لم يتمكن عصام زهر الدين من كتابة مذكراته كما فعل جدّه اللواء عبد الكريم، رئيس هيئة أركان الجيش السوريّ الأسبق خلال عهد الانفصال بين مصر وسوريا (1961-1963). عندما وقع انقلاب الضباط البعثيين بنسخته الأولى في عام 1963. وبعد سنواتٍ قليلة، ومن منفاه في لبنان، كتب زهر الدين مذكراته عن الانفصال، والتي لم تخلُ من المغالطات والترّهات لكنها خلت من أي ذكرٍ لابن شقيقته الملازم أول معزّى، وصديق معزّى الجاسوس الإسـرائيليّ الشـهير إيلي كوهين، الذي اسـتثمر علاقته المتينة بابن شقيقة رئيس الأركان ليؤسّس لشبكة علاقاتٍ واسعةٍ في الجيش والحكومة والمجتمع. وبعد انكشاف أمره حكم بالإعدام ونال معزّى عقوبته بالسجن لخمس سنوات.
بعفوٍ من حافظ الأسد، قائد الانقلاب الأخير في تاريخ البلاد السياسيّ، والذي لم يعفُ قطّ عمّن يمكن أن يشكل خطراً ولو ضئيلاً عليه؛ عاد عبد الكريم زهر الدين إلى سوريا ليعيش أربعة عقودٍ تقريباً في قريته الصورة الكبيرة في ريف السويداء. سنواتٌ كثيرةٌ جداً لم يتذكره خلالها أحدٌ إلى يوم وفاته في عام 2009، حين رفع حفيده العقيد – آنذاك – عصام شاربيه، ووقف ببدلته العسكرية في “الأجر” ليلقي كلمة آل الفقيد مفاخراً بجدّه و”مواقفه الوطنية”.
عُيّن عصام زهر الدين قائداً للواء 105 في الحرس الجمهوري ومع تصاعد العمليات العسكرية في بابا عمرو بحمص تم نقله إلى هناك لإخماد المعارك وثم نُقِل إلى حلب ودرعا وآخراً في دير الزور خلفاً للعقيد علي خزام وتسلّم مهامه في عام 2013. من مجزرةٍ إلى أخرى في حمص وريف دمشق ودير الزور. أصبح بهذه المجازر نجماً يتباهى بنفسه.
تعتبر مجموعته التي اطلق عليها اسم “نافذ أسد الله” في دير الزور قوة دعم لكل النقاط التي تحتاج لمؤازرة ولكن في الآونة الأخيرة تركّز عمل المجموعة على جبهة المطارالعسكري، ويعتبر زهر الدين المسؤول المباشر الى جانب قائد المطار العميد بسام حيدر عن قصف أحياء المدنيين في دير الزور. ومع كل إشاعة تنتشر بمقتل زهر الدين نجد الإعلام السوري يخرق تقاليده ليتصل
به شخصياً وينفي خبر مقتله بالقول “إن روحه تقمّصت”
على مدى أشهر طويلة من قيادته للمعارك في دير الزور والشرق السوري لم يحقق زهر الدين أي انجاز يذكر، لكن لعل أهم مافي الامر هو تثبيته جيش النظام على تماس مباشر مع داعش في أحياء دير الزور التي يعتبرها التنظيم ولاية له وإدخال التنظيم في حرب استنزاف طويلة كما في حويجة صكر وتقدم ملحوظ في حويجة المريعية وجبال الثردة التي حررها الجيش الحر منذ أكثر من عام ونصف من قوات النظام.
بالتزامن مع سيطرة داعش على دير الزور وبعد المجازر التي ارتكبتها الاخيرة في المحافظة، لجأ مقاتلون من عشيرة الشعيطات إلى مناطق النظام لقتال داعش، استثمر زهر الدين قدوم هؤلاء المقاتلين، فوصفهم بما يسمى جيش العشائر بعد ان التقت مصالحهم فأصبح عدوهم واحد. اتخذ زهر الدين المدعو عبد الباسط من الشعيطات مرافقاً له في معاركه ضد داعش حتى أصبح اعلام النظام يذكر جيش العشائر مع قوات النظام في جميع تقاريره ونشرات اخباره. ومنذ فترة قريبة قتل عبد الباسط قرب المطار في ظروف غامظة.
في الوقت الذي فرضت فيه داعش حصاراً على أحياء الجورة والقصور ومنعت الدخول أو ادخال المواد الغذائية بحجة انها تخضع للكفار والمرتدين، رد عليهم عصام زهر الدين بالمثل وأصدر أمراً يمنع خروج أي مدني من مناطقهم إلى مناطق سيطرة داعش وبذلك اشترك الاثنان بقتل أبناء دير الزور وتجويعهم.
“قاتلكم من السويداء” تلك هي الرسالة التي أراد النظام في تقاريره واخباره ايصالها لأبناء ديرالزور لكن أبناء السويداء مصرّون أن المجرم زهر الدين حالة شاذة لا تمثل أهالي جبل العرب وأحفاد سلطان باشا الأطرش.