وفي أوقات الفتن تزيغ قلوب كثيراً من الناس، فينقلبون على أعقابهم ويرتدون على أدبارهم، فمنهم من يقعد عن الجهاد ومنهم من يؤول به الأمر إلى إرادة الكفر وتفضيله على الإيمان.
بهذه الكليمات استفتح راوي الكلام في إصدار تنظيم داعش الأخير كلامه والذي أخذ عنوان “ولا تضروه شيئاً”.
وكان تنظيم داعش قد أصدر إصداراً مرئياً في الثالث من الشهر الجاري شباط 2018 وجه من خلاله التهم المختلفة على موالين للتنظيم وقادات وعناصر مبايعين لتنظيم داعش حسب ماذكر .
وجاء الإصدار المرئي استكمالاً لسياسة التنظيم في استخدام الجانب الإعلامي وتوظيفه بما يخدم مصالحه، لكن مايميز هذا الإصدار عن غيره مماسبقه من إصدارات عدة نقاط أهمها :
1- هجوم التنظيم على شخصيات عسكرية عرفت بولائها لتنظيم داعش :
فقد احتوى الإصدار المرئي بدقائقه السبعة عشر كماً هائلاً من التهم على عناصر و قياديين انشقوا عن التنظيم وتركوه هاربين بعد الحملة الأخيرة التي شنت على تنظيم (داعش) .
وقد فصل الإصدار هؤلاء الشخصيات و ضمن بعض الصور لأشخاص منهم اتهمهم بطعن التنظيم و إفشاء أسرارها بعد وصولوها إلى بلاد الكفر حسب وصف التنظيم و التنعم بمفاتن الحياة و اتهمهم بأنهم نسوا كيف أنهم عاشوا بنعيم التنظيم لعدة سنوات وعند أول تمحيص غدروا بالتنظيم و ركنوا إلى الكفر والردة .
2- إظهار التنظيم لشخصيات عشائرية من ديرالزور و مقارنة مواقفها بين الأمس والحاضر :
حيث تظهر الدقيقة السابعة من الإصدار أحد شيوخ العشائر كان قد ظهر في إصدار سابق و هو يظهر ولائه للتنظيم ومبايعته لأميره ” أبا بكر البغدادي” أمام حشد غفير من الناس في أحد مساجد دير الزور و يحث أبناء عشيرته (البكيّر) و أبناء العشائر الأخرى على مبايعة التنظيم و فدائه بالدم والمال و أغلى مايملك، و يظهر في الإصدار نفس الشيخ و هو في صيوان أمام ملأ من الناس وهو يقول الشعر متغزلاً بقوات قسد متعدياً إلى مدح دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في أبيات من الشعر قالها ضمن اجتماع لقادة قوات قسد إبان سيطرة الأخيرة على أجزاء واسعة من ديرالزور .
3- الإعتراف بأخطاء من أسماهم التنظيم بالأمراء :
فقد جاء في طيات الإصدار أن هناك أمراء أخطؤوا لكن هذا الأمر غير مبرر لترك التنظيم و الإرتداد عن الدين في الوقت الذي بات لامفر للتنظيم من لقاء الأعداء ومواجهتهم حسب ماجاء على لسان المتحدث باسم التنظيم ضمن الإصدار المرئي.
4-اعتراف التنظيم ضمن الإصدار بالإنكسار والتقهقر :
فقد جاء على لسان راوي الحديث عدة جمل تصب في مصب واحد وهو إنكسار التنظيم في الآونة الأخيرة ومن الجمل التي قالها ” وهذا ما رأيناه في تاريخ سيطرة التنظيم رغم قصره “، ” إن أسباب الإنتكاسة كثيرة لكنها كلها تندرج ضمن مرضي القلب الشهوة والشبهة “.
وتزامن إصدار التنظيم مع مرحلة انكماش وتقهقر يعيشها في العراق و سوريا حيث تقلصت المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في البلدين إضافة إلى خسارته لأعداد كبيرة من العناصر والقياديين المبايعين ممن تركوا التنظيم حين مالت كفته و أخذ بالضعف.
يذكر أن التنظيم خسر مايقارب 90 بالمئة من المناطق التي كان يسيطر عليها ويعيش حالة من الإختناق فرضتها عليه المعارك الجارية ضده في سوريا .
وذكر محللون أن التنظيم يعيش أيامه الأخيرة في سوريا والعراق وأن الإصدار الأخير “ولاتضروه شيئاً ” بمثابة الخاتمة لمسيرة التنظيم في سوريا والعراق.
ويرجح آخرون احتمالية ظهور جماعات من تنظيم داعش في مناطق مختلفة من البلاد بعد فترة من الزمن قد تطول أو تقصر.