توالت الضربات الأمريكية لنقاط عسكرية تابعة لقوات الأسد في ديرالزور، في تحدٍ واضح للدول الداعمة للأسد و على رأسها روسيا.
في العاشر من الشهر الماضي شباط / فبراير قامت مقاتلات أمريكية باستهداف رتل عسكري تابع لقوات الأسد وعدة مقرات لمليشيات رديفة للأسد في قرية طابية جزيرة في ريف ديرالزور الشرقي، نجم عن الضربات مقتل ما يقارب 100عنصر من قوات الأسد و المليشيات الرديفة التابعة لها بحسب تقرير صادر عن وكالة CNN الأمريكية .
وقد أعلن التحالف الدولي عبر بيان أصدره إبان الهجوم الأمريكي على قوات الأسد” أن الهجوم جاء نتيجة محاولة مايقارب الخمسمائة عنصر من قوات الأسد وميليشياته الهجوم على مراكز تمركز قوات سوريا الديموقراطية (قسد) بالقرب من حقل غاز “كونيكو” وقاموا بقصف مقرات لقسد كان فيها مستشارون عسكريون أمريكيون ونجم عن الهجوم مقتل مايقارب مئة عنصر وإصابة نحو مئتين بينهم مقاتلون تابعون لمؤسسة عسكرية روسية تدعى فاغنر مقربة من الكرملين”.
و يوم الإثنين 26/2 / 2018 أفاد ناشطون باستهداف مقاتلات أمريكية لموقع عسكري لقوات الأسد في قرية الصالحية التي تقع عند المدخل الشمالي لمدينة ديرالزور.
وعلى أعقاب الإستهداف الأخير شهدت المنطقة توتراً كبيراً بين قوات الأسد وقوات قسد في نقاط التماس بين الطرفين في ريفي ديرالزور الشمالي والشرقي, حيث حشد الطرفين عسكرياً وسط حالة استنفار أفضت إلى اشتباك الطرفين بالأسلحة المتوسطة والخفيفة في كل من قرية بلدة الحسينية وبلدة خشام حيث تدخل الطيران الأمريكي من جديد و قصف نقاطاً ومواقع عسكرية لقوات الأسد في بلدة خشام ولم يعلن عن حجم الخسائر حتى هذه اللحظة .
الجدية الأمريكية في الإستهداف المباشر لقوات الأسد والمليشيات الحليفة في ديرالزور فتح الباب أمام صدام محتمل بين الروس الذين يعتبرون الراعي الرسمي للأسد وبين الأمريكان الرعاة المباشرون لقوات قسد .
وفي هذا السيا ق يرى الباحث والمحلل السياسي د.سنان حتاحت أنّ الرسالة الرئيسية التي تريد واشنطن إيصالها من خلال ضرباتها لقوات الأسد هي قطع الطريق أمام أي محاولة لتقويض دور قسد في ديرالزور و رفض أي محاولة لتقدم قوات الأسد أو إيران أو الروس بإتجاه مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية (قسد) و الآلية الوحيدة للتفاهم مع قسد هو عبر القنوات الدبلوماسية .
ويضيف حتاحت : تضع الولايات المتحدة نفسها في هذه المرحلة على الساحة سوريا في موضع المدافع لا المهاجم واضعةً خطوطاً حمراء متمثلة في نقاط سيطرة قوات قسد على الأرض ، وكل من يفكر بتجاوز هذه الخطوط فإن الرد العسكري سيكون حاضراً وبقوة.
بينما تسعى روسيا من خلال الزج بالقوات العسكرية التابعة لنظام الأسد و مليشياتها إلى جس نبض ردود أفعال الولايات المتحدة الأمريكية على الأرض .
ويؤكد حتاحت أن اللاعب الرئيسي الذي يريد الإستفادة من هذه التجاذبات هو إيران حيث تسعى إيران إلى الحفاظ على حالة عدم الإستقرار في سوريا عموماً وفي ديرالزور على وجه الخصوص، فهي تعمل على إثارة الفتن بين الطرفين الروسي والأمريكي واللعب في حيز المسموح في الوقت الراهن متجنبة أي صدام مباشر مع أمريكا بهدف إطالة الصراع للوصول إلى تحقيق مشروعها في المنطقة ما يجعلها تدفع بالمليشيات التابعة لها و بقوات الأسد لاستفزاز الأمريكان بغية إثارة التوتر بين الوقت والآخر .
وعلى خلفية الضربات العسكرية الأمريكية لقوات الأسد في ديرالزور، تزايدت حدة التصريحات بين الجانبين الروسي والأمريكي في الأروقة السياسية والدبلوماسية، حيث نقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن مسؤول روسي قوله ” أعمال التحالف الدولي لا تتفق مع القواعد القانونية ولا شك في أنها عدوان صارخ ” في إشارة إلى أن الأمريكان باتوا يكشفون عن وجههم الحقيقي في سوريا .
وفي الجانب الآخر قال قائد القيادة المركزية الأمريكية يوم الثلاثاء 27/2/2018 ” إن روسيا تلعب دوراً يؤدي إلى زعزعة الإستقرار في سوريا وتقوم بدور كل من مشعل الحريق ورجل الإطفاء في آنٍ واحد.”
اعتماد روسيا على تحالفها الهش مع إيران وعلى حليف ضعيف كـ نظام الأسد يجعل من قدرتها على الاستمرار في تلك الاستفزازات أمراً مستبعداً خاصة وأنها مقبلة على استحقاق رئاسي وآخر على مستوى الاتحاد الروسي وهو تصفيات كأس العالم والتي ستجعل أنظار العالم متجهة إليها لذلك فإن مايقوم به الروس هو محاولة لكسب الوقت والحصول على مكاسب سريعة قبل تلك الاستحقاقات وقبل إنهيار التحالف الضعيف مع إيران وبالتالي تعرض مصالحها لانتكاسة كبيرة تفقدها ماحققته خلال السنوات الماضية في سوريا.
بقلم: رامي أبو الزين