يعود تنظيم داعش إلى أخذ دور البطولة في مسلسل الأحداث الجارية خلال الأيام الماضية على ساحة ديرالزور، فقد كثّف التنظيم من هجماته على نقاط لقوات الأسد والميليشيات الشيعية المتواجدة في مناطق وبادية الضفة الجنوبية لدير الزور (الشامية).
وكان تنظيم داعش قد نفذ هجوماً على قوات الأسد المتواجدة في مدينة الميادين في منتصف الشهر الفائت مارس/آذار ، وتمكنت قوى تنظيم داعش المهاجمة من الوصول إلى قرية الرحبة القريبة من مركز مدينة الميادين و الإشتباك مع نقاط تمركز قوات الأسد في المنطقة حيث دامت الاشتباكات لعدة ساعات كبد من خلالها قوات الأسد خسائر في العتاد والأرواح لينسحب على أثرها إلى بادية ديرالزور.
تلى هجوم التنظيم على مدينة الميادين، هجوماً آخر شنته مجموعات من تنظيم داعش على معاقل النظام في بلدة الغبرة بريف مدينة البوكمال، واستطاع التنظيم السيطرة على عدة نقاط داخل البلدة و قتل مجموعة من عناصر الأسد والمليشيات الطائفية الرديفة لها واغتنام ذخيرة و أسلحة بكميات صغيرة.
وفي الثامن والعشرين من شهر مارس/آذار الماضي، شن تنظيم داعش هجوما على قوات الأسد وحلفائها في مدينة البوكمال وصف بالأعنف منذ أن أعلنت قوات الأسد سيطرتها على الضفة الجنوبية لنهر الفرات بديرالزور (الشامية ).
وقد اتخذ التنظيم من الجيب الأكبر المتبقي له في ديرالزور (من قرية البحرة إلى الحدود العراقية السورية ) نقطة انطلاق للهجوم الذي استمر ليوم ونصف كبد من خلاله قوات الأسد والميليشيات الحليفة خسائر كبيرة في العتاد والأرواح.
و سربت مصادر مقربة من تنظيم داعش السبت الموافق 31/3/2018 و الذي يتكتم إعلامياً عن معاركه الأخيرة في ديرالزور خبراً مفاده ” أن تنظيم داعش تمكن من إيقاع رتل تابع لقوات الأسد في كمين محكم قرب قرية “أم الصلابيخ” القريبة من المحطة النفطية الثانية (T2) ، حيث تمكن التنظيم من الإستيلاء على 16 شاحنة محملة بالأسلحة الخفيفة والثقيلة و ذخيرة ومواد غذائية “.
استراتيجية تنظيم داعش الجديدة في القتال:
بعد الإنتكاسة التي تعرض لها تنظيم داعش في سوريا و العراق، والتي أدت إلى خسارته لمساحات شاسعة من المناطق التي كان يسيطر عليها في البلدين، إضافة إلى خسارته لأعداد كبيرة من مقاتليه من الصف الأول والثاني إما عن طريق مقتلهم في المعارك التي خاضها تنظيم داعش على أكثر من جبهة، أو عن طريق الإنشقاقات التي صدعت جسد التنظيم و أضعفته إلى حد كبير، عمد تنظيم داعش إلى التغيير في أساليبه القتالية التي عرف بها والتي كانت تتسم بخوض معارك مفتوحة مع الأعداء دون الإهتمام إلى عدد القتلى في صفوفه أو الخسائر التي يتعرض لها.
حيث يلاحظ في الهجمات الأخيرة للتنظيم على قوات الأسد اعتماده أسلوب الاستنزاف، عن طريق استخدام مجموعات قتالية صغيرة و مهمتها شن هجمات سريعة و متقطعة على الخصم دون المحاولة في الدخول في معركة طويلة الأمد . الهدف من هذه الإستراتيجية هي إنهاك العدو على المدى البعيد و تكبيده خسائر مادية وبشرية بين الفينة والأخرى، وبث الخوف في صفوف العدو .
يعزي مراقبون عودة تنظيم داعش إلى تسيّد المشهد في ديرالزور إلى الرغبة الموجودة لدى بعض اللاعبين الدوليين في القضية السورية إلى إعادة إنتاج التنظيم واستخدامه من خلال توجيهه لضرب المعسكر (الإيراني-الروسي-الأسدي) على الضفة الجنوبية لنهر الفرات.
الجدير بالذكر أن هجمات التنظيم ضد قوات الأسد و المليشيات الإيرانية والروسية المتواجدة في ديرالزور والبادية السورية زادت بشكل ملحوظ بعد إعلان التحالف الدولي بقيادة أمريكا عن تعليق المعارك البرية ضد تنظيم داعش في المناطق المتبقية من الضفة الشمالية لنهر الفرات في ديرالزور والممتدة من أطراف قرية البحرة وصولاً إلى مدينة هجين فالحدود العراقية-السورية، الأمر الذي جعل التنظيم يلتقط أنفاسه و يستجمع قواه و ويضع مخططاته لمهاجمة قوات الأسد و مليشيات إيران على الجانب الآخر.
مقال بقلم:
رامي أبو الزين