في حال أني أصبت أو متّ من سيرعاهن من بعدي؟ فكل من يخصني لديه من الأعباء مايفوق قدرتهم على التحمل،
هنا تدخلت بسؤالها وكيف تعيشين الآن
أجابت:
لقد أدّخرت القليل من المال ويساعدني أحد أقربائي بالخارج على تدبر أموري المعيشة، في الواقع ليست مشكلتي الحقيقية هي إعالة بناتي، لكن مضايقات التنظيم الذي يسعى كل يوم لكي أعود إلى المشفى، أو لتزويجي من أحد عناصره الأجانب.
.
كما أنه يمنعني من السفر لأنه ليس لدي محرم، لقد جعل من بيتيي سجناً لي ولبناتي، نخرج فقط للشديد القوي كما تقول ونعود مسرعين.
.
أذكر في إحدى المرات كانت إبنتي تلعب أمام المنزل، فنهرها أحد عناصر داعش، لتدخل مسرعة داخل البيت وهي ترتعد خوفاً وتبكي، ومنذ ذلك اليوم لم تخرج لتلعب قط.
بناتي..
حلم والدهن أن يراهن طبيبات أو مهندسات، وأتمنى أن ينتهي كل شيء، لكي يتابعن تحقيق هذا الحلم …
أما أنا فأموت كل ليلة وأستيقظ على ضحكاتهن، التي تدفعني للحياة من جديد.
.
قلق مستمر..
.
أم محمد إمرأة في الأربعين من عمرها، فقدت زوجها قبل الثورة السورية، وترك لها راتباً تقاعدياً وسبع بنات وولد واحد.
تعيش أم محمد في جوار أهلها واعمام أولادها، في قلق دائم بل تموت من الرعب يومياً.
.
ليس قلق أم محمد من ضنك العيش، رغم فقرها أو قلقها من قصف الطائرات التي لاتتوقف عن استهداف منطقتهم، فالموت أصبح اعتياد والفقر لاصق الجميع ك ظلالهم.
.
لكن قلقها على ولدها الوحيد كما تقول لي، فهو الفتى ذو الخامسة عشر من عمره وله سبع شقيقات، زوجت الكبيرات منهن رغم صغرهن، فالأوضاع بوجود التنظيم تتطلب ذلك.
.
فكم من مرة داهم عناصر داعش منزلهم الذي يعيشون فيه بحجج متعددة، آخرها أن لديهم بنات يجب تزويجهن، مما دفع أم محمد لتزويج بناتها لأقرباءها كي يحمونهنّ.
.
أما أبنها فكانت تخشى عليه من الانضمام إلى صفوف تنظيم داعش، الذي لديه ألف وسيلة ووسيلة لإقناع هؤلاء الصبية للإنخراط في صفوفه.
ربما بالنقود أو بالإقناع من باب الدين، ربما من اندفاع الشباب لحمل السلاح، الذي يظنون أنه يجعلهم رجالاً.
كل يوم تسمع أم محمد قصة جديدة حولها، إبن فلان التحق , إبن علان انضم للتنظيم, وكلهم أطفال لايدركون حقيقة مايحدث حولهم، خاصة بعد منع أجهزة التلفاز وحجب الناس عن العالم الخارجي، كل ذلك تسبب بارتفاع أعداد المنضمين للتنظيم.
هذا القلق يدفع أم محمد إلى الجنون، وأحيانا إلى الصراخ في وجه عناصر التنظيم دون سبب.
دفعت أم محمد أبنها إلى العمل، مع أعمامه كي لا يتسنى له فرصة ويذهب إليهم (التنظيم).
تقول لي:
أحاول جاهدة ألاّ أشكي أو أتذمر من الحاجة أو العوز، لأنّ ابنها سيقول لي سأذهب للعمل مع التنظيم، الذي يدفع مبلغاً لابأس به للأشخاص المنضوين في صفوفه.
فجارتي دفعت أبنها للعمل كراعي غنم عند أحدهم، ومع قسوة هذا العمل هرب الولد ليلاً ليلتحق بالتنظيم، لأنه لا يريد العمل كخادم عند أحد، وإلى الآن لايعرفون أين هو، حتى أنّ الأم لم تعد تتكلم مع أحد لكي لا تسأل عن أبنها.
.
هذا القلق وهذا الخوف الذي يصيبنا، ربما سيكون سبب موتنا وليس طائرات التحالف أو التنظيم
صمود و تحدي و كفاح، هو ما يزين نساء ديرالزور
قلق خوف وترقب هو حالهن…….
بانتظار المجهول القادم تعيش نساء ديرالزور على أمل النجاة…
ومن يدري!!؟
بقلم ياسيمن المشعان