This post is also available in: English
خاص :
لم يعد الحصار والتجويع والقصف اليومي يمثل معاناة أهالي دير الزور الوحيدة، فقد برزت معاناة جديدة لا تقل خطراً وفتكا عن سابقيها وهي انتشار الأوبئة والأمراض المعدية، والتي باتت اليوم تهدد جميع سكان المنطقة بمن فيهم الأطفال، وسط تدهور القطاع الصحي في المنطقة، وهجرة الأطباء وعدم وجود منظمات طبية معنيّة بإجراء اللقاحات اللازمة. يعتبر شلل الأطفال من الأمراض الفيروسية شديدة العدوى، وهو يصيب الأطفال و شلل الأطفال مرض فيروسي معدٍ يمكن أن يؤثر على أعصاب المريض ويقود إلى إصابته بالشلل أو الموت. وينتج عن الإصابة بفيروس البوليو. وفيروس شلل الأطفال شديد العدوى وينتقل من شخص إلى آخر بطرق عدة تشمل التواصل المباشر بين شخص مصاب وآخر سليم، وعبر المخاط والبلغم من الفم والأنف، وعن طريق البراز الملوث، إضافة إلى الطعام والماء الملوثين بالفيروس. ويدخل الفيروس الجسم عبر الفم أو الأنف، ثم يتكاثر في الحلق والأمعاء وبعدها يمتصه إلى الجسم وينتقل عبر الدم إلى باقي أجزائه.
تواصلت ديرالزور 24 مع الطبيب “عماد المصطفى” أبرز المؤسسين لحملات لقاح شلل الأطفال في ديرالزور في السنوات الماضية، وأخبرنا بالتفاصيل حول المعلومات الجديدة التي انتشرت عن عودة شلل الأطفال في محافظة ديرالزور قائلاً:
ظهرت أولى حالات شلل الأطفال في منتصف عام 2013 في مدينة صبيخان بريف ديرالزور الشرقي والقرى المحيطة بها، وفي ذلك الوقت اتصلت ببعض الأصدقاء الذين كانوا يعملون في منظمات طبية والذين لديهم تواصل مع منظمة اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية وأخبرتهم عن حالات اشتباه بشلل أطفال، وبعدها قاموا بإرسال فريق مؤلف من عدة منظمات وقاموا بزيارة العديد من الحالات والبحث عن حالات جديدة وأخذ عينات للأطفال المشكوك بإصابتهم وإرسالها إلى تركيا ومن ثم إلى مخابر الصحة العالمية . وفعلاً تم إثبات وجود 12 حالة شلل أطفال في ديرالزور بوقتها.
ويضيف الطبيب مع بدايةعام 2014 قمنا بالبدء بحملات لقاح جوالة على المنازل لتلقيح الأطفال ضد شلل الأطفال بشكل دوري كل شهر واستمرت هذه العملية حتى دخول تنظيم داعش لتتوقف الحملات لعدة أشهر، وفي شباط 2015 سمح التنظيم بعودة حملات اللقاح ولكن ليست جوالة في كل محافظة ديرالزور. بل في مراكز ثابتة باستثناء مدينة البوكمال كونها تتبع لولاية الفرات حيث سمح ما يسمى بأمير الطبية هناك بالقيام بحملات جوالة ورغم ذلك فإن تلك الحملة كانت سيئة ولم تغطي نسبة 30% من أطفال ديرالزور. ويشير الطبيب أنه من المعروف عالمياً أنه لا يجوز مكافحة شلل الأطفال بالحملات الثابتة وإنما حصراً بحملات جوالة من منزل إلى منزل.
وفي شهر تموز 2016 أوقف تنظيم داعش حملات اللقاح نهائيا ومنذ ذلك الوقت لم تتم أي عملية تلقيح في المحافظة. وفي شهر شباط من العام الحالي 2017، عادت حالات لشلل الأطفال للظهور في مدينة صبيخان والقرى القريبة منها، ومن خلال تواصلي مع عدد الأصدقاء و المعنيين بالوضع الطبي في العديد من قرى المحافظة. تم إبلاغي عن ظهور حالات اخرى في بلدات ” البوليل وبقرص وناحية الصور وناحية الكسرة ” ولكن الغالبية في مدينة ” صبيخان ” والقرى المحيطة والتي يتواجد بها حتى تاريخ اليوم أكثر من 26 حالة اشتباه بشلل الأطفال بالتشخيص السريري وقد تم تأكيد إحدى الحالات مخبرياً وهذا يعني عودة المرض للمحافظة ومن المعلوم أنّ كل حالة شلل أطفال ظاهرة يقابلها خطر إصابة العديد من الأطفال.
ويعتير الطبيب أنّ الآلية الوحيدة للقضاء على هذا المرض هي إدخال لقاح للمحافظة بالعاجل والقيام بحملات جوالة من منزل لمنزل , ولكن هذا الأمر يتطلب موافقة من تنظيم داعش. وبإعتقادي على القائمين على هذا الموضوع في وحدة تنسيق الدعم التابعة للإئتلاف السوري ومنظمة الصحة العالمية أن يحاولوا التواصل مع تنظيم داعش بأي صورة للسماح لهم بالقيام بحملات لقاح.
مع العلم أن تنظيم داعش إستشعر الخطر وقاموا بحملة لقاح منذ أسبوعين وسوف يبدؤون يوم السبت بتاريخ 27 أيار 2017 بحملة أخرى ولكن مع الأسف كلتا الحملتين سوف يستخدمون بها لقاحات مخزنة منذ شهر تموز من عام 2016 وقد وصلتني صورة لاحدى عبوات اللقاح المستخدمة في الحملة السابقة وكان اللقاح درجة ثالثة وهو لقاح قد يضر ولا ينفع. وأضاف الطبيب أنه من الامور التي يجب القيام بها حالياً هي تلقيح كل طفل عمره من يوم إلى خمس سنوات يخرج من محافظة ديرالزور إلى المحافظات المجاورة خوفاً من انتقال المرض إلى مناطق أخرى.
ويختم الطبيب حديثه قائلاً:
لا أعتقد أن الحملات التي سيقوم بها تنظيم داعش سوف تفيد الأطفال لأنها حملات غير متاكملة الأركان , ولأنّ عملية التلقيح تتطلب كثيراً من الأمور التي لا يستطيع التنظيم تأمينها بالإضافة للخبرات الغير الموجودة. للأسف القيام بحملات لقاح لن تشافي المصابين ولكنها سوف تمنع إصابة أطفال جدد لأن أي طفل يتلقى اللقاح بطريقة صحيحة سوف يكون محمي من خطر الإصابة.