دراسة حصرية كيف خططت داعش وسيطرت على الريف الغربي لدير الزور
مقدمة:
يمتد الريف الغربي من بلدة عياش شرقاً وحتى بلدة معدان عتيق غرباً على طول خمسٍ وثلاثين كم
على الضفة اليسرى لمجرى نهر الفرات ويتألف من القرى التالية: عياش، الحوايج بومصعة، الخريطة، زغير شامية، الشميطية، المسرب، العنبة، الطريف، البويطية، التبني، شيحا، أبو شهري، معدان عتيق.
تركيبة السكان في الريف الغربي:
يتوزع السكان من الناحية العشائرية إلى ثلاث عشائر رئيسية هي:
(البوسرايا والبقارة والبوسبيع) حيث يعد الريف الغربي بوابة لمحافظة الرقة ويقع على طريق عام حلب-الرقة -دير الزور- مما أكسبه أهمية اقتصادية كبرى إلى جانب وجود عدة محطات وآبار نفطية يصل عددها إلى 30 بئر منها 25 بئر تعمل حتى الآن.
يعمل غالبية سكان الريف الغربي قبل الثورة السورية في الزراعة، والتي يعتمدون عليها بشكل رئيسي. لكن مع اندلاع الثورة لم تعد الزراعة كافية لتغطية مصاريف المعيشة مما حدى بالسكان إلى
الاتجاه لأعمال أخرى كتجارة النفط –الفيول – أو الانتقال لمناطق عمل أخرى.
الريف الغربي في الثورة السورية:
خلال فترة المظاهرات السلمية خرجت عدة مظاهرات مناهضة لحكم نظام الأسد، أولها كان بتاريخ 12/06/2011 أمام بلدية الخريطة ولحقتها مظاهرات كثيرة في الخريطة وعياش والتبني.
حاول النظام صد المظاهرات باستجلاب شبيحة من أبناء المنطقة مثل حمد الرمضان وهو من سكان بلدة عياش، قام بإطلاق النار على مظاهرة مرت من أمام منزله، وهو حالياً متطوع لدى الجيش الشعبي في المدينة.
التحاق الريف الغربي عسكرياً في الثورة:
تشكلت أول كتيبة في بلدة الخريطة بتاريخ 21/11/2011 وسُميت هذه الكتيبة باسم كتيبة “سعد بن أبي
وقاص”، قائد هذه الكتيبة استشهد العام الماضي في اشتباكات مع داعش في ناحية الكسرة.
قامت هذه الكتيبة بتفجير أول دبابة T72 في مدينة دير الزور بقذيفة آر بي جي قتل على إثرها
طاقم الدبابة على رأسه ضابط برتبة ملازم أول .
بلغ عدد الكتائب المقاتلة في الريف الغربي 71 كتيبة مقاتلة عام 2013 ومن هذه الكتائب والألوية :
لواء طارق بن زياد، لواء معاذ الركاض، لواء الأمة، لواء رمضان باشا الشاش، لواء الشرق.
شاركت هذه الألوية في معارك كثيرة ضد النظام مثل معركة تحرير الجسر الحربي 2012/10/18 ومعركة تحرير حاجز معدان 2013/01/16 ومعركة تحرير موقع الكبر النووي 02/16/2012 وتحرير محطة المهاش النفطية بتاريخ 2013/01/10 ومساندة جبهة النصرة بتحرير منجم الملح 31/5/2013 والمساعدة بتحرير حاجز الشولا مع لواء جعفر الطيار بقيادة سليم أبو محمد الشحيلاوي.
ثوار الريف الغربي في مواجهة داعش:
لم يتوقف الثوار في الريف الغربي عن مقاتلة النظام حتى بدء تنظيم الدولة بإثارة المشاكل، حيث بدأ
معاركه مع أحرار الشام هناك وما لبثت أن تدخلت جبهة النصرة لحل الخلاف بينهم ولكن دون جدوى. وبدأت المعارك بين الجبهة والتنظيم بعد مقتل سبعة من عناصرها كان أبرزهم الأمير العسكري أبو اليمان
ووصلت المعارك حتى بوابة منجم الملح، لكن الدعم الذي تلقاه التنظيم – داعش – من معقله في الرقة حالت دون سقوط المنجم بيد الثوار.
عدد من قتل في تلك المعارك التي دارت بين داعش وبين ثوار الريف الغربي كان بحدود 50 مقاتلاً، تراوحت أسباب مقتلهم ما بين اشتباك وتفجير انتحاري.
وكان من أبرز المقتولين: الشيخ أبو محمد الحمصي قاضي الهيئة الشرعية، ابراهيم الخرفان من وجهاء العشائر، أبو عبد الله حميدات شرعي الأحرار.
داعش تبسط نفوذها على الريف الغربي بالتدريج:
لقد كان تنظيم الدولة مطبقاً على الريف الغربي كاملاً، فهو محاصر من الشمال عبر المناطق التي يسيطر عليها التنظيم ومن الشرق من ناحية النظام والجنوب من ناحية الشولا التي سيطر عليها بعد مجزرة قام بها التنظيم ذهب ضحيتها 27 شخصاً من بينهم قائد أحرار الشام في الريف الغربي أبو البراء مهند المحسن-ومن جهة الغرب منجم الملح حتى الرقة الخاضعة لسيطرته بشكل كامل.
ومن ناحية أخرى الخيانات التي كانت تطعن بظهر المقاتلين ساعدت داعش على السيطرة فقائد قطاع نهر الفرات والذي كان أميراً في جبهة النصرة ويدعى ع.أ كانت مهمته حراسة النهر ومراجعة نقاط الرباط جبهات القتال – خلال النهار، وفي الليل يقوم بإيصال المدنيين والعسكريين لإعلان التوبة عن قتال داعش وتسجيل أسماء المقاتلين الذين يقاتلون بحق تنظيم الدولة الإسلامية، وإدخال سيارات الانتحاريين إلى مقرات الجيش الحر وكتائب أحرار الشام وجبهة النصرة.
العمليات الانتحارية التي طالت الثوار في الريف الغربي:
وهي على الترتيب:
1- انتحاري فجر نفسه في بيت شيخ ذياب من ابناء بلدة الشميطية تسبب بمقتل فتاة و تشويه طفل وفتاة أخرى.
2- دراجة آلية يقودها انتحاري فجر نفسه في بلدة الطريف سبب مقتل مدني وأبنه.
3- انتحاري فجر نفسه في مقر الهيئة الشرعية في بلدة الشميطية سبب مقتل سبعة أشخاص من بينهم الشيخ
أبو محمد الحمصي قاضي الهيئة الشرعية، ابراهيم الخرفان من وجهاء العشائر، أبو عبدالله حميدات شرعي
الأحرار.
4- انتحاري يقود سيارة مفخخة فجر نفسه في مقر لواء بدر الإسلامي سبب مقتل اثنين أحدهما من
عناصر لواء بدر وآخر مدني.
وسط هذا الرعب نتيجة التفجيرات التي جرت والتي كان يهدد التنظيم بارسال 18 سيارة مفخخة جديدة للخط الغربي ومن جهة أخرى تدخل شخصيات عشائرية لها ثقلها تدعو لتجنب
القتال ونزع سلاح الكتائب وإدخال الدولة الإسلامية إلى الخط الغربي وحقن دماء المسلمين وتم تقديم وساطة بين هؤلاء الوجهاء من جهة وما بين أبو عمر الشيشاني من جهة وما بين الكتائب المقاتلة تضمن نزع سلاح الكتائب وتسليم عشرين مطلوباً للقصاص من بينهم أبو حيدرة التونسي أمير جبهة النصرة في الريف الغربي ورفع أعلام التنظيم ودخول المهاجرين فقط.
لكن الأمر لم يتم كذلك فقد فرّ المطلوبين وعددهم وصل لأكثر من 150 مطلوباً ودخل تنظيم داعش بكل تشكيلاته المقاتلة بعد قتال دام ثمانية أشهر تقريبا وأكثر من 50 قتيلاً من الخط الغربي ومئات القتلى أغلبهم من عشيرة البو سبيع -سكان ناحية التبني- وفي تاريخ 2014/06/21 دخلت داعش بلدة الخريطة رافعة علمها فوق قوس مدخل البلدة وبعدها بثلاثة أيام دخل رتل للتنظيم بهدف استعراض القوة.
لماذا استماتت داعش في السيطرة على الريف الغربي؟
أهمية الريف الغربي بالنسبة للتنظيم:
-1 خط فاصل مع قوات النظام السوري
-3 احتوائه على محطات نفطية مثل محطة الخراطة وحقل المهاش
-4 احتواء الريف الغربي على سلة من الخيرات الزراعية ومردود عمل كبيركون غالبية السكان يعملون في شركات نفطية.
سياسة التنظيم القمعية:
لم تلقى ترحيباً سياسة التنظيم لدى الأهالي فقد تم فرض اللباس الشرعي بالقوة وجلد وتغريم كل من يخالف ذلك، بل وقاموا بجلد شيخ يبلغ من العمر سبعين عاماً لأن احدى بناته لم تكن ترتدي اللباس الشرعي -عباءة
إسلامية ونقاب مؤلف من طبقتين ودرع فضفاض وقفازات سوداء وجوارب سوداء وحذاء أسود.
اضافة للمخالفات التي كانوا يفرضونها بسبب التدخين والجلوش مع غير المحرم واللباس الضيق للشباب وحلق اللحى.
كذلك كل ما كان يتعلق بالتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد ومعاقبة كل متأخر عنها إما بالجلد أو الحبس وأحيانا إرساله إلى جبهات القتال والتغريم مالياً.
لم تقتصر تلك القوانين على سواد الناس بل إنها شملت المتعاطفين للتنظيم والذين استماتوا سابقاً لدخول
داعش ظنا منهم أنها أملهم وستضمن لهم حياة كريمة، ولكنها لم تكن عند آمالهم التي بنوها، فلم تكن
داعش سوى عصابة قامت بجمع الأموال وصرفها على ملذاتهم الشخصية دون اكتراث بالفقراء، ووصل بهم الأمر مرةَ أنهم دفعوا فاتورة في أحد المطاعم في بلدة الشميطية لشخصين بقيمة 80 ألف ليرة سورية فقط لوجبة غداء.
لماذا تشدد داعش الخناق على الأهالي؟
ضيق التنظيم على الأهالي لهدف واحد فقط وهو ارسال أبنائهم لمبايعة التنظيم ولكن الشباب هربوا من التنظيم إلى تركيا للعمل أو إلى الدول الأوربية للدراسة هناك وتأمين مستقبل بعيد عن التطرف الفكري والمنهجي، وبعضهم غادر إلى محافظات سورية أخرى للقتال مع فصائل الجيش الحر وجبهة النصرة التي غادرت المحافظة بعد معاركها العام الماضي ضد التنظيم.
أبشع الانتهاكات التي مارستها داعش ضد الأهالي:
من أكثر الممارسات البشعة للتنظيم قطع رأس موسى زهدي الخرسان ذو الـ 17 عام بتهمة المساس من
هيبة التنظيم، يذكر أن موسى من ابناء بلدة الخريطة حيث قاموا بقطع رأسه أمام أقاربه وتعليق راسه
على بيك اب يقول التنظيم أنه أحرقه ومنع أحد الاقتراب منه. بعد اسبوع من اعدامه تبين للتنظيم أن موسى بريء مما دفع الأمير العسكري في الريف الغربي ليعتذر من والد موسى وعرض فدية مالية قيمتها 4 مليون ليرة سورية، لكن الأب رفض المال وقال أريد حقي من الله تعالى وليس من أحد.
عوقب عناصر داعش الذين حكموا على موسى بالأعدام بالصيام بضعة أيام!!
طيران التحالف الدولي – طيران النظام السوري- داعش
أول الغارات الجوية كانت على جبل طابوس مستهدفة معسكر داعش التدريبي ومنجم الملح معقل التنظيم الرئيسي في الريف الغربي أسفر الهجوم عن مصرع 30 عنصراً في صفوف داعش وهو رقم دقيق، كان من بينهم 9 مقاتلين من سكان الريف الغربي ممن بايعوا داعش، وكذلك جرح العشرات.
النظام السوري في الريف الغربي لدير الزور:
على عكس طيران التحالف الدولي قام الطيران السوري بالتدمير عشوائياً ولم يصيب أي هدف من مقرات
داعش بل إن طيران الأسد كان يصيب ويدمر منازل المدنيين وممتلكاتهم.
يمتلك النظام السوري في الريف الغربي نقطة متمثلة بمعسكرات عياش، واللواء 137 الذان يعتبران مركزاً
لعمليات القصف العشوائي التي يقوم بها النظام بشكل يومي على المنطقة.