تصدرت أخبار محافظة دير الزور، في الآونة الأخيرة ساحة الإعلام الثوري المعارض وأيضا المؤيد لنظام الأسد, فبعد تقدم قوات النظام إلى المدينة من محوريها الشرقي والغربي جنوب الفرات، وتقدم مليشيا “قسد” من محورها الشمالي و الغربي شمال الفرات, كان الجانب الإنساني والمدني يشغل حيزاً كبيراً من الاهتمام على مواقع التواصل الاجتماعي, فمن المجازر الى النزوح ثم القصف والدمار، إلى عمليات السرقة الممنهجة التي تقوم بها تلك المليشيات، أو ما يعرف محلياً بـ “التعفيش”.
يعود مصطلح “التعفيش”، الى الحضور في مناطق دير الزور التي سيطرت عليها مليشيات النظام مؤخراً، وهو مصطلح أطلقه الثوار المعارضين للنظام في سوريا، منذ اطلاق الثورة السورية مطلع عام 2011, والتصق بعناصر المليشيات النظام وفي مقدمتها الدفاع الوطني وكتائب البعث, والتي يصفها إعلام النظام بـ “القوات الرديفة”، نتيجة عمليات السرقة التي تقوم بها لمنازل المدنيين.
سباق “تعفيش” بين مليشيا النظام و “داعش”
مليشيات النظام بعد سيطرتها على مناطق في الريف الغربي “خط الشامية”، وتحديداً قرى الشميطية والخريطة والمسرب وعياش والتبني, ومدن الميادين وموحسن والبوليل بالريف الشرقي، قامت بسرقة منازل وممتلكات المدنيين من أثاث وآليات نقل ومواشي وغيرها، بعلم من ضباط النظام وأحياناً بأمر منهم ،إذ تكون لهم نسبة من عائدات “التعفيش” والسرقات, حيث تنقل تلك المسروقات الى مناطق سيطرة النظام في المدينة بحيي الجورة والقصور ، و تباع بأسعار زهيدة في محاولة من النظام وميليشياته كسب رضا واصطفاف المدنيين الى جانبهم وخصوصاً بعد 3 سنوات من الحصار، الذي كان يفرضه تنظيم “داعش” على هؤلاء المدنيين في أحياء مدينة دير الزور الغربية.
“تعفيش” مليشيات النظام، يقابله عمليات سرقة يقومها بعناصر تنظيم “داعش” من المنازل والمحال التجارية في مناطق متفرقة من محافظة ديرالزور، خاصة بعد خلو الكثير من تلك المناطق من سكانها، نتيجة القصف المستمر وتخوفاً من تقدم مليشيات النظام إليها.
ومن خلال شهادات العديد من المدنيين الذين وصلوا إلى الأراضي التركية , تكررت الروايات عن حالات السرقة التي طالت منازلهم بعد خروجهم منها من قبل عناصر تنظيم “داعش”، خاصة قرى ريف ديرالزور الشرقي، حيث تفرقت تلك السرقات بين:
– سرقة مشرعنة : والتي قامت بها دواوين التنظيم، الذي أصدر قرار يجرم كل شخص غادر “أرض الخلافة” بالكفر، واستباحة الممتلكات من عقارات وأراضي ومواشي وغيرها.
– سرقة السلب الخفي : وهي التي يقوم بها عناصر التنظيم خلسةً، ويتم تصريف المسروقات في أسواق المستعمل، التي تنتشر في المناطق الأقل تعرضاً للقصف.
ذه الحالات وبحسب المدنيين الذين رووا قصصهم، كانت تأخذ طابعاً انتقامياً من قبل عناصر التنظيم، خاصة العائلات التي يوجد من أبنائها عناصر قاتلوا التنظيم قبل وبعد سيطرته على المحافظة، وينتمون لفصائل الجيش الحر والكتائب الإسلامية.
شهادات:
أم حسين أم لخمس أبناء اثنان منهم كانوا بصفوف الجيش الحر قبل دخول “داعش” إلى محافظة ديرالزور وكانوا من الذين قاتلوا التنظيم , لينحازوا بعد ذلك الى الشمال السوري في حلب وإدلب قالت “بعد سيطرة التنظيم على دير الزور وتحديداً ريفها الشرقي , وخروج أبنائي إلى الشمال السوري، تعمد عناصر التنظيم على مضايقتنا وأطفالي الصغار, فكانوا يداهموا منزلنا بين الحين والآخر بحثاً عن أبنائي، وبعد اشتداد القصف الجوي على مدينة دير الزور وتقدم مليشيا النظام، عزمنا على الخروج من أراضي التنظيم، وما إن وصلنا مناطق سيطرة الجيش الحر في الشمال، تواصلت مع أقاربي الذين بقوا في المنطقة ليخبروني بأن عناصر التنظيم، اقتحموا منزلنا وقاموا بنهب وسرقة كل ما فيه” .
وأضافت أم حسين والحزن والحرقة يعتصران قلبها “لست حزينة على شيء في منزلي المسروق، سوى لفحتين نسجتها بألوان علم الثورة لأولادي التي كانوا يرتدونها أيام الشتاء في معاركهم ضد مليشيا النظام بدير الزور، لقد أحرق عناصر “داعش” تلك اللفحتين، وكأن ثأرهم من أولادي انتهى بسرقة منزلي وحرق القماشتين”
أما محمود 37 عاماً من أهالي ريف ديرالزور الشرقي قال “مع اشتداد القصف الجوي على بلدتي الصغيرة ونزوح كل العوائل المدنية من حارتي , بقيت أنا وأحد الأصدقاء في الحارة لحماية ممتلكاتنا من السرقة”.
يتابع محمود قائلاً : “في أحد الأيام ذهبت لتفقد أحد المنازل التي كلفت بحمايتها، والتي اعتدت أن أقضي غالب وقتي بها برفقة صاحبها الذي غادر المنطقة قبل عدة أيام, دخلت المنزل وهنا كانت المفاجئة، فلم أجد أثاث المنزل ولا مولدة الكهرباء ولا دراجة صديقي النارية, استهجنت ذلك الموقف ولكن لم أخبر أحد بما حدث، بعد عدة أيام أثناء ذهابي الى إحدى القرى في الريف الشرقي، فإذ بدراجة جاري يقودها أحد عناصر تنظيم “داعش” الذين اعتدت رأيتهم في حارتي عند كل مساء” ذهبت الى مقر الحسبة لتقديم بلاغ بذاك العنصر وبعد أن سردت لرجل “الحسبة” ما حدث ودون أخذ و رد ما كان منه إلا أن قال ” الأخوة في حالة حرب وقد يحتاجون لتلك الأغراض ….. ولديهم رخصة بذلك”.
عندها أدركت أن وجودي في منزلي وعدمه لن يحميه من السرقة، وبقي سؤال يجول في خاطري ولم أجد له تفسير “هل تدخل عائدات التعفيش في بيت مال المسلمين؟؟؟ أم في الغنائم أم لها فتوى أخرى؟؟؟ لكن ما أعلمه أنها “تعفيش” مشروع بحسب شرعيي التنظيم نفسه.
بقلم:
سعد الحاج