لطالما شكلت الجسور المائية في دير الزور خلال الثورة منفذاً للثوار للدخول والخروج من المدينة التي حاصرتها قوات النظام لوقوع المدينة على ضفتي نهر الفرات. حاول النظام تقطيع المحافظة وفصل المدينة عن الريف عبر تدمير بعض هذه الجسور وأكثر ما آلم أبناء المحافظة تدمير الجسر المعلق فهو من أهم معالم المدينة الحضارية.
بدأ الفرنسيون بناءه في عام 1925 في فترة الانتداب الفرنسي لسوريا، بإشراف المهندس الفرنسي مسيو فيفو، حيث يبلغ طول الجسر 476 متراً وارتفاعه 36 متراً ويستند على أربعة قواعد ينبثق عنها أربعة ركائز طول الواحدة 25 متراً، واستُخدم في البناء الأسلوب الغربي في بناء الجسور المعلقة ويعتبر ثاني جسر في العالم مبني بهذا الطراز بعد جسر في جنوب فرنسا. واستمر بناء الجسر ست سنوات وتم تدشينه واستخدامه في نيسان 1931.
كان الجسر المعلق شاهداً على أحداث كثيرة في دير الزور، فأبناء المدينة كانوا يرون فيه مكاناً مناسباً للتظاهر، لما يمثل لهم من قيمة حضارية وتاريخية، ومن جهة أخرى موقعه القريب من منزل المحافظ.
حاول النظام جاهداً ابعاد التظاهرات عنه فنصب الحواجز قربه، ومع تتابع الأحداث اتخذت قوات النظام منه مرصداً ومكاناً للقنص للحيلولة دون سيطرة الجيش الحر عليه وعلى حي الحويقة المجاور. فسقط العديد من المدنيين الذين كانوا يحاولون الدخول أو الخروج من المدينة عبر بعض الجسور المائية الأخرى.
في يوم الخميس 2 أيار 2013 وخلال انسحاب قوات النظام من المناطق المحيطة بالجسر فخخت القوات المنسحبة أعمدة الجسر وفجرته، لقد كان يوماً مؤلماً في حياة الديريين وخلّف ذكرى حزينة لن ينساها أبناء دير الزور وكل من زار هذا المعلم الحضاري.
في ذلك اليوم المشؤوم بكى أهالي دير الزور جسرهم كما يبكون شهدائهم وأبنائهم ولسان حالهم اليوم إننا سنعيد بناءك بسواعدنا كما سنعيد بناء دير الزور عند الخلاص ونيل الحرية. كما يواسي الأهالي أنفسهم بقولهم إن الجسر كان دوماً مطلاً على نهر الفرات لكنه اليوم أبى مرغماً إلا أن يعانقه.