This post is also available in: English
حتى آخر لحظة من حياة العدناني كان يعمل على لملمة خسارات التنظيم وانحساره في مناطق حلب، وهو صاحب الدعاء الشهير الذي دعا فيه ربه لو أن التنظيم على شر بأن يُقتل قاداته.
لم يمت العدناني أثناء تدمير السواتر على الحدود بين سوريا والعراق وإعلانه عن إنهاء تلك الحدود الفاصلة بين البلدين، ولم يُصب حينما كانت رسائله تحمّس الجهاديين ليلحقوا بهم بالآلاف، إنما كان موته في لحظات حرجة للتنظيم وهو قد خسر في أقل من شهر أكبر مناطق وأشدها تحصيناً في حلب.
كانت إصابة قاتلة تلك التي أودت بحياته وحولته لكتلة متفحمة لا تُعرف ملامحها بشكل جيد قتلهم على الفور هو ومن معه من قادات التنظيم، حيث كانوا يستقلون سيارة عادية لا تلفت الأنظار وتحمل لوحات تسجيل سورية. كانوا في طريق عودتهم إلى مدينة الباب من رحلة تفقدية لجبهات التنظيم مع “قوات سوريا الديمقراطية” في غرب منبج. كان العدناني قد أوعز لمرافقيه بتجهيز أنفسهم للانطلاق مباشرة إلى الرقة ومنها إلى مراكزهم الرئيسية في العراق حاملاً معه أخباراً غير سارة من الهزائم المتتالية والصعبة.
وهو الذي جاء إلى حلب على وجه السرعة قبيل طردهم من منبج وانسحاب عناصرهم إلى منطقة جرابلس شمالاً، توجه من فوره إلى مقابلة هذه العناصر والوقوف على الأسباب الحقيقية لخسارتهم بهذا الشكل المريع وهم الذين حضّروا لمعركة طويلة الأمد وجهزوا لحصار طويل يصمدون به ويحوّلون المدنيين إلى ضحايا الحصار والجوع، وذلك لاعتقادهم أنهم حققوا نجاحات باهرة في الفلوجة وأنهم استفادوا من معاناة المدنيين لصالحهم ولكن لم تتحقق هذه الأماني وكان سقوطهم أسرع.
لم تكتمل أيام العدناني العشرة في زيارته إلى حلب حتى بدأت معارك تحرير جرابلس وتحسمها بسرعة خاطفة طائرات التحالف التي حصدت قادات التنظيم في جرابلس بضربة واحدة تركت العناصر تائهين بلا قيادة، حتى أمرهم العدناني شخصياً عبر والي حلب بالانسحاب الفوري تفادياً لمزيد من الخسائر ولمنع تكرار مأساة منبج، كما سمّاها. الأهم بالنسبة للعدناني كان إسراع وتيرة المعركة بين قسد وتركيا والتي كان داعش يقف حائلاً بينهم، فشكلت هذه الرغبة طموحاً للاستفادة من انشغال هذه القوات في صراع بينهما ليتمكنوا من العودة إلى منبج، ولكن حتى هذه الأمنية لم تتحقق للعدناني فكان صاروخ الطائرة الذي استهدفه أسرع منه.
لم يكن يتحرك العدناني مع مرافقة كثيفة وسيارات عديدة بل كان يحاول قدر الإمكان عدم لفت الأنظار إلى تنقلاته، ولم يكن يمكث أكثر من ثلاث ليالٍ في منطقة واحدة، بالإضافة إلى ذلك كان يعتمد في كل منطقة على شخصيات محلية لتسهيل عبوره من حواجز التنظيم دون التعرف عليه من عناصرهم حتى.