تستمر رحى الإرهاب بحجريها داعش والأسد بطحن أهالي دير الزور الذين لاينتج عن طحنهم سوى الدم والصبر , من ينتظرون لقمة من خبز يفطرون بها بعد صيام يوم طويل . باتوا لايستطيعون الحصول عليها هنا في الأحياء المحاصرة الخالية من أدنى مقومات الحياة بسبب حصار داعش و خناق قوات الأسد للسنة الثالثة على التوالي , وتكثيف داعش لقصفهم وحرمانهم السعي وراء الحصول على الفتات لإسكات صرخات الأطفال الجوعى . وعلى الجانب الآخر يستمر أهالي ديرالزور بالعيش في ظل حياة أشبه بالسجن القسري المصحوب بالأشغال الشاقة والذي دائما ما تأتيه المفاجآت المتمثلة بالحمم التي تلقيها طائرات الأسد والتحالف الدولي والتي تحصد الأرواح مخلفة المجازر والمآسي اضافة إلى سوط داعش الدموي الذي يسحق كل من تسول له نفسه بالتفكير بالاعتراض على هذه الأحوال.
في الأيام القليلة الماضية خسر تنظيم داعش مناطق عدة في محافظة الرقة التي كان يتخذها عاصمة لدولته المزعومة , على يد قوات سوريا الديموقراطية (قسد ) المدعومة أمريكياً . كانت الضريبة في هذه المعارك استشهاد المئات من المدنيين في محافظة الرقة تحت قصف الطيران الحربي و قذائف الطرفين داعش وقسد .
هذه الخسارة كان لها انعكاسات على التنظيم ومؤيديه وعناصره , فكان عليه أن يقوم بعمل يرفع به معنويات عناصره ويحقق من خلاله مكاسب على عدة أصعدة منها المعنوي ومنها المادي , فكان المكان المناسب لهذا العمل هو ديرالزور , حيث قام التنظيم بتحريك جبهات القتال الهادئة منذ مدة مع قوات الأسد , سارع مقاتلو التنظيم بشن هجوم مفاجئ على قوات الأسد على عدة محاور في مركز المدينة ومنطقة المقابر ودوار البانوراما ومحيط اللواء 137 , استمرت الاشتباكات بين داعش وقوات الأسد ليومين . تقدم التنظيم في عدة مناطق وسيطر على دوار البانوراما ومدرسة تعليم قيادة السيارات القريبة من البانوراما ولم يستطيع الثبات فيها لأكثر من عدة ساعات ليستعيدها نظام الأسد .
فيبدأ بعدها مسلسل القصف المتبادل الذي لن يطال سوى المدنيين , حيث قام التنظيم باستهداف حيي الجورة والقصور المحاصريين بقذائف الهاون والقذائف الثقيلة مما أوقع إصابات كثيرة بين صفوف المدنيين وأدى إلى وقوع ضحايا .
وليس بعيداً عن الأحياء المحاصرة – أي في الأحياء والمناطق المحررة من قوات الأسد المحتلة من قبل داعش – سكن الطيران الحربي سماء الريف الشرقي وأحياء المدينة و أخذ يلقي حممه مستهدفا البنى التحتية للمحافظة كآبار النفط حيث قام بقصف حقل العمر وحقل التنك وحقل الورد بصواريخ ارتجاجية سمعت دوي انفجارها بكل الريف الشرقي , كما استهدف الطيران الحربي أحياء الحويقة والرشدية والعرضي والعمال في المدينة و قصف أيضا مدينة الميادين وبقرص والعشارة وحطلة والصور والبوكمال مخلفاً عشرات الضحايا ومئات المصابين .
يستمر نهج نظام الأسد وتنظيم داعش والتحالف الدولي بلعبة كسرالعظم فوق رؤوس أبناء ديرالزور التي يملؤها الحزن والخوف والتفكير بمستقبل مجهول وحاضر ممزوج بالدم والألم والإحباط , في ظل تجاهل مطلق من كافة الأطراف المشاركة بالصراع على مصير أبناء ديرالزور , وحدهم اخوتهم في الخارج من تعبت أقلامهم من الكتابة عن واقع أهلهم المأسورين والمتضرعين إلى الله أن يخرجهم سالمين من ظلم الأسد والتحالف والبغدادي .