في مثل هذا اليوم قبل عام سيطرت داعش على منطقة الشعيطات بشكلٍ كامل. تقع الشعيطات في الريف الشرقي لديرالزور قرب مدينة البوكمال على الحدود العراقية، وتضم كلاً من بلدات أبو حمام والكشكية وغرانيج، وبعد بسط التنظيم سيطرته على أغلب مناطق محافظة ديرالزور وخصوصاً الريف الشرقي لم يتبق له سوى منطقة الشعيطات التي انسحب جزء من مقاتليها باتجاه القلمون وإدلب ودرعا كباقي الفصائل العسكرية التي كانت تقاتل التنظيم ورفضت البيعة وفضلت الانسحاب خارج المحافظة.
قرر التنظيم ضمَّ تلك المنطقة الهامة – الشعيطات – للمساحات التي سيطر عليها وذلك من خلال المفاوضات بأن يسلموا السلاح مقابل دخول التنظيم أراضيهم بدون أي معارك، وبالفعل أوفد داعش مفاوضيه لتسليم الشعيطات سلمياً، فلم يعترض الأهالي على بنود اتفاقية المفاوضات. لكن ما حصل بشكل دقيق هو نقض تلك الاتفاقية من قبل قيادات عسكرية داخل التنظيم وهم بالأساس من أهالي الشعيطات، تطوّر على إثرها الموقف ليصبح عسكرياً بامتياز ولم تتردد داعش أبداً في بسط سيطرتها الكاملة على المنطقة بكل الترسانة العسكرية التي كانت تمتلكها. كما لم تتردد أيضاً في استخدام الأسلحة الثقيلة وارتكاب مجازر مروعة بحق كل من قاتلها وبحق المدنيين الذين لم يشاركوا في العمليات العسكرية .
في 10 آب 2014 بسط التنظيم السيطرة الكاملة على كل بلدات الشعيطات وهجّر أكثر من 120 ألفاً من أهالي الشعيطات كعقاب جماعي لهم وبعد أن انتهت المعارك. لم يعرف حجم المجازر التي ارتكبها التنظيم داخل هذه البلدات. لكن بعد مفاوضات متكررة استمرت أسابيع سمح التنظيم للنساء بالدخول لتفقد ذويهم. شهود عيان رووا أهوال ما رأت أعينهم. رائحة الموت تملأ المكان. مئات الجثث في الطرقات وفي خنادق المياه المخصصة للري. بعض القتلى تمت تصفيتهم بالرصاص. ومعظمهم قتل ذبحاً بعد أن ربطت أيديهم خلف ظهورهم، ثم وضعت رؤوسهم على ظهورهم. أما أغرب ما تحدث عنه العائدون لمنازلهم فهو صلب بعض الشبان على الأشجار وعلى الأعمدة، حيث وضعت أيديهم بشكل يحتضن الشجر أو العمود من الخلف ومن ثم ربطت معاصمهم. قتل هؤلاء بالسواطير الآثار واضحة على رؤوسهم المهشمة.
لم تكتف داعش بقتل من وجدته داخل هذه البلدات بل طاردوهم إلى القرى المجاورة. فقتلوا في الشعفة، وفي هجين وفي العشارة وأعدموا بحقل العمر النفطي العديد من شبان الشعيطات. يوثق الناشطون مقتل مالا يقل عن 500 شخص عسكري ومدني خلال المعارك، وأكثر من 240 مفقوداً لم يعرف مصيرهم إلى الآن أغلبهم من أهالي بلدة أبو حمام إحدى بلدات الشعيطات الثلاث.