This post is also available in: English
أصدرت القيادة المركزية الأمريكية أمس الجمعة 18/9/2020 بيانا تحدثت فيه عن تعزيز تواجد قواتها في شمال شرق سوريا، وبما يدعم تواجد قواتها في إجراء وصفته بأنّه (دليل واضح على تصميم الولايات المتحدة للدفاع عن قوات التحالف) وذلك عبر تكثيف دوريات المقاتلات الأمريكية ودعم دوريات مقاتلات برادلي، وهو ما صرّح به أيضا في ذات اليوم والسياق المتحدّث باسم قوات التحالف عملية العزم الصلب العقيد واين ماروتو، حيث أصدر تصريحا حول ( نشر مركبات إم2 أي2 برادلي في سوريا)، وجاء فيه: (إنّ قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب تخطّط لنشر أصول مشاة ميكانيكية، بما في ذلك مركبات برادلي القتالية، في سوريا لضمان حماية قوات التحالف والحفاظ على حرية حركتهم حتى يتمكنوا من مواصلة عمليات هزيمة داعش بأمان).
داعش التي لا تنتهي
في 22 آذار/ مارس أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصريح له أمام الصحفيين، (إنّ القوات المدعومة من الولايات المتحدة طردت تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من آخر معاقله في سوريا، واستطاعت أن تهزم داعش بنسبة 100 بالمئة)، وهو ما كرّره لاحقا في 07 أكتوبر / تشرين الأول 2019 بقوله (سريعًا، هزمنا داعش بنسبة 100٪، بما في ذلك القبض على الآلاف من مقاتلي داعش)، لكنّ الفارق في التصريح الثاني أنّ أعلن عن سحبه للقوات الأمريكية وذلك عبر سلسلة تغزيدات كانت ضوءا أخضرا أمريكيا لاجتياح واحتلال تركيا لمناطق رأس العين وتل أبيض، إلا أنّ داعش لم ينتهي 100 % كما قال ترامب الذي جاءت تصريحاته بمثابة التنصل من حمايته لحلفائه في المنطقة، ولذلك وافق لاحقا بضغط من إدارته ومستشاريه وقياداته العسكرية على الإبقاء على قوات صغيرة العدد في سوريا.
إنّ تنظيم داعش فقد بالفعل فاعليته لأنه لا يستحوذ على الأرض، إضافة إلى أنّه هزم عسكريا، إلا أنّ طبيعة التنظيم المتشدّد وبقاء عناصر منه في مناطق نائية في البادية السورية ساعده في شنّ بعض الهجمات المحدودة، إضافة إلى إثارة القلاقل عبر تفخيخات وعمليات اغتيال، وقد عملت قوات التحالف مع شركائها المحليين على حملات أمنية عديدة قصمت ظهر التنظيم المشتت.
ومع أنّ توارد اسم داعش وعمليات الاغتيال وإثارة القلاقل في مناطق دير الزورلا يزال موجودا، إلا أنّ التنظيم فقد قدرته على لملمة شتاته وخاصة أنّ الكثير من قياداته وعناصره الفاعلة إما قتلوا في العمليات العسكرية أو هم ضمن معتقلات محلية تديرها قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف.
ويأتي تصريح المتحدث باسم التحالف حول تعزيز قواتها ودعمها وحماية تواجدها في إطار القضاء النهائي على داعش من جهة، وإلى التدليل على أنّ داعش لم ينتهي بعد، وأنّ التحالف الدولي يعمل على استراتيجية منع ظهور داعش من جديد، والقضاء على خلايا التنظيم.
حماية قوات التحالف، لكن ممن؟!
جاء في التصريح الذي نشره العقيد واين ماروتو المتحدث باسم التحالف (إن قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب تخطط لنشر أصول مشاة ميكانيكية، بما في ذلك مركبات برادلي القتالية، في سوريا لضمان حماية قوات التحالف والحفاظ على حرية حركتهم حتى يتمكنوا من مواصلة عمليات هزيمة داعش بأمان)، لكن قوات التحالف وعلى ما يبدو لا تتحرّك بحرّية، وبخاصة بعد عدة حوادث في الأشهر الثلاثة الماضية بينها وبين القوات الروسية التي ازدادت، وتضمنت مطاردات عسكرية ومشادات كلامية واشتباكات بالأيدي، وحوداث تصادم وقطع الطريق، ويبدو أنّ التحالف الدولي يريد التحرّك بحرية في مناطق سيطرته وبخاصة تلك التي تشهد تداخلا من قبل القوات الروسية وحلفائها المحليين ومن شأن تعزيز قوات التحالف وحمايتها بعربات برادلي المقاتلة ليس فقط منح التحرك بحرية وإنما أيضا منع الآخرين (روسيا وحلفائها) من التحرّك بحرّية.
يحمل التصريح والبيان في طياته رسائل أخرى وهو التمسّك بحلفائها المحليين حيث ورد في التصريح (تستمرّ قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب في العمل مع وإلى جانب ومن خلال شركائنا المحليين في سوريا لضمان الهزيمة الحتمية لداعش…سنبقى ملتزمين بالعمل مع وإلى جانب ومن خلال شركائنا لضمان الهزيمة الحتمية لداعش) وهي عملية مرهونة بوقت يبدو أنه ليس بقصير، وبخاصة إذا ما تم تحليل “الحتمية” هنا بتجفيف منابع الإرهاب وملحقاته والتي تزيد من الوقت الذي ستسهلكه قوات التحالف في سوريا وبالتالي ضمانة لشركائه على المستوى العسكري وبالسياسي كذلك.
يرى الكثيرون أنّ الوعود الأمريكية والتمسّك بخيارات متعلقة بوجودهم ضرب من هباء وبخاصة أنّها تصدر قرارات متذبذبة فيما يتعلّق بالملف السوري الذي يرى فيه ترامب وفريقه أنّه من صنيع الديمقراطيين ويعملون على مضض على تنفيذ أجندة لم يشاركوا في وضعها، إلا أنّ واقع الحال يُظهر أنّ المنطقة تحظى باستراتيجية أمريكية فوق اعتبارات ترامب وفريقه الذي لا يعرف حتى اللحظة مدى نصيبهم في النجاح بولاية أخرى، ومع الرغبة الأمريكية في عدم ترك المنطقة لقمة شائغة للروس لينفردوا بها وللإيرانيين ليبنوا فيها معاقل قد تهدد أمن حلفائهم.