صورة المقال تعبيرية:
تمثل المنظومة الدعائية لتنظيم داعش جزءً حيوياً من استراتيجيتهم وقدرتهم على نشر الرعب وجذب المزيد من المقاتلين والمؤيدين. إلا أن هذه المنظومة تعرضت لانهيار كبير على مر السنوات الأخيرة نتيجة لعدة عوامل، منها مقتل المتحدثين البارزين، وخسارة الموارد المالية، وفقدان الأراضي التي كان يسيطر عليها، وعدم وجود تنسيق بين أذرعته المختلفة. في هذا المقال سنقوم بتحليل هذه العوامل وأثرها على دعاية داعش.
أحد أهم عوامل انهيار المنظومة الدعائية لداعش هو مقتل العديد من متحدثي التنظيم البارزين. فقد كان لديهم قيمة استراتيجية كبيرة في نشر رسائل وتوجيه المقاتلين والأنصار. على سبيل المثال، مقتل العدناني عام 2016 والذي يعتبر مؤسس هذه المنظومة الدعائية، والتي استطاعت تجنيد الشبان حول العالم قبل اكتشاف زيفها.
كما كان التنظيم يعتمد بشكل كبير على التمويل الذاتي من خلال السيطرة على مناطق نفطية وفرض الضرائب على المواطنين. لكن مع فقدان الأراضي التي كان يسيطر عليها، تضاءلت مصادر تمويله ما أثر بشكل كبير على قدرته على تمويل حملات دعائية كبيرة، والانتاج، والترويج، والدعم المالي المركز لهذا الذراع الإعلامي.
من أهم العوامل التي أثرت على المنظومة الدعائية لداعش هو فقدانه للأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق. حيث كانت هذه الأراضي تعتبر جسرًا هامًا لنشر رسائلها وتصوير انتصارات التنظيم. بعد خسارته لهذه الأراضي، فقدت القصص التي كانت تحكيها قوتها وجاذبيتها. وأصبحت تعاني في إقناع المتلقي عن قوتها، ومدى إخلاص عناصر داعش وقياداته، فتحولت محط سخرية بعد اندثار قواته.
بالإضافة إلى العوامل المذكورة أعلاه، يمكن أن نشير إلى تحسن في استراتيجيات مكافحة الإرهاب وزيادة التوعية حول أخطارها على المجتمع. تقدم سابقا داعش أيضًا بتحديات على الإنترنت بفضل استخدامه الجيد لوسائل التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا المعلومات. ومع ذلك، تم اتخاذ خطوات لمكافحة هذه الجوانب الرقمية للدعاية.
تجدر الإشارة إلى أن بعض الدول قامت باتخاذ إجراءات قوية للتصدي لدعاية داعش عبر وسائل التواصل الاجتماعي. من بين هذه الإجراءات، تمثل حظر السوشيال ميديا للحسابات والمحتوى المتعلق بداعش خطوة إيجابية. حيث يتم تعزيز الحظر ومراقبة الأنشطة الإلكترونية للمشتبه بهم والأفراد المنتمين إلى هذه التنظيمات.
أيضا الإجراءات الرسمية، تلعب دوراً أساسياً في التوعية. وتُنظم حملات برامج تعليمية لنشر الوعي حول خطورته. كما يتم توجيه هذه الجهود نحو فئات مختلفة، بما في ذلك الشباب الذي يمكن أن يكون عرضة لتجنيد داعش. فيما ركزت هذه الجهود أن تكون متعددة الوسائل، بما في ذلك الاستفادة من وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية للتواصل مع الشباب ونشر رسائل السلام والتعايش والمواطنة.
الحذر في هذا المجال يتطلب جهودًا مستمرة ومتواصلة. إن التوعية والتعليم هما سلاحان قويان ضد التنظيم وأمثاله. وعلى الدول والمجتمعات والأفراد أن يتحدوا في سعيهم لإيجاد حلول شاملة تستند إلى العقلانية والفهم العميق للأسباب والعوامل التي تدعم التطرف. بالتوازي مع تلك الجهود، يجب أن تبقى الحرية والحوار البناء والتعبير الحر جوانباً أساسية من مجتمعاتنا، مع مراعاة الضوابط والقوانين الضرورية للمنع من تعاطي المؤامرات العنيفة.
إن تفكيك منظومته الدعائية أدى إلى تقليل قدرته على جذب المزيد من المقاتلين وتجنيد أتباع جدد يعود بالنفع على المجتمعات ويحمي شبابهم من الدخول بهذا المنحدر الخطير في حياتهم.
كما يجب على الحكومات والمجتمع الدولي العمل معاً لمراقبة ومنع نشر المحتوى المتطرف المؤذي على الإنترنت وتقديم الدعم للجهود التي تستهدف تعزيز التوعية بأخطاره، وتصحيح الأفكار المغلوطة.
علاوة على ذلك، يجب أن نستمر في التركيز على التعليم والتثقيف، لأن التعليم يعد وسيلة فعالة لمواجهة الفكر المظلم. لأن الأفراد إذا فهموا بشكل أعمق للقيم الإنسانية والديمقراطية والمواطنة، سيصبحون أكثر قدرة على مقاومة هذه الدعاية.
في النهاية، إن انهيار المنظومة الدعائية لتنظيم داعش هو خطوة إيجابية نحو تقليل تأثير الإرهاب والعنف في العالم. وستكون دائمًا ضرورية لضمان أن نتغلب على تأثير الإرهاب ونعمل معًا نحو مستقبل أفضل وأكثر إشراقاً للبلاد.