لنتفق بدايةً أن مصطلح دواعش الباغوز لا ينعت البلدة أو أهالي بالدعشنة، على العكس تماماً فأهالي الباغوز والقرى والبلدات المحيطة حاول داعش أن يصبغها بصبغة معتقدات التنظيم وتسبب في دمارها وتهجير أهلها حتى المعركة الأخيرة التي قصمت ظهر التنظيم وهي معركة الباغوز .
تعتبر معركة الباغوز من المعارك المفصلية ضد تنظيم داعش، حيث كانت النهاية الفعلية لسيطرة التنظيم على أراضي في سوريا والعراق، كما كانت اللحظة التي تفرّق فيها شمل التنظيم وتشتت عناصره، فقد ألقي القبض على الآلاف منهم، فيما فر البعض واختبأوا في مناطق مختلفة.
ويصر تنظيم داعش، كما هي عادته، على استثمار أي حدث، وتحويله إعلامياً من هزيمة ساحقة بكل المقاييس، إلى نصر، ويجد في عقول مناصريه بيئة خصبة لتقبل هذا الأمر، حيث يقتنعون بها بشكل فوري دون أي تفكير أو نقاش.
وعمل التنظيم في الفترة الماضية على تحويل هزيمة الباغوز إلى حدث عادي، وروج أنها مجرد “كبوة”، وأن التنظيم سينهض من جديد ويسيطر على أراضي جديدة، وأن من سيفعل ذلك هم المقاتلون “المنسحبون من الباغوز”، على حد وصف التنظيم. وهنا لا بد أن نتساءل، من هم دواعش الباغوز الذين يأمل التنظيم أنهم سيعيدون بناء “دولة الخلافة”؟
يطلق اسم “دواعش الباغوز” على المقاتلين الذين بقوا مع التنظيم حتى اللحظات الأخيرة قبل انهيار “دولته”، وشهدوا معركة الباغوز قبل أن يلقى القبض عليهم أو يهربوا. وقبل المعركة كان كثير من هؤلاء يشغلون مناصب في التنظيم، ففيهم أمراء الكتائب والقضاة والشرعيون، وغيرها من المناصب التي تتطلب تطرفاً كبيراً وولاءً عالياً للتنظيم، كما أن كثيرين منهم أجانب ينتمون إلى جنسيات مختلفة.
وبحسب شهادات عديدة من مقاتلي التنظيم الذين ألقي القبض عليهم، فدواعش الباغوز هم أكثر من أجرم من عناصر تنظيم داعش، وفيهم مسؤولون عن مجازر جماعية وعمليات إبادة طالت فئات مختلفة، كجريمة سبي الأيزيديات ومجزرة الشعيطات، وغيرها من الجرائم الكثيرة جداً التي ارتكبها التنظيم.
وبعد بدأ المعركة ضد داعش، وتراجعه التدريجي في الأراضي السورية والعراقية، كان هؤلاء يهربون من منطقة إلى أخرى، ويتركون جبهات القتال ليموت عندها الأغبياء والسذج الذين انضموا للتنظيم عن جهل وقلة معرفة، ويهرب هؤلاء إلى الأماكن التي لم تصلها المعارك بعد، وظلوا يهربون حتى تجمعوا في الباغوز، التي كانت آخر نقاط تجمع داعش.
وخلال المعارك ضد داعش، التي امتدت لأكثر من سنتين، لم يتمكن هؤلاء من الهرب، لأنهم مطلوبون في كل مكان، ولم يستطيعوا الفرار، وكانوا مجبرين على البقاء مع التنظيم حتى اللحظات الأخيرة، لأنه لا يوجد مكان يفرون إليه، أو لأن الفرصة لم تتح لهم للهرب على اعتبار أن قسماً كبيراً منهم أجانب لا يعرفون الجغرافية السورية أو العراقية ولا يمكنهم التحرك فيهما.
وبناء عليه، يمكن القول إن دواعش الباغوز هم بقايا أمراء داعش المجرمين، الذين ارتكبوا جرائم بحق معارضي فكر التنظيم الإرهابي، وبحق عناصر التنظيم نفسه بعد تنفيذهم لعمليات إعدام ميداني لبعض العناصر، كذلك فهم الأجبن بين منتسبي التنظيم، فقد كانوا يفرون من مكان لآخر هرباً من المعارك، إلى أن حوصروا في الباغوز، واستسلموا ونقلوا إلى السجون، فيما نقلت عائلاتهم إلى مخيمي الهول وروج بريف الحسكة.
بعد نحو عام من معركة الباغوز، بدأ هؤلاء بتشويه الحقيقة والكذب، وبدأوا بالترويج أنهم، أي دواعش الباغوز، هم من ثبت حتى النهاية، فيما الواقع يقول إنهم هربوا من المعارك وحوصروا واستسلموا دون أن يقاتلوا.