محمد : إن نسبة 90 % من الغارات المستهدفة لدير الزور تكون من نصيب المدنيين مستهدفة منازلهم وأراضيهم أو على أقل تقدير المرافق العامة للمدينة .
وعن الدور الروسي في محافظة دير الزور , يقول المحلل السياسي معاذ السراج : بقيت المنطقة الشرقية من سوريا بعيدة عن الأضواء طيلة معظم مراحل الثورة السورية على الرغم من دورها الأساسي وأهميتها العسكرية والاقتصادية , وكان من الطبيعي أن تقع قبل أكثر من سنتين فريسة سهلة بين براثن تنظيم الدولة من جهة والمتطرفين الأكراد من جهة أخرى كنتيجة مباشرة لتجاهل المنطقة وإغفال أهميتها كعمق استراتيجي للثورة وللداخل السوري على حد سواء.
ويتابع: لكنها وبعد بدء معركة الموصل عادت مجددا إلى الأضواء ومن نافذة مدينة الرقة أحد أهم معاقل تنظيم الدولة في سوريا, وبالنظر إلى الدور الرئيسي الذي تلعبه روسيا اليوم في الملف السوري يبرز التساؤل حول رؤية روسيا للمنطقة الشرقية وما هي سياستها تجاهها في الأفق المنظور.
ويضيف السراج : مع ما يبدو أنه صراع طويل الأجل فإن عودة الحديث عن المنطقة الشرقية( ديرالزور والرقة) يؤكد مجددا أهميتها الاستراتيجية ليس على الصعيد السوري فحسب وإنما على الصعيد الصراع في الشرق الأوسط برمته, وإذا كانت ملفات جنيف قد تجاهلت المنطقة واعتبرتها ” منطقة مفرغة ” فإن تداعيات الأزمة السورية والعراقية عادت لتفرضها مجددا وتبرزها على ساحة الأحداث ومن أوسع الأبواب .
في حربها المزعومة , عمدت روسيا على استعراض ترسانتها العسكرية , مستخدمة أحدث طرازات الأسلحة من طائرات وقاذفات بعيدة المدى وصواريخ مجنحة وغيرها . استخدمت روسيا في قصفها لمحافظة دير الزور قاذفات بعيدة المدى تستخدم لأول مرة من طراز (تو – 22إم 3) وقاذفة ( تو -95 إم إس ) إضافة إلى المقاتلات الحربية من طراز (سو35 اس) و (سوخوي ” ميغ-29) (سو-25 ) حيث تقوم طائرات السوخوي والميغ 29 بتأمين غطاء جوي للقاذفات بعيدة المدى أثناء قيامها بالإغارة .
وفي سياق متصل , أفاد مصدر عسكري دبلوماسي روسي بأن روسيا طلبت من سلطتي العراق وايران السماح بتحليق صواريخ (كاليبر) المجنحة العابرة للقارات في مجالها الجوي لتصل لوجهتها في دير الزور ومدن الشمال السوري .
الجدير بالذكر أن الهدف المباشر للروس في دير الزور هو اتباع سياسة الأرض المحروقة التي من شأنها التهام القوى البشرية لأبناء المحافظة وسحق البنى التحتية , وتهيئة الظروف لإخضاعها لاحقا للخريطة الاستراتيجية التي يراهن عليها الروس وغيرهم من القوى العالمية الداخلة في الصراع .