This post is also available in: English
غاب التعليم كما غابت أغلب مفاصل الحياة عن بلدة الشعفة منذ أعوام، بسبب هيمنة تنظيم داعش عليها ومنعه للتعليم إلى جانب العديد من احتياجيات المجتمع، وبعد رحلة نزوح طويلة لأهلها إثر تحول بلدتهم لساحة لمعارك ضارية بين التحالف الدولي وقسد من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى أتت على البشر قبل الحجر، عاد أبناء الشعفة ليعمروا بلدتهم ويعيدوا إليها شرايين الحياة التي قُطّعت.
التعليم جاء على قائمة أولويات الأهالي في بلدة الشعفة، لإدراكهم مدى خطورة الجهل الذي خيّم على أطفالهم بسبب ممارسات تنظيم داعش، و وحشية المعارك التي ألّمت بمنطقتهم، فسارعت مجموعة من أبناء الشعفة وبمبادرات فردية على وضع خطة سريعة لإعادة دوران عجلة التعليم في البلدة.
بتكاتف الأهالي ومعلمي البلدة، استطاعوا وبفترة وجيزة تجهيز 8 مدارس من مدارس الشعفة ال27، حيث دمرت منها 15 مدرسة بشكل كامل، أما البقية فكانت بحاجة لبعض الترميم وإعادة التأهيل.
تعاني الأبنية المدرسية الثمانية المؤهلة حديثاً على يد أبناء الشعفة، من نقصٍ حاد في المقاعد الدراسية، فيفترش الطلاب الأرض أثناء تلقي الدروس ، وغياب تام للألواح، حيث يظطر المدرسون على إعطاء الدروس بشكل شفهي، بالإضافة إلى معاناة المدرسين لعدم وجود منهاج دراسي مخصص، إذ أنهم يعتمدون على مناهج نظام الأسد القديمة، إلى جانب منهاج اليونسيف.
مع قدوم العام الدراسي الجديد 2019-2020، بلغ عدد الطلاب المسجلين في مدارس الشعفة حوالي 5000 طالباً، بسبب تشجيع الأهالي لأطفالهم للالتحاق بالمدارس، علّهم يعوضوا ماخسروه من تعليم خلال الأعوام الماضية، حيث وصل عدد الطلاب في بعض المدارس إلى 500 طالباً، وجميع المدارس الموجودة حالياً في الشعفة هي مدارس تعليم أساسي، ولم تفتح أي مدرسة إعدادية أو ثانوية إلى الآن.
يشرف على العملية التعليمية في بلدة الشعفة، عددٌ من المدرسين المتطوعين من أبناء البلدة، تتنوع اختصاصاتهم وشهاداتهم(كلية تربية، معاهد متوسطة، هندسة، شهادة ثانوية)، إلى جانب وجود عدد قليل من المعلمين المثبتين من قبل المكتب التعليمي التابع لمجلس ديرالزور المدني، ويبلغ المرتب الشهري لكل معلم مايقارب الـ 60 ألف ليرة سورية.
بعد السنوات المظلمة التي عاشها أهالي بلدة الشعفة كغيرهم من أبناء مناطق ريف ديرالزور، إبّان حكم تنظيم داعش المتطرف للمنطقة، ومع منع التنظيم للتعليم، وحالة الضياع التي عاشها جيلٌ من أطفال ديرالزور ممن عاصروا التنظيم، أدرك الأهالي مدى أهمية التعليم في إنقاذ أبنائهم من مخاطر الجهل ودروبه التي توصل إلى نهايات كارثية تؤدي إلى تهدم المجتمعات ومقدراتها.