أصبح تجنيد الأطفال في ريف دير الزور الغربي أمراً يثير الرعب لكثرة عدد الأطفال الذين ينتسبون للتنظيم، بعضهم لا يبلغ من العمر عشر سنين، يلتحقون بصفوف التنظيم وتراهم بعد التخرج من المعسكرات يحملون بنادق أطول منهم.
معدل الانتساب في صفوف داعش من قبل أطفال لم يبلغوا الثامنة عشر عاماً هو من خمسة إلى ستة أطفال بشكل أسبوعي. ويتم أخذهم إلى معسكرات التنظيم في منجم الملح وشرق دير الزور.
تتعد الأسباب التي تجعل الأطفال ينتسبون للتنظيم منها حاجة ذويهم إلى المعيشة وخاصة أن داعش تعطي رواتب مجزية لعناصرها ورواتب شبه شهرية لأهل العنصر المنتسب، من الأسباب أيضا الحالة النفسية التي يعيشها المراهقون واليافعون سواءً في بيته أو مجتمعه، فمنهم من يكون مهمشاً ويجد في التنظيم السلطة والمال فيسجن من يريد ويعتقل من يريد ويتزوج من يريد.
وقد ينتسب الأطفال لداعش هرباً من العائلة أو معاملة والده السيئة أو معاملة أخوته الأكبر سناً له. إذاً لدينا ثلاثة أسباب رئيسة للانتساب ونسبة من يبحثون عن السلطة هي الأقل حيث تحتل الحاجة والمعاملة السيئة النسبة الأكبر.
عبد الكريم – ثلاثة عشر عاماً – من أبناء بلدة الشميطية الشرقية انتسب لصفوف داعش من قرابة ثلاثة أشهر، كان عبدالكريم الأول على صفه السنة الماضية وعلى مدرسته أيضاً حيث بلغ معدل نجاحه ستة وتسعون في المئة وجميع الأساتذة يشهدون له بالتفوق والذكاء والنجاح والقدرة على الإبداع.
قدِم أليه مسؤول التجنيد في القاطع الغربي ويدعى أبو البتار الشامي-حاليا تم إقالته لأسباب أمنية- ورغّبه بالمال والسلطة وقال له: “غداً ستكبر ويطردك أهلك ولن تجد مكاناً تعيش فيه تعال معي إلى الدولة الإسلامية التي لن تظلم فيها ابداً وسيتم صرف راتب شهري لك وسنزوجك بعد سنتين ونبني لك بيتاً ولا نريد منك قتال ولكن حاجتنا فيك إدارية ولن تحمل البارودة”
لم يقتنع عبد الكريم بهذا الموضوع وقال لهم والداي لن يطرداني أبداً ولن أذهب معك. عاود ابو البتار عصراً لعبد الكريم ثم رجع في اليوم التالي حتى اقتنع واقنعه بأن يبات في بيته وصباحاً مع الفجر يذهب إلى بيت فلان من الناس في الدولة الإسلامية، ومن هناك سآخذك بسيارتي ولن يلاحظك أحد، وفعلاً تم الأمر كما خطط له أبو البتار وأخذ عبد الكريم تاركاً لأهله الحسرة والندامة وأمه تبكي وتصرخ “راح الولد راح الولد”.
يعتبر مسؤول التجنيد سمساراً لدى الدولة الإسلامية فهو يأخذ نسبة على كل طفل وقيل أن المبلغ هو مئة ألف ليرة سورية لكل طفل يتم تجنيده وأخذه إلى معسكرات التنظيم. وهكذا يخدع أبو البتار العشرات شهرياً من أبناء بلدة الخريطة. حالياً يُشاهد أبو البتار يحمل معه كل فترة طفلين أو ثلاثة أو أربعة يهرب بهم إلى منجم الملح حيث يتم الفرز بعدها كل طفل إلى مكانه ودورته.
يعد منجم الملح المعقل الرئيسي للتنظيم في ريف دير الزور الغربي، قتل على أسواره عشرات المجاهدين باشتباكهم مع التنظيم وهو الآن معسكر تدريبي وشرعي لعناصر الدولة الجدد الذين التحقوا بصفوفها.
يروي أحمد لديرالزور24 -وهو من أقارب أحد مبايعي داعش في الريف الغربي- كيف يُعامل الأطفال في معسكر منجم الملح: يستقبلون الأطفال عند البوابة الرئيسية للمنجم ثم يتم أخذ بياناتهم الشخصية لتحضير اضبارة شخصية لكل طفل، بعدها يتم استقبالهم في مطعم يتناولون فيه طعام الفطور ثم يتم أخذهم إلى وحدة التدريب. ويقسم المعسكر حسب إعداد المجند إلى: معسكر تدريبي قتالي ومعسكر عقائدي يتلقون في المعسكر الأول تدريبات على السلاح وعلى الاشتباكات وبعض التمارين الرياضية بمساعدة مدربين تعينهم الدولة الإسلامية.
أما المعسكر الثاني فيكون لعقد دروس في العقيدة الإسلامية والفقه والتكفير وهنا أقصد بالتكفير منهج محدد يسمى التكفير يُخضع له الطلاب يضع المنهاج شرعيو داعش ومنهم أبو حسام التونسي يبلغ من العمر تسعة وعشرون عاماً وهو الذي أفتى بقتال كل الفصائل وتكفيرها، قبله أبو عبد الله الكويتي وهو الآن قاضي الجماعة في معدان جديد ونائب الوالي، أحيلت إليه أكثر من تهمة كالتكفير المفرط والغلو ولكنه عُزّر لمدة قصيرة ثم عاود عمله.
حالياً يشترط التنظيم على اليافعين شهادة إعدادية لمن يريد الانضمام إليه لأن الأعداد أصبحت كبيرة ولا يستطيع التنظيم تحمل نفقاتها، أما بالنسبة للصغار فلا شروط فالأطفال يتم اقناعهم بسهولة بكل ما يقوله الأمير، ونسبة منفذي العمليات الانتحارية في سن صغيرة كبيرة جداً مقارنة مع العمليات الانتحارية لكبار السن، ولا ضير إن ضحى التنظيم بصغاره فهم بيادق الملك يفعل بهم ما يشاء.