This post is also available in: English
كالعادة وبدون مقدمات , فقد فاجئ الرئيس الأميركي دونالد ترمب العالم بأكمله حينما قرر في تغريدة على موقع تويتر بأنه سوف يسحب القوات الأميركية المتواجدة على الأراضي السورية بل وعلى عجالة من أمره .
في ساعات قليلة تخلى ترمب عن أقرب حلفائه والذي اعتمد عليهم منذ عدة سنوات في قتال داعش ” الأكراد ” , التخلي هذا جاء بعده ردة فعل تفاجئت بها قوات سورية الديمقراطية من حليفها الولايات المتحدة الأميركية متمثلة برئيسها حينما أعلن عن قرار بسحب القوات الأميركية من سورية بل وحدد الفترة الزمنية المرتقبة لذلك .
الأكراد وفي أول ردة فعل لهم عبّروا عن ذلك بأنها طعنة في الظهر ووصفوها أيضاََ بالخيانة , فكيف لحليف كالولايات المتحدة الأميركية أن يتخلى عنَا بهذه السرعة , هذا ما فُهم من الجانب الكردي المتمثل بقوات سورية الديمقراطية .
مما لا يعلمه الكثيرون هو الخلافات السرية التي حصلت منذ أيام بين الولايات المتحدة وبين قسد , حينما قرر الأميركان التوافق وإرضاء الجانب التركي فيما يتعلق بنقاط المراقبة المتفق عليها دولياََ بالإضافة للضغوطات التركية المستمرة على الأميركان في محاولة لإنهاء تلك الشراكة المستدامة ما بين قسد والأميركان , ويبدو للوهلة الأولى أن الأتراك بالفعل قد نجحوا في أولى تلك الخطوات بعد إعلان الرئيس الأميركي اليوم عن سحب قواته من سورية خلال فترة وجيزة .
في العودة للخلاف الكردي الأميركي كان سببه أن الأميركان أرادوا استقدام عناصر من قوات البيشمركة الكردية العراقية وكانوا حتى جاهزين بعتادهم وعدتهم , فالدفعة الأولى المتفق عليها كانت لا تتجاوز بضعة عشرات ولاحقاََ يتم استقدام دفعات أخرى ربما تصل لأكثر من 500 مقاتل من البيشمركة , وأثناء نقاش الأميركان مع قوات سورية الديمقراطية حول هذه النقطة , جوبهت الولايات المتحدة الأميركية بردة فعل ورفض مباشر من قسد بعدم الموافقة على إدخال أي عنصر من البيشمركة أو أي عناصر أخرى من خارج سورية .
الأميركان لبضعة أيام حاولوا جاهدين ذلك ولكن لم يتوصلوا لنتيجة ولعل ذلك كان السبب لقرار الرئيس الأميركي بهذه العجالة لسحب العناصر الأميركية المتواجدة في سورية وإفساح المجال للأطراف الدولية الأخرى على الأرض بما فيها تركيا وروسيا , فكانت ردة فعل الروس الأولى هي الترحيب بهذا القرار الذي صدر عن الرئيس الأميركي .
لم يصدق الرئيس الأميركي حينما ذكر أن داعش انتهت وأن مهمة الولايات المتحدة كانت هي للقضاء على داعش ,ولكن هذا لن يختلف كثيراََ عن سياسة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الذي ولمرات كثيرة هدد نظام الأسد وحذره من تجاوز الخطوط الحمر , حتى حينما استخدم الأسد السلاح الكيماوي في 2012-2013 , لم يحرك أوباما أي ساكن .. اليوم ذات الصورة نجدها بسيناريو آخر على لسان الرئيس ترمب حينما يقول أن داعش قد انتهت ونسي تماماََ أن أساس داعش كان ضمن فصائل متفرقة متمردة ولاحقاََ وبسبب استهتار دولي وعدم جدية في القضاء على ذلك التنظيم , تمكن داعش من تأسيس نفسه بل وتوسع في السيطرة حتى أصبح يسيطر على مساحات ربما تعادل مساحة بريطانية العظمى .
فرح تنظيم داعش بهذا القرار الأميركي بسحب تلك القوات وسوف يعمل جدياََ على استخدامه كنصر له ولعناصره الذين لطالما انهاروا وخسروا المئات من المقاتلين وخسروا كل ما كانوا يملكونه من قوة عسكرية وبشرية , بالرغم من الجيوب القليلة المتبقية في المنطقة , ولكن ما غفلت عن الولايات المتحدة أن تلك الجيوب المتبقية سوف يصحو منها ذلك التنظيم ويعيد كرّته الأولى ولربما سوف نشهد تقدماََ جغرافياًً لداعش يقلب الموازين والمعادلة العسكرية الدائرة في شرق ديرالزور , لكن هل من المتوقع أن تشارك روسيا وإيران أيضاََ في شرق الفرات بعد انسحاب الأميركان منها ؟ هل سوف تسلم المنطقة بالكامل لنظام الأسد وكأنك يا زيد لم تغزو ؟