This post is also available in: English
لم تمنعه رحلة النزوح القسرية من نشر فنّه الذي رافقه رحلة الخروج من مدينته و مرتع صباه ديرالزور و صولاً إلى مدينة إدلب .
سامر الناصر رجل أربعينيّ من ديرالزور ، متعدد المواهب و جميعها تصب في منهل الفن ، فمن الرسم إلى الأعمال اليدوية و المجسمات و صولاً إلى الرسم الهندسي في الديكور .
شبكة ديرالزور التقت الفنان سامر الناصر و خصّها بالحديث التالي .
قال الناصر :
” أنا سامر الناصر من مدينة ديرالزور ، عشت في حي الحميدية العريق ، و لم أغادره حتى عام ٢٠١٧ ، بعد الحملة الهمجية لنظام الأسد ، عشقت الفن منذ الصغر و كنت أمارس الرسم على سبيل الهواية ، حتى وجدتي نفسي أسير للريشة و الألوان و أدوات التصميم و النحت ”
و تابع :
” كنت أمارس طقوسي بالرسم و الأعمال اليدوية في دكان قديم هو جزء من منزل والدي الذي يطل على حديقة ” الحميدية ” في حي الحميدية ، اتخذه مرسماً و مشغلاً ، و من جمال الطبيعة التي تحضنها الحديقة الجارة ، كنت أستمد إلهامي فأترجم شغفي إلى لوحات و أعمال فنية ”
و أضاف سامر :
” مزّق صمت الجمال الذي كنت أكرّسه لنفسي أزيز رصاصٍ و دوي انفجارات قادمة من الآلة العسكرية لنظام الأسد ، بدون سابق إنذار كان علي أن أتأقلم مع الوضع الجديد الذي فرض على مدينتي و حديقة الحي و منزل والدي و مرسمي ، فأصبحت لوحاتي و أعمالي باللاشعور تأخذ تفاصيل الأحداث التي تمرّ بها مدينتي الحبيبة ديرالزور ، صرت ألاحظ أنّ لوحاتي بدأت تطغى عليها الألوان الداكنة كالأسود و الرمادي و شيءٌ من الأحمر ، و بدأت أجدُّ بصنع مجسم لكل معلم من ديرالزور تدمّره قوات الأسد ، و كان للجسر المعلّق النصيب الأكبر من أعمالي بعد تدميره على يد نظام الأسد ، فقمت بإعداد أكثر من تصميم لجسر الدير المعلّق ”
و استطرد :
” الثورة تفرض على الفنان أن ينصهر مع الواقع ، و هذا ما حصل معي ، فكانت جلّ أعمالي في السنين الماضية هو تناول قضية المعتقلات و المعتقلين في سجون نظام الأسد ، و الشهداء و المجازر ، و لم أنسَ قضيتنا الكبرى رغم حجم مأساتنا وهي القضية الفلسطينية فكرست جزءاً من أعمالي لتغطية أحداث انتفاضة الفلسطينين و رسم الأسرى لدى الكيان الصهيوني “
و اختتم الفنان سامر الناصر حديثه بقوله :
” في بلد النزوح تواجهنا مصاعب كثيرة ، منها نظرة المجتمع المحلي إلى هذا النوع من الفن و التي تكاد لا تخلو من الاستغراب أو الاستهجان في بعض الأحيان ، وأخرى تتمثل في المشاكل الخدمية و على رأس القائمة هنا نذكر الكهرباء ، فعملي يحتاج إلى الكهرباء بشكل مستمر و هذا الشيء غير متوفر للأسف ، و آخر المعوقات هو عدم وجود منظمة أو جسم يجمع الفنانين في بوتقة واحدة و يحاول إيجاد حلولاً لهموهم و مشاكلهم ، و يبقى الهم الأكبر بالنسبة لي هو بعدي عن ديرالزور التي أعشق ، فكما يحنّ ابن حمص لساعة حمص و يحنّ ابن حماة لنواعيرها ، و ابن دمشق لحاراتها القديمة و جامعها الأموي ، فإني أحنّ إلى فرات ديرنا و جسرها و حتى عجاجها “.