شيطنة سوريا هي من أهم بصمات نظام الأسد في مواجهة بركان الثورة السورية و يكاد يكون الخط الاستراتيجي الأساسي الذي اعتمده الأسد و حلفاؤه لمواجهة الثورة السورية التي أجبرت الأسد على الإنكماش والتقهقر وأفقدته السيطرة على مناطق واسعة من امبراطورية الأسد التي وطدت على مدى 50 عاماً.
فبعد أن كان له (نظام الأسد)ومن يقف إلى جانبه اليد الفضلى في تشكيل التنظيمات المتطرفة كتنظيم داعش وإلباسها الثوب السنّي , عمل على خلق ميليشيات مقاومة زعماً للتنظيمات الإرهابية السنية بصبغة مذهبية (شيعية) و لعل من أبرز الميليشيات التي شكلت في سوريا هي ميليشيا “صقور الصحراء “.
من هي صقور الصحراء :
هي ميليشيا رديفة لنظام الأسد ، ذات طابع عقائدي ، شكّلت من أبناء الساحل من الطائفة العلوية و عناصر شيعية مدعومة إيرانياً ورسياً , أسس صقور الصحراء شخص يدعى (أيمن جابر) من قرية “الشلباطية” في ريف اللاذقية يعتبر أيمن جابر الذراع اليمنى لفواز الأسد ابن عم بشار الأسد رأس نظام الأسد ,و بعد تأسيس الميليشيا أوكل أيمن جابر قيادة الصقور لشقيقه “محمد جابر” و للشقيقان تاريخ مشوبا بالعمل الغير شرعي كتهريب النفط من العراق إلى سوريا وتهريب الآثار.
منذ أن أنشأت ميليشيا صقور الصحراء في أواخر عام 2015 سارعت كلاً من إيران وروسيا لاحتضانها وتقديم الدعم اللوجستي والمادي لها . حيث قامت روسيا بتدريب عناصر ميليشيا صقور الصحراء و تم التنسيق بين رورسيا وإيران بإمدادها بالسلاح المتطور حيث أصبحت ميليشيا الصقور بعد وقت قصير من تشكيلها تمتلك ترسانة عسكرية وصفت بالأكثر تطوراً على مستوى نظيراتها من الجيش السوري والميليشيات الحليفة له , وقد شوهد في الآونة الأخيرة امتلاك صقور الصحراء العربة القتالية (بي -إم بي -2)وامتلاكها لأحدث الدبابات الروسية (تي -72 بي 3) والمركبة المدرعة المتطورة (فيسترل) التي يطلق عليها (الطلقة) .
لمع نجم ميليشيا صقوار الصحراء أواسط عام 2016 في معارك تدمر , حيث استطاعت ميليشيا الصقور استعادة حقل شاعر من يد تنظيم داعش ورده إلى حظيرة نظام الأسد , كما عملت الميليشيا على قتال الجيش الحر في جبلي التركمان والأكراد بريف اللاذقية الشمالي . كما قاموا أيضاً بالمشاركة في معارك حلب في 2016 ضد قوات المعارضة السورية .
– انتهجت ميليشيا صقور الصحراء نهجاً دينياً مذهبياً , فقد أظهرت عدة مقاطع فيديو صادرة عن المكتب الإعلامي ل “لواء صقور الصحراء ” أظهرت هذه المقاطع لطميات شيعية معروفة لدى أتباع المذهب الشيعي يرددها مقاتلو الصقور أثناء تدريباتهم ولدى سيرهم نحو المعارك . كما وأظهرت بعض الصور التي نشرت عن صقور الصحراء القائد “محمد جابر” وبعض مقاتليه هم يحملون رؤوس مقطوعة زعموا أنها لعناصر من تنظيم داعش , الأمر الذي يعكس دموية هذا الفصيل ويضعه بخانة واحدة إلى جانب تنظيم داعش .
لم تكتفي ميليشيا صقور الصحراء بعناصرها السوريين , بل عملوا على توقيع اتفاقيات لاستقطاب أعداد كبيرة من العناصر المرتزقة من الميليشيات الشيعية المماهية لها في العراق , كان آخرها اتفاقية وقعت بين ميليشيا صقور الصحراء في سوريا وميليشيا (قوات البراق ) العراقية وفق عقد تم إبرامه بين الفصيلين , حيث اقتضى العقد إرسال قوات بعدد فرقة من قوات البيرق في العراق إلى ” لواء ” صقورالصحراء في سورية وحددت بنود العقد رواتب المقاتلين , حيث نص العقد على دفع الصقور راتباً بقيمة 750 دولار أمريكي لكل مقاتل من البيارق قادماً إلى سورية , و1200 دولار أمريكي وسلاح فردي وسيارة لكل ضابط تكون بمثابة ذمة عليه طيلة فترة تواجده في سوريا , كما يتحمل “لواء” صقور الصحراء أجور نقل المقاتلين والضباط بالالتحاق والإجازات , ويتحمل مصاريف العلاج للمصابين مع دفع مبلغ 3000 دولار للمصاب من الدرجة الأولى و 2000 دولار للمصاب من الدرجة الثانية , ومبلغ 7000دولار أمريكي في حالة الإستشهاد كإكرامية شهيد , كذلك دفع أجور المنسقين العسكريين وقد حدد منسق واحد لكل 30 عنصر من قوات البراق .
عادت ميليشيا صقور الصحراء للبروز في الأحداث من جديد بعد مقررات التفاوض في أستانة الذي أفضى إلى خفض التوتر وتهدئة جبهات القتال في أكثر المناطق السورية . حيث تحركت أرتال الصقور العسكرية منذ مايقارب الشهر ونصف باتجاه منطقة ” عقيربات ” لتضع حامية عسكرية لها في موقع متاخم لطريق ” أثريا – السلمية “متخذةً منها منطلقاً لعملياتها العسكرية باتجاه مدينة الطبقة في محافظة الرقة مع الحفاظ على مواقعها العسكرية في بادية تدمر بالقرب من منطقة السخنة كقاعدة للإنطلاق باتجاه محافظة ديرالزور .
تأتي عملية إعادة التمركز لميليشيا صقور الصحراء المعروفة بشراستها القتالية استكمالاً للخطة العسكرية الموضوعة من قبل نظام الأسد وحلفائه من أجل السيطرة على محافظتي الرقة وديرالزور , لتحقيق عدة مكاسب على الصعيد السياسي والعسكري والإقتصادي , علاوة على اعطاء ايران الفرصة لتحقيق مشروعها في فرض “البدرالشيعي ” على المنطقة الذي يبدأ من طهران مرورا بالموصل وديرالزور وصولا إلى لبنان .
في ظل حشود نظام الأسد وحلفائه من الميليشيات السورية والعراقية والإيرانية على محافظتي الرقة وديرالزور فإن خطرا عظيما يتهدد أهالي ديرالزور والرقة لما عرف عن النظام والميليشيات الشيعية معه من حقدهم وممارساتهم الوحشية تجاه المدنيين والتي فاقت تنظيم داعش بدمويته ودعست على كل الأعراف والمواثيق الدولية التي تدعو لضمان حماية المدنيين وصون كرامتهم أثناء النزاعات .
رامي أبو زين