مدينة دير الزور هي أكبر مدينة من المدن الواقعة شرق سورية، وهي مركز محافظة دير الزور، تقع على نهر الفرات ويوجد فيها سبعة جسور مقامة على النهر الذي يقسم المدينة إلى قسمين، ويعرف عنها أنها سلة غذاء سوريا.
ثوار دير الزور لم يرضوا بأن تكون شرارة الثورة فيها التباس مجرد مظاهرة تعبّر عن التضامن مع درعا الثائرة التي كانت تتوارد الأنباء يومها عن استشهاد عدد من أبنائها برصاص قوات الأسد في 18 آذار 2011، فاتفق مجموعة من شباب حي المطار القديم بدير الزور بعدها بأسبوع أي في جمعة “العزة” 25 آذار 2011 على تنظيم مظاهرة تكون شرارة صريحة للثورة في المحافظة.
وبالفعل كانت نقطة الانطلاق يومها من جامع عثمان بن عفان في حي المطار، فما أن فرغ المصلون من أداء صلاة الجمعة في ذلك اليوم (25 آذار) حتى انطلق عدد قليل من الشباب بالتكبير وهتافات الحرية والسلمية ونصرة درعا، وانضم آخرون للمظاهرة خارج الجامع ولم يستمر المسير سوى حارتين حتى كان الشبيحة وعناصر الأمن وأذناب النظام لها بالمرصاد فتم فضها بالقوة واعتقال المشاركين فيها.
في الجمعة التي بعدها استطاع المتظاهرين الخروج من نقاط كثيرة فعملت قوات الأسد على حشد الشبيحة و توجيههم لقمع المظاهرات فاطلقوا سراح المساجين اصحاب السوابق و التهم الجنائية لقمع المتظاهرين فاستخدموا العصي و الاجهزة الكهربائية لايقاف المظاهرات ولكن دون جدوى.
مظاهرة “الجمعة العظيمة” في 22 نيسان 2011 كانت نقطة فاصلة في مسيرة الثورة بدير الزور، فبعد اللجوء خلال الأسابيع التي سبقتها إلى تنظيم مظاهرات طيارة رديفة تنطلق من الجوامع في الأحياء المجاورة لحي المطار لتشتيت الأمن عن مظاهرة جامع عثمان، اجتمع العشرات من الناشطين في “الجمعة العظيمة” بالساحة المقابلة لمسجد عثمان في محاولة منهم لتنظيم مظاهرة محدودة في ظل التشديد الأمني الخانق والرعب الذي كان ما يزال عالقاً على النفوس.
إلا أنه سرعان ما انضم إلى أولئك الناشطين المئات من المتظاهرين الذين تزايدت أعدادهم بشكل كبير لينطلق الآلاف بعدها في مظاهرة استطاعت كسر الطوق الأمني الذي حاول تطويقها ومنعها من الخروج من الحي، وتوجهت المظاهرة إلى ساحة الحرية أو (الباسل) كما كانت تسمّى وقتها، وتمكن المتظاهرون من نزع تمثال باسل الأسد على حصانه الذي كان مزروعاً وسطها وإحراقه بعد رميه بالأحذية، وردد المتظاهرون هتافات إسقاط النظام إضافة إلى الهتاف الذي تفرّد أبناء المحافظة بترديده وهو “يا جامع ويا جبان هاي الدير مو لبنان”، في رسالة تحدٍ واضحة للعميد جامع جامع رئيس فرع الأمن العسكري بدير الزور.
تسارعت الأحداث في دير الزور كباقي المحافظات الثائرة واتسعت دائرة المتظاهرين مع سقوط وتشييع أول شهيد برصاص الأمن بمدينة دير الزور”معاذ الركاض17 عاماً” مطلع حزيران 2011، حيث خرج أبناء مدينة دير الزور بمئات الآلاف وذلك في جمعة “أحفاد خالد بن الوليد” بتاريخ 22 تموز 2011، تضامنا مع أهالي مدينة حمص التي كانت تتعرض لعملية عسكرية عنيفة قبل أسبوع، وبلغ عدد المتظاهرين أكثر من 550 ألفاً تجمعوا في ساحة الحرية بدير الزور عقب صلاة الجمعة.
وفي شهر تموز عام 2011 اتسعت رقعة المظاهرات في المدينة و الريف ففي المدينة اصبحت المظاهرات صباحية و مسائية أما الريف فكانت كل ناحية تجتمع في مظاهرات مسائية و تخرج يوم الجمعة مطالبة بإسقاط النظام.
في نهاية الشهر السابع خرجت محافظة ديرالزور في سلميتها عن سيطرة النظام فبدأ النظام للتحضير لمرحلة دخول الجيش الى المحافظة فارسل الجنود و السلاح الثقيل الى ديرالزور تبعها خروج عدد من الشبيحة اصحاب السوابق على التلفزيون السوري يطالبون بدخول الجيش.
ديرالزور: لحظة اقتحام المدينة بالدبابات و المدرعات العسكرية لمواجهة المتظاهرين السلميين