This post is also available in: English
لا يختلف اثنان على مقدار التضحية التي قدمها ولا يزال يقدمها أبناء دير الزور لنصرة الثورة السورية، فقد تعودنا على سرد سير لشخصيات أحدثت فرقاً في الحراك الثوري على الصعيدين السلمي والمسلح وباستشهادهم تركوا مكانهم فجوة يصعب سدادها.
لكن هذه المرة سنتحدث عن عائلة كانت تشكل ثورة بحد ذاتها ” عائلة المغير” من قرية غريبة بريف ديرالزور الشمالي، والتي قبل انطلاق الثورة بأعوام، قد عانت ما عانته من نظام الأسد بسبب رفض أبنائها الذل والهوان في محاولة منهم لإشعال فتيل الثورة ولكن لم يكن مقدر لهم ذلك، ومع انطلاق الثورة السورية شاركت هذه العائلة بكل ما أوتيت من قوة فيها، فقدمت سبعة شهداء قرباناً للثورة السورية لتكون مثالاً يحتذى به وتكون والدتهم خنساء دير الزور التي كانت تستقبل خبر استشهاد أبناءها بكل صبر وإيمان.
قصتهم مع النظام بدأت في عام ٢٠٠٤ عندما قامت أجهزة مخابرات الأسد باعتقال الابن الأكبر للعائلة عبد الرحمن مغير بعد رفضه الدعاء لبشار الأسد بعد الانتهاء من خطبة الجمعة في جامع القرية الصغير لعدة خطب على التوالي، بعدها جرت اعتقالات لعبد الرحمن و إخوته وفي كل مرة تهمة تختلف عن سابقتها وجميعها يصب في الإرهاب وإزالة كرسي الرئيس، استمر الحال على ما هو عليه حتى عام ٢٠٠٧ ليقوم النظام بمداهمة المنزل، واعتقال الإخوة الثلاثة الموجودين واقتيادهم إلى القامشلي ومن ثم إلى دمشق ليفاجئوا ببقية أخوتهم في نفس المكان، مارس المحققون بحقهم أبشع أنواع التعذيب بحجة انتمائهم لتيارات سلفية، ليتم الإفراج عنهم بعد عدة أيام باستثناء الأخ الأكبر عبد الرحمن ليتم تحويله إلى سجن صيدنايا ليكمل مسيرته من داخل السجن.
كان عبد الرحمن المرشح من قبل رفاقه للتفاوض مع آصف شوكت إبان عصيان السجناء في سجن صيدنايا والذي طلب ذلك من المعتقلين وبالفعل تم اللقاء ولكن دون جدوى، حيث لم يتنازل عبد الرحمن عن شروطهم وتوعد آصف باقتحام السجن وقتل كل من فيه بالفعل بدأ الاقتحام، وقاوم السجناء ولكن فرق العدة والعتاد أجبر من تبقى على الاستسلام ليتبين بعد انتهاء كل شيء بأن عبد الرحمن قد استشهد برصاصة قناصة في الرأس أثناء مقاومته لعناصر الأمن والجيش، بقي خبر استشهاد عبد الرحمن طي الكتمان بالرغم من محاولات عائلته الحثيثة لزيارته أو معرفة أي خبر عنه.
لتبدأ مسيرة عائلة مغير مع انطلاق الثورة ولم تكن بداية عادية حيث قدمت هذه العائلة ثلاثة من أبنائها شهداء في يوم واحد مع بداية العام ٢٠١٢ باسم مغير والذي لم يتمم ربيعه السادس عشر، والذي انشق عن قوات الأسد في أواخر عام ٢٠١١ بعد أن رفض مشاركتهم قتل المتظاهرين الأبرياء وفضل الانضمام للثوار في محافظته، أما الأخ الثالث فهو فايز وقد قضى قرابة أربعة أعوام في سجون نظام الأسد، بتهمة إزالة صور الرئيس تعرض خلالها لأشد أنواع التعذيب قبل أن يطلق سراحه أواخر عام ٢٠١١ وعلى الفور قام بتشكيل مجموعة مسلحة مؤلفة منه و أخويه باسم وبسام وابن عمهم وتعاهدوا على التصدي لأي حملة تحاول اقتحام قريتهم.
في الشهر الأول من عام ٢٠١٢ اتجهت حملة مؤلفة من عناصر أمن ومدعومة آليات ثقيلة وعناصر من قوات الأسد ألخ… إلى قريتهم لاقتحامها، وصل الخبر إلى أهالي القرية حيث طلبت هذه القوات خروج المطلوبين للنظام من القرية باستثناء الأخوة الثلاثة وقرروا التصدي للحملة وبدأ القتال فجر يوم الخميس ٥/١/٢٠١٢ لينتهي بعد ساعات قليلة باستشهاد الأخوة الثلاثة بعد نفاذ ذخيرتهم التي أصلاً كانت لا تكفي لصد حملة مؤلفة من سيارتين فقط ، لم يكتفي النظام بقتلهم والتنكيل بجثثهم بل احتجزها ورفض تسليمها لذويهم.
لم تستقبل والدتهم خبر استشهادهم فقط بل وصلها خبر ابنها البكر عبد الرحمن والذي قضى في سجن صيدنايا لم تكن ردة فعلها كما توقع البعض بل فاجأت الجميع بصبرها وإيمانها، وفوق هذا حثت من تبقى من أبنائها على متابعة الطريق حتى إسقاط الأسد ونظامه، حيث قامت بفتح منزلها للمجاهدين ليكون ابنها عبود قائداً لإحدى المجموعات التي قضت مضاجع النظام من خلال الضربات التي كانوا يوجهونها للحواجز في تلك المنطقة، حيث كان يقود مجموعة من الثوار على ضفاف الخابور بين دير الزور والحسكة لم تمض عدة أشهر على استشهاد أخوته الثلاثة حتى وافته المنية أثناء اقتحام احد الحواجز، التي كانت مدعمة بعناصر قناصة لتصيبه طلقة قناصة مع ثمانية من رفاقه في تلك الليلة على الفور وبعد استشهاد عبود تابع أخوته فواز وفيصل مهام أخيهم عبود وبدؤوا بتسيير أمور الكتيبة.
فيصل والذي انشق عن جيش الاسد مع نهاية عام ٢٠١١ لكنه لم يتمكن من الوصول الى دير الزور حيث تم اعتقاله على الفور ليقضي سبعة أشهر في المعتقلات ليتمكن بعدها من الفرار من سجن تدمر ويلتحق باخوته عل الفور في كتيبة الخنساء
لم تمض عشرة ايام على استشهاد عبود لينال فواز وفيصل الشهادة اثناء تحضيرهم لعبوة ناسفة كانوا ينوون استهداف احد الحواجز بها لتنفجر عليهم ويرتقوا شهداء لتنتهي مسيرة تلك العائلة بتقديم سبعة من أبنائها في سبيل الثورة.