This post is also available in: English
تزايدت خلال الفترة الماضية، بشكلٍ نسبي، هجمات تنظيم داعش على مواقع ونقاط قوات الأسد والميليشيات الإيرانية على امتداد بادية ديرالزور، وفي كل مرّة، يقابل الهجمات عمليات تمشيط من قبل الميليشيات التابعة للقوات الروسية، والميليشيات الإيرانية، وقوات الأسد، على تلك المواقع التي يتم استهدافها من قبل التنظيم.
ناشطون من ديرالزور، يرون هذه العمليات التي تأتي عادة-كما يصفها أحدهم-بعد إنتهاء هجمة للتنظيم، ينتج عنها قتلى وجرحى من قوات الأسد والميليشيات، بأنها لا تتعدى رد فعل “رفع العتب” وإسكات أصوات الحلقة المؤيدة لنظام الأسد، بأنّ الجيش “يلاحق الإرهابيين”، حيث مع انتهاء العملية، أو بعدها بأيام، يحدث هجوماً جديداً يروح نتيجته عناصر غير مؤسوف عليهم، أعدهم نظام الأسد وقوداً لهذه المهمة.
تنتشر جيوب تنظيم داعش، التي يتخذها نقاط انطلاق لعملياته وهجماته، على طول وعمق بادية دير الزور على الضفة الجنوبية الواقعة تحت سيطرة قوات الأسد والمليشيات الإيرانية ومعهم الروس، ومنذ انسحاب التنظيم من المناطق المأهولة من ديرالزور أواخر عام 2017، أوجد التنظيم لنفسه ساحة للملمة نفسه وإعادة تكوين قوّته، وكان له ما أراد، ولكن، بمساعدة وتسهيلات من القوّة التي سيطرت على المنطقة عوضاً عن التنظيم، وعلى رأسها الميليشيات الإيرانية، لعدة أهداف، أهمها أنّ بقاء تنظيم داعش في بادية ديرالزور، يمنح لإيران شرعية أمام المجتمع الدولي لوجودها في ديرالزور، التي باتت من أكثر المحافظات السورية التي تتواجدت بها الميليشيات الإيرانية المتعددة.
أما الهدف الآخر، فهو استخدام التنظيم، الذي أضحى أشبه بمؤسسة أمنية مرتزقة، تنفّذ ما يُطلب منها مقابل المال والسلاح، لضرب المعسكر الآخر على الضفة الشمالية من ديرالزور والمتمثل بالتحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية، حيث سهّل نظام الأسد والميليشيات الإيرانية، في أكثر من مناسبة، عمليات انتقال مجموعات تنظيم داعش من الضفة الجنوبية (مناطق سيطرة قوات الأسد) إلى الضفة الشمالية من ديرالزور حيث يوجد التحالف الدولي وعلى وجه الخصوص القوات الأمريكية، بهدف ضرب استقرار منطقة سيطرة التحالف، وإشغاله بالعمليات التي ينفذها تنظيم داعش، لتشتيت تركيزه وقوته وإلهائه بالوضع الداخلي لمناطق سيطرته.
يمضي الأسد وإيران بمسرحياتهم أمام مؤيديهم، والمجتمع الدولي، من خلال التضحية بعدد من عناصرهم، ليثبتوا من خلال مقتلهم بهجمات داعش، أنهم لايزالون عرضة للإرهاب وأنّ وجودهم في سوريا مرتبط بمفهوم “محاربة الإرهاب”.