This post is also available in: English
بعد أعوام من بدء العملية العسكرية ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق ، والتي جاءت تحت مسمى التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ومع نهاية عام 2017 انكمش التنظيم الذي كان يسيطر على مساحات واسعة من الأراضي السورية لعل أكبرها المنطقة الممتدة من ريف حلب الشمالي مروراً بمحافظتي الرقة وديرالزور في سوريا وصولاً إلى مدينة الموصل و قسم من بادية الرمادي في العراق ، إلى جانب جيوبا منفصلة في ريف دمشق وبادية الشام و حماة ودرعا وريف حمص .
الإنهيار السريع لحصون التنظيم في المنطقة والتي كان آخرها في ديرالزور خلط الأوراق بشكل كبير، حيث بات من الصعب قياس مدى القوة التي يتمتع بها تنظيم داعش و قياس مخاطره و مع الإنسحابات المتتالية للتنظيم من كبرى المدن والبلدات في ريف ديرالزور الشرقي لحساب قوات الأسد والمليشيات المساندة لها دون مقاومة تذكر كمدن موحسن، الميادين ، العشارة ، القورية ، وآخرها البوكمال، والتي انسحب منها دون أية معارك مع قوات الأسد المهاجمة.
واستبساله في الدفاع عن وجوده في بعض القرى الصغرى والتي لا تمتلك تلك الأهمية الإستراتيجية للمدن الكبرى التي تخلى عنه التنظيم دون قتال، و بدء ظهوره بشكل أكبر في ريف حماه الشرقي في الوقت الذي يخسر فيه مناطقا شاسعة في المنطقة الشرقية يطرح تساؤلاتٍ عدة منها، هل نهاية تنظيم داعش في ديرالزور والرقة يعني نهاية التنظيم في سوريا؟.
علماً أن التنظيم لم ينتهِ بشكل كامل من ديرالزور ولا يزال يقاتل في قرى صغيرة كما ذكرنا سابقاً على شكل عصابات متبعاً أسلوب حرب الشوارع كنوع من أنواع الحفاظ على التواجد في هذه المنطقة .
حصون التنظيم المتواجد فيها على الأراضي السورية:
يتواجد التنظيم في 6 جيوب معزولة عن بعضها وهي:
الجيب الأول:
ينتشر تنظيم داعش في بعض القرى والبلدات على الضفة الشمالية لنهر الفرات( الجزيرة) في ريف ديرالزور الشرقي كالبحرة والباغوز و يتقاسم التنظيم السيطرة فيها مع قوات سوريا الديموقراطية (قسد) ، كما يتواجد التنظيم على شكل جماعات صغيرة في بادية الضفة الجنوبية لنهر الفرات (الشامية) ويشن هجمات متقطعة على نقاط تمركز قوات الأسد في الريف الشرقي بين الفينة والأخرى .
الجيب الثاني:
يقع في ريف الحسكة الجنوبي، ويعتبر هذا الجيب الأكثر هدوءاً لعناصر التنظيم .
الجيب الثالث:
ويقع هذا الجيب في البادية السورية في المنطقة الممتدة بين ريف ديرالزور الجنوبي الشرقي وصولاً إلى مشارف منطقة “حميمة” في قلب البادية و إلى أطراف مدينة السخنة الواقعة في ريف حمص الشرقي وينتشر التنظيم ضمن هذه المنطقة على شكل جماعات متفرقة .
الجيب الرابع:
ويقع في منطقة “الحجر الأسود” على أطراف العاصمة دمشق ، حيث استطاع التنظيم السيطرة على منطقة الحجر الأسود بداية عام 2015 ورغم أن المنطقة محاصرة من قبل قوات الأسد من جهة وفصائل من الجيش الحر من جهة الأخرى إلى أن التنظيم لايزال قائم في المنطقة كتهديد تلوح به قوات الأسد لفصائل الجيش الحر.
الجيب الخامس:
ويقع في وادي منطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي، ويتمثل تواجد التنظيم في هذه المنطقة ب (جيش خالد بن الوليد) الذي بايع التنظيم منذ مايقارب العامين وانتهج ذات منهج تنظيم داعش.
الجيب السادس:
ويقع في ريف حماة الشمالي وصولاً إلى ريف إدلب الجنوبي الشرقي و يشكل عناصر جند الأقصى و قيادات وعناصر فروا من الرقة وحمص ثقل التنظيم في هذه المنطقة.
وتتركز الانظار على هذا الجيب بشكل كبير نظراً للمعارك التي تشنها قوات الأسد و الميليشيات المساندة لها إضافة لقوات روسية على فصائل الجيش الحر في ريف إدلب والتي كان للتنظيم دوراً هاماً في السيناريو الذي رسم لتلك المعارك. حيث استخدم نظام الأسد من جديد تنظيم داعش عبر تسهيل انسحابه من أكثر من 150 قرية وبلدة في ريف حماة الشمالي وتوجيهه إلى ريف إدلب غرباً في خطوة لتشتيت قوى فصائل الجيش الحر و هيئة تحرير الشام وإشغالها بمعارك مع تنظيم داعش من شأنها أن تنهكها مما يسهّل على قوات الأسد السيطرة عليها بعد انسحاب تنظيم داعش منها .
قياساً على ماتقدم فإن من الصعب القول بأن تنظيم داعش قد انتهى من سوريا، إذا أن العديد من القوى وعلى رأسهم نظام الأسد المتورط باستخدام تنظيمات مصنفة على قائمة الإرهاب كحزب الله والمليشيات الشيعية العراقية والإيرانية، لا تزال تستخدم التنظيم بشكل سري وتديره وتوجهه بما يوافق مخططاتها وتعمل على الحفاظ عليه بل وإعادة إنعاشه في كل مرة يتعرض لها التنظيم لنكسة ما، إن زوال التنظيم بشكل كامل مقرون إلى حد كبير بزوال الأنظمة الديكتاتورية الداعمة له أو حتى إنهاء عملية إحيائه سريرياً ليبقى بمثابة السكين المسلط على رقبة فصائل الجيش الحر.
مقال بقلم:
رامي أبو الزين