نجحت داعش في تحقيق ماعجز عنه نظام الأسد خلال الأربع سنوات الماضية فعملت جاهدةً على إخماد فتيل الثورة كما حرصت على الاستمرار في تصفية قيادات وعناصر الجيش الحر في المناطق الخاضعة لها، فأقامت السجون وتفننت في عمليات القتل والذبح حتى اتخذت من ضفاف الفرات وآثار المنطقة مكاناً لتصوير إصدارتها المرئية وبثها على مواقع التواصل الاجتماعي لبث الرعب والخوف في نفوس أبناء تلك المناطق، فلم يكن ” النقيب زياد الخزام ” القيادي البارز في الجيش الحر والذي تمت تصفيته على يد داعش حيث شهدت محافظة دير الزور منذ سيطرة التنظيم تزايداً ملحوظاً في وتيرة الإعدامات الميدانية لقيادات وعناصر الجيش الحر بتهمة العمالة مع الغرب وقتال التنظيم كما حدث مع النقيب زياد الخزام أحد قادة الجيش الحر في محافظة ديرالزور وهو من أبناء مدينة موحسن والذي تمت تصفيته في سجون داعش بعد اعتقال دام لأكثر من سنة.
يمتلك النقيب زياد خبرة ومهارة في الدبابات مما مكّنه من أن يكون عنصراً أساسياً في المعارك الكبرى، فمنذ حزيران ٢٠١٢ حتى منتصف ايلول ٢٠١٣ لم يتوانى زياد عن ساحات المعارك ضد قوات نظام الأسد.
وأولى المعارك كانت معركة تحرير مبنى مسبق الصنع في مدينة الميادين ثم فرع الأمن السياسي وغيرها من المعارك التي كان لطاقم الدبابات دوراً أساسياً في تغيير مجرى المعارك.
لجأت داعش كعادتها قبيل سيطرتها على ديرالزور وريفها لدس عناصرها بين صفوف بعض كتائب الجيش الحر من أجل جمع المعلومات عن بعض القيادات والأشخاص المؤثرين وسرعان ما وضع اسم النقيب زياد الخزام في دائرة المطلوبين لداعش بعد أن تسلم قيادة ألوية أحفاد الرسول في دير الزور والمعروفة بقتالها لداعش ودون علم مسبق منه لما يحضّر له، ذهب بقدميه لمنزل والي داعش في المنطقة والمدعو ” عامر الرفدان ” والذي قُتل بغارة للتحالف مع بعض عناصر التنظيم قبل عدة أسابيع.
في محاولة منه لإنقاذ عناصر من الجيش الحر كانت داعش قد اعتقلتهم تفاجأ بدخول عدد من عناصر التنظيم عليه واعتقاله واصطحابه إلى أحد سجونها، حينها لم يستطع والد النقيب زياد الخزام أو ذويه معرفة أو حتى سماع أي خبر عن ابنه المعتقل في سجون داعش ولا سبب اعتقاله.
حاول تدارك الموقف وإنقاذ ابنه لكن دون جدوى حتى بدأ زملائه بالتجهيز لمعركة مع عناصر التنظيم في قرية جديد عكيدات كما أخبرنا احد المقربين من النقيب زياد حيث يقول: ” كنا نذهب لمنزل عامر الرفدان ويمتنع عن مقابلتنا وفي أحسن الأحوال ينكر وجود زياد
يكمل قائلا : وقد قررنا قتالهم علناً ولكن هناك من كان يرفض قتالهم على أنهم مسلمون و بعد فترةٍ اكشتفنا بأن أولئك الذين قد ماطلوا في قتال داعش كانوا قد بايعوا التنظيم سراً.
كانت لداعش أعين في المنطقة ولا أستبعد شخصياً بأن لهم يد في اعتقال وتصفية زياد في سجون داعش فهو كان يعلم الكثير عنهم وعن فسادهم مما قد يضطرهم للجوء إلى هذا التصرف حفاظاً على سلامتهم. “
بعد أن أحكمت داعش قبضتها على محافظة دير الزور بشكل كامل أغسطس الماضي بدأت تنشر قوائم بأسماء المعتقلين والذين تمت تصفيتهم أو ما زالوا على قيد الحياة، هذه المرة كانت والدته هي من تبحث عنه بين هيئاتهم الشرعية ومحاكمهم في محاولة لاستعطافهم لعلهم يشفقون عليها وعلى زوجته وأبنائه لكن المفاجأة كانت بخبر مقتله في أواخر عام ٢٠١٤.
هذا إن لم يكن قد تمت تصفيته بعد أشهر قليلة من إعتقاله كما أخبرنا أحد المقرّبين منه والذي طلب منا عدم الكشف عن اسمه، فهو لم يكن رجلاً عادياً بالنسبة لداعش حيث يعتبر من أهم القيادات في المنطقة وقائداً لأكبر فصيل كان قد أعلن قتال داعش في دير الزور وداعش حريصة على التخلص من هذه الشخصيات.
شخصية أخرى تضاف إلى قائمة طويلة من الشخصيات الهامة والمؤثرة في العمل العسكري في دير الزور أنهت مسيرتها داعش الوجه الآخر لنظام الأسد التي تعمل جاهدة ً للقضاء على فصائل الجيش الحر والظهور بمظهر الدولة الحقيقية.