يضم مخيم أبو خشب حوالي 1500عائلة نازحة من ديرالزور، معظم قاطنيه من الضفة الجنوبية ( الشامية) من المنطقة الممتدة من مدينة موحسن وحتى مدينة البوكمال، نزحوا من منازلهم بعد الحملة الشرسة التي شنتها قوات الأسد مدعومة بالمليشيات الطائفية و الطيران الروسي و التجؤوا إلى المخيم الكائن في منطقة أبو خشب شمال ديرالزور .
أنشأ المخيم بتاريخ 13- 10-2017 وأقيم على أرض صحراوية قاحلة بإمكانيات بسيطة تماشياً مع الحالة الطارئة لأهالي ديرالزور الفارين من آلة القتل في مناطقهم، في المرحلة الأولى لإقامته، نصبت حوالي 50 خيمة آوت مايقارب الـ 75 عائلة، لتتوسع رقعة المخيم بازدياد توافد النازحين و تصل عدد خيامه إلى ما يقارب الـ500 خيمة.
بالإضافة لكون المخيم دار إيواء للعوائل النازحة، فقد استخدمته قوات قسد خلال فترة نزوح أهالي ديرالزور باتجاه محافظة الحسكة كنقطة تفتيش و تحقيق مع أبناء ديرالزور الذين يريدون العبور باتجاه محافظة الحسكة أو مناطق ريف حلب الشمالي، حيث يتم احتجاز العائلات القادمة من ديرالزور مؤقتاً في رحاب مخيم أبو خشب ويتم إخضاعهم لتحقيقات وتدابير أمنية دقيقة قبل السماح لهم بالمغادرة .
يعيش أهالي مخيم أبو خشب ظروفاً إنسانية صعبة في ظل تهميش كبير من المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني و عدم اهتمام من قبل قوات قسد بالوضع الإنساني المتردي للنازحين داخل أسوار المخيم.
انعدام المياه النقية الصالحة للشرب تأتي في مقدمة مشكلات قاطني المخيم، فالمياه حسب ما يقول أبو أحمد أحد النازحين في مخيم أبو خشب ” غير صالحة للشرب، تأتي بصهاريج و تعبأ بخزانات كبيرة في نقاط مخصصة داخل المخيم” يجبر أهالي المخيم على شرب هذه المياه و استخدامها في تلك البقعة الصحراوية لعدم توفر المياه النقية و ارتفاع أسعارها في حال توفرت لدى بعض التجار في مناطق قريبة من المخيم، تتبعها مشكلة الانقطاع المتكرر لمادة الخبز الذي يشكل هماً كبيراً لدى الأهالي الذين لا سبيل لديهم لتعويض النقص في هذه المادة الأساسية، يقول أبو أحمد ” يغيب الخبز عنا لمدة شهر و أكثر عادةً، بسبب مشاكل لدى المنظمة المسؤولة عن توزيعه، فيعاني أطفالنا من انقطاع الخبز و لابديل لدينا لتعويضه “.
يغيب التعليم بشكل تام عن أطفال مخيم أبو خشب لعدم وجود مدارس في المخيم، كما يفتقد الأطفال لأي من مجالات اللعب ، وحدها الرمال الصحراوية المقام عليها المخيم ساحتهم للعب و تفريغ طاقاتهم، في ظل انعدام شبه كامل لتدابير النظافة و المرافق الصحية إذا تستخدم ماتعرف بـ (الجور الفنية) عوضاً عن دورات المياه بينما تغيب الحمامات نهائياً نفسها الخيمة غرفة معيشة و مطبخ وحمام .
انقطاع حليب الأطفال مع قلة الغذاء أدى إلى انتشار مرض سوء التغذية بين أطفال المخيم و قدر عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية بحوالي 73 حسب إحصائيات لإحدى المنظمات الطبية التي زارت المخيم مؤخراً و أجرت مسح للأمراض التي يعاني منها أطفال المخيم، إلى جانب سوء التغذية انتشرت (اللاشمانيا) أو ما يعرف بـ (حبة حلب) بين أطفال ديرالزور في مخيم أبو خشب وقدر عدد المصابين باللاشمانيا بحوالي 86 إصابة في ظل انعدام الرعاية الطبية في المخيم الأمر الذي يهدد النازحين وأطفالهم بإنتشار المزيد من الأوبئة و تفاقم الوضع الصحي مع اقتراب فصل الصيف وانتشار الحشرات والأمراض مالم يتم التدخل السريع و المباشر من المنظمات الدولية و الجهات المختصة لتلافي الخطر الداهم الذي يهدد حياة أكثر من 1500 عائلة لم تصل نداءاتهم و استغاثاتهم أبعد من أسوار المخيم المفروض عليهم.
حالة الفقر الشديد التي يعيشها نازحو مخيم أبو خشب مع تنامي المأساة التي تحيط بهم، دفعت نسبة كبيرة من الأهالي إلى بيع ممتلكاتهم وأغراضهم التي اصطحبوها معهم في رحلة نزوحهم لسد احتياجات أطفالهم من حليب أطفال و مستلزمات الطفل اليومية التي لا تتوفر في المخيم، يقول أبو أحمد ” بعنا عدة قطع من الذهب هي كل مانملك لكي أتمكن من شراء حليب الأطفال و الحفاظات التي يحتاجها طفلي ذو الثمان شهور ) و يضيف ” الآن لم يتبق لدي شيء لابيعه، و ليس هناك حلول بديلة لتأمين حليب الأطفال لصغيري، لا أعرف مالعمل “.
كان أبو أحمد محظوظاً ربما لامتلاكه بعض القطع الذهبية التي قام ببيعها لسد احتياج طفله لفترة وجيزة، بينما هناك الكثير من الآباء والأمهات ممن لا يمتلكون شيئاً لبيعه، الأمر الذي جعل أطفالهم يعيشون ظروفاً إنسانية صعبة تنعكس على الأباء الذين لاحول لهم ولا قوة .
تتعاظم مأساة أهالي ديرالزور النازحين في مخيم أبو خشب، و تتزايد مشاكلهم التي يعيشونها يومياً في مخيم الإيواء البعيد عن اهتمام المنظمات الدولية و الجهات المعنية ومنظمات حقوق الإنسان العاملة على مقربة منه، حيث يحرم أكثر من 7000 إنسان في المخيم من معظم الحقوق الإنسانية في ظل غياب أدنى مقومات الحياة من غذاء ودواء و تعليم و ملبس و رعاية عن أرجاء مخيم أبو خشب للنازحين.
مقال بقلم:
رامي أبو الزين