حرب الخنادق أو”Trench Warfare”، خطة عسكرية يتبعها تنظيم داعش في هجومه على مطار دير الزور العسكري. فمنذ فترة يحاول التنظيم من خلال تلك الأنفاق استنزاف قوات النظام المتواجدة داخل المطار بالإضافة إلى تأمين عناصره المهاجمين على جبهات المطار. حيث يتخذ مقاتلو التنظيم الخنادق درع حماية لهم من كثافة نيران الأسلحة الخفيفة والثقيلة وقذائف المدفعية التي تقوم قوات النظام بإطلاقها لإيقاف أي تقدم للتنظيم في محيط المطار.
ومن المعروف أن الحرب العالمية الأولى إحدى أشهر الأمثلة على حرب الخنادق أو قتال الخنادق وهو القتال الذي يحدث في خنادق ممتدة و طويلة، تكون القوات مؤمنة بالأسلحة النارية الخفيفة ومحمية من القذائف والمدفعية بالوقت ذاته، كما أصبحت فيما بعد حرب الخنادق نموذجاً لحرب الاستنزاف.
لجأ تنظيم داعش في الآونة الأخيرة إلى حفر الخنادق بعد الخسارة الكبيرة بين صفوف مقاتليه وفشله باقتحام المطار بعد عدة محاولات خسر فيها عشرات القادة والمقاتلين نتيجة كثافة نيران مدفعيات النظام والرشاشات والأسلحة الخفيفة.
فالمطار العسكري محصن بعدة خنادق في محيطه و ترسانة من الأسلحة الثقيلة أهمها الطائرات الحربية والتي يبلغ عددها الآن 6 طائرات من نوع ميغ 23، إضافة لعدد من الطائرات المدمرة التي استهدفها الجيش الحر في وقت سابق داخل المطار. يضاف إلى ذلك 5 مروحيات هليكوبتر. كما تتمركز داخل المطار كتيبة للمدفعية الثقيلة وسرية للهاون وكتيبة للصواريخ إضافة لعدد من الدبابات والعربات المجنزرة والشيلكا ومدافع الـ 23 وأسلحة خفيفة أخرى. ولاتزال تقلع من داخله طائرات الميغ التي تشنَّ غاراتها على دير الزور ريفاً ومدينة. وهو المعقل الذي يقوم غالباً باستهداف الريف المحرر براجمات الصواريخ وصواريخ الأرض أرض والمدفعية الثقيلة.
المسؤول الأول وقائد العمليات داخل المطار يدعى “بسام حيدر” وهو ضابط برتبة عميد من الطائفة العلوية. ويقدر عدد قوات النظام داخل المطار ب 450 عنصر بين ضابط وصف ضابط ومجند والعدد قابل للزيادة أو النقصان حسب حاجة الجبهات الأخرى لدى النظام.
إن المنطقة المحيطة بمطار دير الزور منطقة مكشوفة لقوات النظام فمن الجهة الشرقية مدينة موحسن، وقرية المريعية، وقرية البوعمر، وكلها ملاصقة لريف دير الزور الشرقي المحرر. أما من الشمال فتحد المطار قرية الجفرة الموالية لقوات النظام والتي تحوي على عدد كبير من عناصر قوات ما جيش الدفاع الوطني وهي القرية المقابلة للبوابة الرئيسية للمطار العسكري والآن تعتبر تحت سيطرة تنظيم الدولة. ويحد المطار من الجهة الجنوبية البادية وأهم نقاط النظام هناك جبل الثردة ويستخدمه النظام كنقطة دفاع أولى من الجهة الجنوبية للمطار. يذكر أن الجهة الغربية للمطار هي الجهة الأكثر تعزيزاً حيث يحده من هذه الجهة الجبل المطل على كافة أحياء مدينة دير الزور، يعتبر الجبل صلة الوصل ما بين المطار العسكري وباقي النقاط العسكرية الأخرى كاللواء 137 ومعسكر الطلائع وحيي الجورة والقصور. لذلك كلما حاولت عناصر داعش التقدم باتجاه أسوار المطار أو التسلل يتم اصطيادهم من قبل قناصة النظام المنتشرة على طوله، وأصبح من السهل إحباط أي محاولة تسلل لعناصر التنظيم، وترتب على ذلك عشرات القتلى في صفوف داعش.
بعد أن لجأ التنظيم إلى حفر الخنادق واجهته صعوبات عدّة أهمها عدم وجود عدد كافٍ من العناصر لحفر الخنادق فاستخدم خلال الفترة الماضية الموقوفين في سجون الحسبة والشرطة الإسلامية وشن حملة اعتقالات طالت مئات الشباب من أجل القيام بهذه المهمة فيما يقوم عناصر داعش بالحراسة والإشراف عليهم.
يقدر عدد المدنيين الذين يقومون بحفر الخنادق في محيط المطار اليوم بأكثر من 200 مدني يتم تقسيمهم على شكل 4 مجموعة كل مجموعة تضم حوالي 25 مدني ويقومون بتوزيعهم على قطاعات المطار الجفرة، والدغيم، والدولي، والمزارع. يقومون بأعمال الحفر والتدشيم وصنع المتاريس ويعمل هؤلاء الأشخاص في اليوم الواحد قرابة 12 ساعة متواصلة لمدة بين 3 أيام إلى 15 يوماً، حسب التهمة الموجهة إليهم. بعدها يتم إعادتهم إلى سجن الحسبة والإفراج عنهم ثم جلب معتقلين جدد يواصلوا عمليات الحفر.
التقت ديرالزور24 بأحد المعتقلين المفرج عنهم بعد قيامه بالحفر لمدة 4 أيام، يقول: سمعت أحد القادة في داعش يتكلم مع أحد العناصر “لو نقدر نجيب كل المدنيين تحفر خنادق وأنهينا المعركة، بالفترة الجاية بدنا نجيب كل الشباب القاعدين ببيوتهم ليحفروا خنادق”.
كلما تقدم التنظيم في محيط مطار دير الزور العسكري أو على أي قطاع من القطاعات بشكل مباشر يقوم التنظيم بحفر خنادق في المنطقة وتدعيمها لكيلا يخسرها فهو اليوم يعتمد على استهداف المطار بالعمليات الانتحارية وقصفها بقذائف المدفعية والهاون وبعدها الاقتحام ومن ثم حفر الخنادق والتمركز.
خلال الفترة الماضية تم توثيق سقوط العديد من الشهداء المدنيين الذين استشهدوا على جبهة المطار أثناء عمليات الحفر.
يعتبر مطار دير الزور العسكري أهم معقل تسيطر عليه قوات النظام في دير الزور. وهو الآن بمثابة صمام الأمان بالنسبة لقوات النظام في المحافظة. ففي حال فقد النظام السيطرة عليه فهذا يعني انهيار كامل للنظام بدير الزور، لذلك تحاول قوات النظام المحافظة عليه بشتى الطرق والوسائل وتستميت بالدفاع عنه.