This post is also available in: English
خاص-ديرالزور24
بعد تجربة مريرة عايشها مازن 39 عاماً ، من مدينة ديرالزور، في سجون نظام الأسد في سوريا، كتب له أن يعيش اليوم بالقرب من مدينة أمستردام الهولندية، بعد أن طلب اللجوء من السلطات هنالك، إبان وصوله إليها كمهاجر غير شرعي قطع البحر باتجاه أوربا، شأنه شأن مئات الآلاف من السوريين، ممن فروا من جحيم القصف والاعتقال والممارسات الدموية التي تنفذ بحقهم من قوات الأسد أو داعش بشكل يومي.
ينشط مازن بسيس الحمادة في شأن المعتقلين السوريين في سجون الأسد، سواء بالتوثيق أو كشف ما يعانونه لوسائل الإعلام وصولاً للمشاركة في تنظيم فعاليات للمطالبة بالكشف عن مصيرهم،وذلك رغم حالته المادية والصحية الغير جيدة، يفعل مازن كل ذلك وفاءً بقسم كان قد تعهد به في سجنه أنه سوف يقوم بالعمل على كشف حقيقة ما يحدث في السجون وأنه لن ينسى المعتقلين إذا كتب له أن يخرج من السجن.
يقول مازن عن حياته قبل الثورة: أنا ابن لعائلة تنحدر من أصول ريفية، من قرية البوعمرو بريف ديرالزور الشرقي، كانت تقطن في مدينة ديرالزور، منذ عقود خلت، حتى أنني قد ولدت في المدينة، ورغم ذلك بقيت العائلة محافظة على علاقاتها الاجتماعية في الريف.
ويتابع: كنت خريج معهد صناعي ثم درست في معهد نفط وتخرجت منه، لأبدأ في العمل بإحدى شركات البترول الفرنسية التي كانت تعمل في ديرالزور، إذ كان اختصاصي تصوير آبار وتثقيبها، ولكني رغم المسار المهني الذي شققته لنفسي إلا أنني كنت ابن عائلة ناشطة في العمل السياسي فأخوتي كانوا قد اعتقلوا تباعاً قبل الثورة، حيث بقي أحدهم في السجن لمدة أربع سنوات.
الاعتقال الأول
اعتقل مازن في المرة الأولى أثناء أحداث القامشلي 2004 إذ كان من مشجعي فريق الفتوة في المباراة التي نشبت فيها الانتفاضة الكردية، حيث تم اتهامهم بمحاولة العبث بالأمن و إثارة الشغب، يقول مازن عن ذلك: أن تلك كانت تهم باطلة لأنني رفضت الانسياق وراء التحريض الذي كان يشنه نظام الأسد وأجهزته الأمنية لإثارة فتنة عربية- كردية.
حيث تم الإفراج عنه بعد فترة وجيزة من ذلك، ليعتقل مرة أخرى في لعام 2007 بتهمة تحريض العمال وإثارة النعرات الطائفية، بعد مطالبته بحقوقه في البدل المادي لأضرار المواد المشعة، والتي كان يتقاضاها أبناء المحافظات الأخرى ممن يعملون في الشركة فيما ابن ديرالزور محروم منها، وبعد أن خرج من الاعتقال رفع دعوى قضائية وبعد تهديدات بعد الاعتقال مرة أخرى وصعوبات جمة، كسب القضية وحصل على حقوقه كاملة وعاد للعمل فيها.
بعد الثورة اعتقال…وتعذيب
شارك مازن وأخوته في غالبية المظاهرات التي جرت في مدينة ديرالزور، وبعد مشاركته بيومين في المظاهرة الحاشدة التي هدم فيها المتظاهرون تمثال باسل الأسد في الساحة العامة اعتقل مازن مرة أخرى ليمكث أسبوعين في السجن، ليطلق سراحه بعد إجراء محاكمة سريعة له، وليعتقل أيضاً بعد أشهر على طريق ديرالزور-دمشق بعد عودته من سفره إليها.
ورغم هذه الاعتقالات إلا أنه بقي محافظاً على نشاطه في الثورة من خلال التوثيق والإعلام، إلى أن هدد وأخوته بعد عدة أشهر بالتصفية الجسدية من قبل أجهزة الأمن في ديرالزور، ففضل الخروج باتجاه مدينة دمشق ريثما تتغير الأحوال فيعود لديرالزور.
وأثناء وجوده في دمشق عمل مازن بالتنسيق مع منشقين عن قوات الأسد، بغية تأمين انشقاقهم، كما عمل في الإغاثة، فأثناء وجوده في مقهى ساروجة بدمشق وبعد أن نجحوا وهو واثنين من أقاربه بتمرير مساعدات غذائية وحليب أطفال إلى مدينة داريا وقد كانت محاصرة آنذاك، داهم عناصر من أجهزة الأمن التابعة للنظام المكان، وقاموا باعتقال مازن وأقاربه.
مطار المزة العسكري..والأيام العجاف
لساعات لم يعرف مازن وجهته فقد كانوا جميعاً مغمضي الأعين، وبعد أن أودع زنزانة فيها العشرات من المعتقلين وهي لا تزيد عن أمتار قليلة، عرف أنه في سجن مطار المزة العسكري، حيث شاهد لاحقاً بأم عينه تعذيب وحشي يمارس بحق المعتقلين، بداية بالضرب المبرح وتكسير الأضلاع مروراً بالشبح ووصولاً للحرق والتعذيب باستخدام الكهرباء والخوازيق، وتنقل مازن ضمن السجن عدة مرات، من زنزانة إلى أخرى ومن مهجع إلى آخر، وعذب بمعظم الوسائل السابقة الذكر، مما سينعكس على وضعه الصحي لفترة طويلة لاحقة، كما شاهد أقاربه مرة أخرى في أحدى تنقلاته فيه.
خرج مازن من المعتقل بعد أن قضى فيه ما يقارب خمسة عشر شهر، وبوضع صحي ونفسي سيء، إلا أنه لم يستسلم لما أصابه وقرر العودة لنشاطه في الثورة، في مدينته ديرالزور وبقي فيها عدة أشهر ينشط في مجال الإغاثة والتوثيق، إلا أن ساءت الأمور مع اقتراب داعش حيث قرر الخروج نحو تركيا لكي يعمل على قضية المعتقلين، حيث لم يمكث فيها طويلاً ويقول مازن عن ذلك: لقد شعرت بالغربة اتجاه مؤسسات المعارضة الموجودة فيها.
اعتقل مازن بتاريخ 20/4/2012 ليخرج من السجن في أواخر أيلول/2013، ليكون قد قضى في داخل المعتقل ما يقارب 15 شهراً، ومما يحز في نفسه أنه ترك في المعتقل أخوه وهو طبيب أسنان وزوج أخته وهو مهندس وأبناء أخواته الاثنين وهم طلبة في الجامعة ومازالت الأيام تتقادم دون أن يتبين عن مصيرهم شيئاً، ومن أجلهم وبقية المعتقلين يكمل مازن كفاحه.