رامي أبو الزين – ديرالزور24
سنة جديدة أخرى مقفرة، مرت على محافظة ديرالزور وهي تكتسي السواد، أيام وشهور حملت بين ثناياها الكثير من الأحداث والتفاصيل على أبناء دير الزور القابعين في غياهب تنظيم داعش.
تغيرات ديموغرافية، وأخرى اقتصادية، حلت على المحافظة المكلومة، عودة بالحياة إلى ماقبل مئات السنون، وعزل أبنائها عن المحيط الخارجي بكل تفاصيله إلامن الحمم الملقاة من الطيران الحربي الذي لا يغادر سماءها إلا في المناسبات، وقد تعدد أصنافه وتبعيته.
منذ أن بسط تنظيم داعش سيطرته على المحافظة في أواخر عام 2014، عمل على احكام قبضته على جميع جوانب الحياة في المحافظة، فوضع هيكلية لإمارة عرف عن أبنائها مناوئتهم لهيمنة “جنود الخلافة “، فماهي أهم محطات عام 2016للتنظيم والمدنيين في ديرالزور ؟.
عسكرياً، اتسمت جبهات القتال مع نظام الأسد في المحافظة بالمراوحة بنفس بالمكان، حيث لم يسجل أي تقدم لقوات داعش على قوات الأسد، عدا بعض النقاط الصغيرة كحاجز جميان في حي الصناعة بمدينة ديرالزور، حيث استطاع التنظيم وعن طريق استخدام عربة مفخخة، أن يسيطر على الحاجز بعد تفجيره ويذكر أن المفخخة قادها أحد أبناء ديرالزور من قرية الشعيطات وفجرنفسه بالحاجز، وأيضا شهدت جبهة جبال ثردة المحاذية لمطار ديرالزور العسكري معارك كر وفر بين التنظيم وقوات الأسد لم يكتب الحسم لأي من الطرفين، كماقام التنظيم باستهداف أحياء القصور والجورة وهرابش بشكل شبه دوري مما أدى إلى وقوع ضحايا بأعداد كبيرة بين صفوف المدنيين المحاصرين .
وفي السياق ذاته، لوحظ انخفاض في أعداد المقاتلين من أبناء المحافظة المنتسبين للتنظيم عن الأعداد التي انضمت في عام 2015، حيث قدرعدد أفراد تنظيم داعش في المحفظة حوالي 4000 بين أمير ومقاتل وعناصر شرطة اسلامية، كما خفض التنظيم رواتب عناصره من 100دولار إلى 50 دولار تقريبا معزيا ذلك إلى الوضع الإقتصادي “الصعب ” للتنظيم.
كما شهد عام 2016 يذكر أيضاً محاولة لجيش (سوريا الجديد ) السيطرة على مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، حيث باغتت عناصر سوريا الجديد تنظيم داعش في المدينة بهجوم شنته من البداية، فتمكنت من دخول المدينة لعدة ساعات ليطلب التنظيم مؤازرات من المناطق القريبة ويسترد المدينة بنفس اليوم .
وفي قطاع التربية والتعليم، شهد عام 2016 توقف شبه كامل لعجلة التعليم في محافظة دير الزور، فقد قام التنظيم بإغلاق جميع المدارس العامة، ومنح رخص لأشخاص لافتتاح مدارس خاصة، زاشترط على من يحصل على الرخصة أن يدرس المنهاج الخاص بالتنظيم في مدرسته.
لم تلق فكرة المدارس الخاصة الترحيب لدى أهالي ديرالزور، بسبب عدم تقبل المنهاج من جهة، وارتفاع أجور هذه المدارس، مما أدى إلى حرمان أطفال دير الزور من التعليم، وتوجه أغلب الأهالي لإرسال أبنائهم إلى أصحاب الحرف والمشاغل كي يتقنوا صنعة قد تفيدهم في المستقبل.
وفي قطاع الصحة، لم يكن قطاع الصحة في دير الزورفي 2016 أفضل حالاً من قطاع التعليم، فقد قام التنظيم بإغلاق العديد من المراكز الصحية والمستشفيات في المحافظة، وضيقوا الخناق على ماتبقى من أطباء، ومنعوا أطباء النسائية (الذكور) من مزاولة مهنتهم، ووضعوا بدلاً عنهم طبيبات بعضهن لم تكمل دراستها مع قلة الخبرة في مجال تلك الأمراض، ما أدى إلى ارتفاع الوفيات الناجمة عن الولادة وازدياد حالات تشوه الأجنة، وتردي في مستوى علاج الأمراض النسائية، كما فرضوا على أطباء الأسنان عدم استقبال المرأة إلى بوجود محرم معها، ويجب على المرأة تغطية وجهها أثناء المعالجة ويضع الطبيب جهاز على الفم فقط ليتم الكشف عنه.
وأصبحت جميع المراكز التي كانت تقدم الخدمات المجانية للمدنيين مأجورة، مع رفع أجور الأطباء والتي بدورها تخضع لضرائب تعود للتنظيم.
وانتشرت في كثير من مناطق دير الزور بعض الأوبئة الجلدية كحبة حلب (اللاشمانيا ) ولم تتوفر اللقاحات والعقاقير المناسبة لمواجهتها، كما شهد عام 2016 هجرة الكثير من أطباء دير الزور إلى خارج مناطق سيطرة التنظيم، بسبب ممارسات الأخير والضغوط المتزايدة عليهم .
اقتصادياً وهو الأهم، تحكم تنظيم داعش بالموارد الإقتصادية في محافظة دير الزور، ففي العام المنصرم قام برفع سعر برميل النفط حوالي ثلاثة أضعاف ماكان عليه في 2015، كما عمل على رفع أسعار المحروقات لمستويات عالية جداً، وكان لهذه التدابير انعكاس ملحوظ على حياة مدنيي دير الزور، حيث يتم بيع نفط المحافظة بأسعار مرتفعة جداً لتجار نفط عراقيين، علاوة عن تصدير المنتجات الحيوانية والنباتية من دير الزور باتجاه العراق ومايترتب عليه من ارتفاع أسعار هذه المواد في أسواق ديرالزور.
ولوحظ في عام 2016 ارتفاع كبير في مستوى الأسعار والبضائع مترافق مع ركود في الأسواق وشبه جمود في شتى مجالات العمل، وانخفاض كبير في متوسط دخل الفرد حيث وصل لأدنى المستويات وباتت النسبة الأعلى من أهالي دير الزور تعيش تحت مستوى الفقر.
كما شهد عام 2016 تدمير معظم جسور المحافظة من قبل طيران التحالف والتي كانت تعتبر شرايين حياة تربط ضفتي المدينة ببعضها، ما أثر بشكل كبيرعلى أهالي دير الزور، بتحمل أعباء ومصاريف مرتفعة للتنقل بين مناطق المحافظة ونقل البضائع وحتى وسائل النقل.
اجتماعياً، يعتبر الأسوء حيث استمر التنظيم بتطبيق سياساته الخانقة على المدنيين، فقد شهد عام 2016فرض التنظيم للكثير من القوانين الجائرة بحق المدنيين، كقانون تحريم لباس (البنطال ) أو أي لباس آخر عدا اللباس الباكستاني الذي يرتديه التنظيم، كما سن عقوبات صارمة على من يقوم بقص شعره بطريقة لا تناسب تعاليم التنظيم، كما كثف التنظيم من مراقبته لمقاهي الإنترنت والتي تعتبر السبيل الأوحد لتواصل الأهالي مع ذويهم خارج مناطق سيطرته، وقام بإغلاقها عدة مرات كنوع من العقاب لهؤلاء المدنيين، كما شن التنظيم في 2016 حملة لمصادرة أجهزة الإستقبال الفضائي والتلفاز ومنعها في كامل محافظة دير الزور، مماكان سببا في عزل الأهالي بشكل شبه كامل عن العالم الخارجي، كما فرض دورات “شرعية” مكثفة على الأهالي وفرض عقوبات على من لا يلتزم بها.
من جانب العلاقات الإجتماعية والنسيج الإجتماعي، شهدت ديرالزور في عام 2016 تغييراً كبيراً للمحافظة، فكان هناك تزايد ملحوظ وكبير في أعداد المهاجرين وعوائلهم القادمون من الموصل والريف الحلبي وتدمر، وفي الجهة المقابلة تزايد في أعداد المدنيين من أبناء ديرالزور المغادرين للمحافظة خارج مناطق سيطرة التنظيم .
وقد كلل عام 2016 بالإضافة إلى كل ماعاناه أهالي ديرالزور من ممارسات تنظيم داعش في شتى القطاعات، ومن مجازرارتكبها طيران التحالف والطيران التاعب لنظام الأسد وروسيا، بمرراة الخذلان بعد الاتفاق المبرم لوقف اطلاق النار والذي استثناهم كمدنيين واعتبرهم خارج القضية السورية.