This post is also available in: English
ساد المشهد في محافظة ديرالزور خلال الفترة الماضية كم كبيرمن التكهنات بوقوع صدام مباشر مرتقب بين قطبي العالم (أمريكا – روسيا) على حلبة ديرالزور.
وكانت كلاً من أمريكا وروسيا قد تقاسمتا “الكعكة” في محافظة ديرالزور من خلال السيطرة عليها بالتوازي والتنسسق بين القوى المهاجمة.
وسيطرت قوات الأسد والمليشيات الطائفية الإيرانية المدعومة روسياً على الضفة الجنوبية لديرالزور (الشامية) وبعض القرى على الضفة الأخرى، بينما سيطرت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكياً يتقدمها ماسميّ بمجلس ديرالزور العسكري على مايقارب 90% من الضفة الشمالية (الجزيرة) بديرالزور في نهاية عام 2017 .
منذ ذلك التاريخ تم ترسيم الحدود بين القوى المسيطرة على محافظة ديرالزور و اقتصرت المواجهات العسكرية بين الفريقين على مناورات لجس النبض و توجيه الرسائل غير المباشرة .
ومما زاد تلك التكهنات خلال الأيام القلية الماضية هو الإستنفار الذي شهدته المعسكرات لكلا الطرفين, حيث قامت أمريكا بتدعيم قاعدة التنف التي تعتبر من أكبر القواعد الأمريكية في البادية السورية بمئتي جندي أمريكي حسب معلومات نشرها موقع (البادية 24) إضافة لإرسال أرتال عسكرية من قواعدها في الجزيرة كقاعدة (رميلان) باتجاه مناطق سيطرة قسد في محافظ ديرالزور, و تدعيم النقاط العسكرية لقسد في نقاط التماس مع قوات الأسد في بلدتي خشام وطابية جزيرة, بالإضافة إلى تكثيف الطلعات الجوية لطائرات التحالف الدولي في سماء الريف الشرقي لديرالزور .
وعلى الجانب الآخر فقد قامت قوات الأسد والمليشيات الرديفة بتدعيم نقاط تماسها مع قوات سوريا الديمقراطية في خشام و طابية جزيرة وقرية الصالحية, وأفاد ناشطون بقيام قوات الأسد بحملة اعتقالات طالت مدنيين داخل أحياء مدينة دير الزور وتم اقتيادهم إلى مدينة الميادين والبوكمال للقيام بأعمال التدشيم و السخرة, إضافة لتغيير مواقع السلاح الثقيل ونقله من مدينة الميادين إلى الصالحية ومراط (المناطق الأقرب إلى خطوط التماس مع قوات سوريا الديمقراطية).
هذا التحشيد للطرفين سبقه تصعيد أمريكي خلال الشهر الثاني /شباط من العام الجاري حين قام طيران التحالف بقصف رتل لقوات الأسد يضم عدداً من الجنود الروس خلال محاولة الرتل التقدم باتجاه حقل غاز كونيكو الواقع تحت سيطرة “قسد” وقد خلفت الحادثة مقتل أكثر من 120 عنصراً من قوات الأسد والمليشيات التابعة لهم بينهم عدداً من الجنود الروس .
يأتي هذا التوتر في ظل عدم جهوزية طرفي الصراع الدوليين لخوض حرب حقيقية على الأرض لأسباب كثيرة تتعلق بالتوازنات العالمية والاقتصاد العالمي وعدم وجود أرضية جاهزة لحرب عالمية قد تكون مكلفة لجميع الاطراف لذلك من المستبعد قيام حرب مباشرة بينهما فيما يبقى الاحتمال الأكثر ترجيحا فيما لو حدث صدام بأنه سيكون بقوى محلية واقليمية تكون احد أطرافها إيران ونظام الأسد فيما الطرف المقابل سيكون قوى محلية مدعومة من الولايات المتحدة ودول إقليمية وعربية.
وفي هذا السياق يقول المحلل العسكري عبد الناصر العايد :
لا تنوي الولايات المتحدة الأمريكية خوض أي معركة مع الروس في دير الزور وماتقوم به أمريكا هو عملية تثبيت الحدود مع قوات الأسد ومن خلفها روسيا وإيران وإرسال رسائل لروسيا أن الوجود الأمريكي في ديرالزور قائم ولن يسمح لأي جهة بتهديد هذا الوجود مهما كانت النتائج.
ويضيف العايد : تسعى إيران باستخدام قوات الأسد و مليشياتها للحفاظ على حالة عدم الإستقرار بين الروس والأمريكان في ديرالزور لإبعاد الأضواء عن مشروعها الطائفي التي تنشط في تنفيذه في مناطق ديرالزور والذي يهدف إلى توطيد الهيمنة الإيرانية على المنطقة و تأمين طريق طهران بغداد دمشق الذي تعتبرديرالزور محطة رئيسية خلاله.
ولدى سؤاله عن إمكانية إعادة تفعيل دور فصائل الجيش الحر كـ (أسود الشرقية و مغاوير الثورة ) من خلال أمريكا وإقحامها في معارك ضد قوات الأسد وإيران في الضفة الجنوبية لديرالزور أجاب : ” لا تلوح في الأفق أية نية أمريكية لإعادة أحياء دور أسود الشرقية أومغاوير الثورة في ديرالزور, وتبقى فاعليتهم في معادلة ديرالزور معلقة حتى إشعار آخر وخصوصاً في هذه المرحلة التي تأخذ أمريكا فيها دور المدافع لا المهاجم.
وعن دور تنظيم “داعش ” في سير الأحداث القادمة يؤكد العايد :
” بعد انتهاء عملية عفرين من المتوقع أن يتم تكثيف العمليات العسكرية من قبل قوات سوريا الديمقراطية ضد تنظيم داعش لإنهاء وجوده في الجيب المتبقي له الممتد من حدود قرية البحرة وصولاً للحدود السورية-العراقية, ومن جهة الطرف الآخر فباعتقادي أنّ إيران ونظام الأسد سيستمران في استخدام التنظيم لزعزعة الإستقرار(الروسي-الأمريكي) في المحافظة من خلال الصلات التي تربط ايران ونظام الأسد بتنظيم داعش .”
يتزايد نشاط اللاعبون الفرعييون وينقص على ساحة ديرالزور دون تغيير في قواعد اللعبة على الأرض في المستقبل القريب والتي يبدو أن أمريكا تتحكم بقواعدها و تلزم جميع الأطراف بالتقيّد بشروط اللعبة.
ماضية في إرساء قواعدها على الضفة الشمالية لنهرالفرات من محافظة ديرالزور الغنية بآبار النفط والغاز ملوحةً بالعصا على كل من يحاول الإقتراب من مصالحها, وفي ذات الوقت تنشط إيران على الضفة المقابلة (الجنوبية) في تنفيذ مشروعها المذهبي مستغلة حالة عدم الإستقرار التي تسعى جاهدةً إلى استمرارها بين القطب الروسي والأمريكي في ديرالزور .
مقال بقلم:
رامي أبوالزين