في ذكراها الثامنة ، لابد للثورة السورية العظيمة أن تسترجع أحد أهم الفصول في سجلاتها خلال سنواتها الأوائل .
التاريخ : 18-3-2012
الزمان : الربيع الأول لانطلاقة الثورة السورية
المكان : ديرالزور الأبية – حي الرصافة
الحدث : أولى زغاريد بنادق الأحرار بوجه مغتصبي سوريا من زبانية الأسد .
بُعَيدَ أشهرٍ قليلةٍ من انطلاق الثورة السورية، شهدت محافظة ديرالزور أوائل الانشقاقات عن قوات الأسد، التي ساهمت فيما بعد بتشكل خلايا الجيش الحر، و التي كان هدفها حماية المظاهرات السلمية من عناصر الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد .
كانت تلك الخلايا تتنقل بين أحياء المدينة ليلاً لحمايتها، في حين تتوارى نهاراً عن أعين قوات الأمن الأسدية، حيث توزعوا في أماكن عدة داخل وخارج المدينة
كان صباح ديرالزور في ذلك اليوم مختلفاً عن كل الصباحات السابقة و ربما اللاحقة ، حيث استيقظت مدينة ديرالزور كاملة وحي الرصافة على وجه الخصوص على وقع أصوات المجنزرات والدبابات و سلاح جنود الأسد.
العشرات من الجنود مع عددٍ كبير من الدبابات والسيارات المزودة بمدافع توجهت من الفروع الأمنية و الثكنات العسكرية إلى حي الرصافة و حاصرت مبنىً مكوناً من عدة طوابق كان يتمركز به مجموعات من الجيش الحر، أغلبهم من كتيبتي عمر وعثمان اللتان تشكلتا في مدينة موحسن وعملتا في مدينة ديرالزور.
حيث كان أكثر من 40 شاباً هناك، منهم من كان منشقا من قوات الأسد، و آخر حمل السلاح لحماية مظاهرات الحراك السلمي دفاعاً عن ثورته بعد ازدياد جرائم الأسد بحق المتظاهرين السلميين ، كانوا يتوزعون على ثلاث شقق في ذلك البناء.
كان هدف هذه القوة العسكرية الأسدية القضاء على تلك المجموعة بعد أن حصلت على معلومات حول مكان تواجدهم داخل حي الرصافة، عندما أحس أبطال تلك المجموعة بمحاصرتهم من قبل قوات الأسد رفضوا الاستسلام وأبوا التسليم و قرروا القتال حتى أخر رجل فيهم .
استمرت المعركة غير المتكافئة بالعدد والعدة لعدة ساعات، دافع فيها الأبطال باستماته عن أنفسهم رغم قلة الذخيرة والسلاح لديهم، فبعضهم لم يكن يملك السلاح وبعضهم سلاحه الفردي مسدس ومع ذلك قاتلوا ولم يسلموا أنفسهم بل كبدوا مهاجميهم خسائر فادحة، بلغت أكثر من 80 جندياً باعتراف قوات الأسد نفسه، كان أبرزهم الرائد ” أيهم الحمد ” المقرب من رأس النظام وعائلته.
أما أبطال تلك الملحمة كان عدد شهداءهم 21 شهيداً، 18 منهم من مدينة موحسن وأثنان من حلب وآخر من مدينة اللاذقية في الساحل السوري، جسدوا وحدة الهدف والمصير لأبناء سورية.
بعد انتهاء المعركة قامت قوات الأسد، باحتجاز جثث شهداء ملحمة الرصافة، خوفاً من ردة فعل الثوار ، حيث عمد عناصر الأمن على التمثيل بها ورميها من سطح البناء، ثم في وقت لاحق قاموا بجمعها في مكان واحد في مشفى الأسد.
بعد ضغوط ومفاوضات تم تسليم الجثث للأهالي، حيث قام عشرات الآلاف من أبناء ديرالزور، بزف الشهداء الى مقبرة الشهداء في موحسن حيث تم دفنهم جميعاً.
كانت هذه المعركة بكل تفاصيلها التي عرفها الجميع، بداية الظهور العلني للجيش الحر في ديرالزور، الذي أطلق شرارة التحرير، لينحرر أكثر من 90%من المحافظة في العام الذي تلا هذه الملحمة.