في نهاية الشهر الثامن من العام الجاري 2017 فاجأت قوات سوريا الديموقراطية ( قسد ) جميع المتابعين لمجريات الأحداث في المنطقة الشرقية من سوريا (ديرالزور- الحسكة – الرقة ) بإعلان حملة عسكرية باتجاه ديرالزور حملت اسم عاصفة الجزيرة , كون قسد لم تنته بعد من حملتها على الرقة ولم تزل المعارك على أشدها مع تنظيم داعش هناك .
جاء إعلان قسد عن حملتها على ديرالزور تزامناً مع حملة عسكرية شنّتها قوات الأسد والمليشيات الحليفة لها على محافظة ديرالزور , الأمر الذي يعكس مدى جدية السباق الأمريكي – الروسي للسيطرة على المحافظة ذات القيمة الاستراتيجية والغنية بالثروات الطبيعية .
سبق إعلان قسد لحملتها تجاه ديرالزور عدة أحداث صبت في مصب واحد وهو تجميد جميع الفصائل العسكرية التابعة للجيش الحر من أبناء محافظة ديرالزور, ولعل أهم عوامل إقصاء فصائل الجيش الحر من أبناء ديرالزور عن المشاركة بالمعركة التي من المفروض أن يكونوا هم أول المعنيين بها , هو تفرّد كل فصيل منهم بقراره وعدم الوصول إلى أي شكل من أشكال التوحد ليقدموا أنفسهم كقوة ضاربة ذات قرار مركزي بإمكانها قيادة معركة ديرالزور .
قرارات إقصاء الفصائل بقي بعضها خفي لم تتكشف تفاصيله حتى الآن , وبعضها أعلن عنه كما هو الحال لدى جيش مغاوير الثورة المتواجد بالتنف والذي كان يعد عدته لمعركة ديرالزور , حيث كشف تسجيل صوتي لقائد جيش مغاوير الثورة المقدم ” مهند الطلاع ” قرار الأمريكان بإقصائهم عن المشاركة في معركة ديرالزور وجاء في التسجيل الذي تم تناقلته عبر مواقع التواصل الإجتماعي :
” لم يسمح لنا بالمشاركة في معركة تحرير ديرالزور لأننا لم نقبل بالعمل تحت راية قسد ” , وقد سبق تصريح الطلاع إيقاف ” قوات النخبة ” التي يشكل قوامها أبناء دير الزور عن الاستمرار بالمشاركة بمعركة تحرير الرقة من داعش , وكذلك ضغوط كبيرة على ” جيش أسود الشرقية ” العامل في البادية انتهت بإجبارهم على الإنسحاب من بعض مواقعهم .
يقول الصحفي طارق نعمان ” هناك عدة أمور دفعت الأمريكان لاعتماد قوات سوريا الديمقراطية ” قسد ” كحامل لواء معركة ديرالزور أهمها مركزية القرار لدى قوات قسد وهو ما تتصف به قوات قسد على خلاف فصائل الجيش الحر التي تتبع لنظام إداري يفرض الإلتزام بقواعد إدارية قبل البدء بتنفيذ القرار”.
وأردف نعمان قائلاً : ” تمتلك قوات قسد دعم كردي واسع ولها عمق استراتيجي في العراق يمكن الإستفادة منه في تسيير المعارك في دير الزور ذات الحدود المشتركة مع العراق وبذلك يتم تأمين طرق إمداد لوجوستي للمعركة إن لزم الأمر “
وأضاف النعمان ” يؤخذ بعين الاعتبار أثناء المعارك والحالات الإنسانية إبعاد أصحاب العلاقة أو من لهم ارتباط وثيق بالمنطقة بسبب التأثر العاطفي لهم الذي سينعكس على التخطيط وتنفيذ الأوامر كالطبيب الذي لا يسمح له بإجراء عملية جراحية لوالدته ”
وما أن دخلت حملة ( قسد ) العسكرية على ديرالزور حييز التنفيذ حتى بدأت مخاوف أبناء المحافظة تطفوا على سطح الواقع المفروض عليهم , من حكم الكرد لمدينتهم ذات النسيج العشائري العربي فيما بعد داعش . وما يزيد تلك المخاوف هو الموقف الضبابي لقسد من الثورة السورية وإدانتهم بتسليم عدة مناطق لنظام الأسد في ريف حلب إضافة للخطوة التي قامت بها قسد بتعيين مجلس محلي باسم المحافظة تحت إشرافها , علماً أنه يوجد للمحافظة مجلس محلي من ثوار المحافظة وقد أعلن عنه في تركيا , وتوارد فكرة ضم ديرالزور لمشروع إقليم كوردستان الساعين لإقامته مايجعل المحافظة محتلة بطريقة غير شرعية . فيتوالى عليها احتلال جديد بطابع قومي بعد الإحتلال الذي سبقه بالطابع الديني على يد تنظيم داعش , علاوة على التجربة التي مر بها أبناء ديرالزور في التعامل مع حكم مايدعى بالإدارة الذتية من خلال ما عانوه من الإستبداد وسلب الحريات و فرض الإقامة الجبرية في المخيمات التي أجبروا على دخولها بعد هروبهم من آلة الموت في محافظتهم ديرالزور .
يقف معظم أبناء دير الزور موقفاً واحداً من القوى الثلاثة المتصارعة على المحافظة المتمثلة بتنظيم داعش وقوات الأسد وقوات قسد , باعتبارهم محتلين غير شرعيين لمحافظة دفعت ثمن حريتها دماء أبنائها منذ بدايات الثورة , ويعتبرون فصائل الجيش الحر من أبناء المحافظة هي الممثل الشرعي لهم .
رامي أبو زين