يعاني أهالي مدينة ديرالزور من حصار خانق يفرضه تنظيم داعش وقوات الأسد منذ الخامس منذ شهر كانون الثاني لعام 2015، حيث يتعرض المدنيين للجوع نتيجة الحصار في مدينة كانت يوماً ما “سلة سوريا الغذائية”.
وتنوعت صنوف الموت وتحول الأطفال إلى أشباح تسير هائمة بانتظار القدر المحتوم لم نعد نرى الابتسامة لم نعد نسمع تلك الضحكات الرنانة التي تثلج قلبك وتشعرك بالارتياح لقد تم هتك كل براءة واغتصابها.
كل طفل فيهم رسم حلما جميلا في طفولته لكنهم الآن يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة فمن نجي من قصف الطائرات مات من الجوع أو المرض.
قيس: أحد اطفال ديرالزور سرقت منه الطفولة حين كان في سن الرابعة فقد ترك قريته وبيته بسبب قربها من المطار.
حين تقلع الطائرة كان ينزوي في إحدى الزوايا ويرتجف وقد يتبول على نفسه ورويدا رويدا استسلم للواقع وأصبح يتابع تحركات الطائرة واين تقصف بل حتى أنه حدد أنواعها من شكلها وأطلق مسميات تصف كل نوع.
قيس لم يذهب إلى المدرسة رغم أنه يعيش داخل إحدى المدارس بعد نزوحهم مثله مثل مئات الأطفال الذين سلب منهم تنظيم داعش أقل حقوقهم ورغم محاولات إخوته الذين يكبروه إلى تعليمه إلا أنهم هم أيضا بدؤوا بالنسيان فما يحدث حقيقة يشيب له الصغير.
ومع دخول التحالف لمحاربة داعش وازدياد القصف يصبح الموت اعتيادا وتصبح المجازر مجرد ارقام ورغم أن معظم الشهداء هم من الأطفال لم يحرك ذلك ضمير العالم ووقف متفرجا يتابع الارقام التي تظهر وقد تناسى أن لكل رقم قصة وخلف كل رقم هناك عائلة تندب.
وعلى الجانب الآخر من المدينة وعلى ضفة الموت الثانية هناك أطفال اخرين تتشابه عذاباتهم.
ملهم: طفل صغير وهو ابن خال قيس لم يروا بعضهم منذ أكثر من سنتين فضّل والد ملهم البقاء في مناطق سيطرة قوات الأسد لأنه رغب بتعليم أطفاله ولكن الحصار الذي فرضته داعش جعل لمعاناتهم طعم مختلف مع حصار التنظيم لحيي الجورة والقصور وهرابش الخاضعة تحت سيطرة قوات الأسد.
ازدادت الأوضاع المعيشية سوءً فمن جهة مزق المرض الأجساد الهزيلة بسبب الجوع والمياه الملوثة فمعظم هذه الاحياء اعتمدت على المياه الجوفية وزادت حالات سوء التغذية والجفاف وتفشت الكوليرا والتهاب الكبد.
وبعد عامان على هذا الحصار ازدادت هجمات التنظيم على هذه الاحياء ومعه ازدادت اعداد الشهداء واصبحوا بين فكي كماشة الخوف والجوع وقذائف التنظيم التي تهطل كالمطر عليهم من جهة ومعاملة قوات الأسد لهم والاهانات المستمرة والتضيق وخطر الاعتقال من جهة أخرى.
ولعل الحصار المزدوج الذي تتعرض له المدينة يضاعف من معاناة أهلها حيث يقوم تنظيم داعش، بإغلاق الممرات والطرق البرية المؤدية إلى المدينة، بعد أن زرع الألغام في محيطها إضافة إلى القناصة المنتشرين عند المداخل البرية، الأمر الذي تستغله قوات الأسد الذي يسيطر على مطار دير الزور لإدخال الأسلحة والأعذية إلى قطاعاته العسكرية وتجار الحرب التابعين له، غير آبه لمصير أكثر من 100 ألف محاصر يعانون من الجوع ونقص في الخدمات في المدينة.
الموت يعصف بهم من كل جانب فهل يأتي يوما يجتمع فيه شمل العائلتين في ظروف افضل لكل الأطفال.
بقلم:
ياسمين المشعان