نشرت صحيفة (وول ستريت ) الأمريكية تقريراً في عددها الصادر الثلاثاء 17-4-2018 كشف النقاب عن نية واشنطن تشكيل ائتلاف قوى عربية ليحل محل قواتها المتواجدة على الأراضي السورية.
وتناول التقرير تصريحات لمسؤولين أمريكيين لم تسمهم الصحيفة عن مجموعة تدابير يقوم بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بهدف الوصول إلى مذكرة تفاهم مع عدد من العواصم العربية تقضي بإرسال قوات عربية من بعضها فيما تتكفل أخرى بتمويل هذه القوات.
وأشارت الصحيفة أن مستشار الأمن القومي الأمريكي الجديد جون بولتن قد أجرى اتصالاً هاتفي مع رئيس الاستخبارات المصرية عباس كامل بحثا من خلاله إمكانية إرسال مصر لقوات بشرية إلى سوريا ضمن خطة أمريكية تقضي بسحب القوات الأمريكية المتواجدة في سوريا و استبدالها بقوة عربية متعددة الجنسيات.
و في تصريح لوكالة الأناضول علق المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون “أريك باهون ” على ما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال ” حول جولة اتصالات تجريها واشنطن مع عدد من البلدان العربية لاستبدال قواتها المتواجدة على الأراضي السورية بقوله ” إنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد صرح بأن بلاده طلبت من حلفائها تقديم المزيد من المساهمات لجعل سوريا مكاناً أكثر استقراراً “.
و أضاف : ” سنواصل التشاور مع حلفائنا و شركائنا حول الخطط المستقبلية في سوريا”.
كما أوضح المتحدث باسم البنتاغون أنهم ينتظرون من دول المنطقة و خارجها العمل مع الأمم المتحدة لتحقيق السلام في سوريا.
من جانبه أكد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي خلال لقاء جمعه مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش عشية نشر “وول ستريت ” لتقريرها، أن بلاده على استعداد لإرسال قوات إلى سوريا ضمن تحالف عربي تتولى أمريكا التنسيق له.
وقال الجبير: ” إن محادثات متواصلة تجري بين بلاده والولايات المتحدة الأمريكية لدراسة حيثيات الخطة الرامية لإرسال قوات عربية إلى سوريا “.
و تعتبر تصريحات وزير الخارجية السعودي حول الخطة الأمريكية في سوريا هي الرد العربي الرسمي الوحيد على ما توارد من تسريبات و تصريحات من مسؤولين أمريكيين عن نية أمريكا إرسال قوات عربية إلى سوريا كبديل للقوات الأمريكية هناك.
ويتواجد حوالي 2000 جندي أمريكي على الأراضي السورية ضمن مشروع التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي انطلق عام 2014 تحت ذريعة محاربة تنظيم داعش المتواجد في سوريا والعراق يأتي المشروع الأمريكي الجديد ليؤكد على تخبط الإدارة الأمريكية في التعاطي مع الملف السوري، حيث ظهر المشروع الأمريكي للعلن قبل رسم خطة دقيقة لإنجازه، و يلف الغموض معظم جوانبه، إذ لم تضع الإدارة الأمريكية خطة زمنية محددة لتنفيذ هذا المشروع، ولم تحدد التفاصيل المتعلقة بجنسية هذه القوات و عددها و مهمتها في سوريا.
و في هذا السياق يرى مراقبون أن المشروع الأمريكي هو صورة طبق الأصل للتحالف العربي ضد الحوثي في اليمن وعليه فإن المشروع ولد ميتاً نتيجة مقارنته مع النتائج التي حققها التحالف العربي في اليمن والذي بلغ سنته الثالثة دون تحقيق الهدف المرجو منه في الملف اليمني .
فيما يرى محللون أن الخطة الأمريكية إن تمت في صورتها الحالية فهي إنذاراً لتعقيد الأمور على الساحة السورية بدلاً من حلها.
وبحسب رؤيتهم هذه القوات السعودية ستجد نفسها في مواجهة مباشرة مع القوات الأيرانية التي باتت تسيطر بشكل واضح على أغلب المناطق التي انسحب منها تنظيم داعش وفي مقدمتها محافظة ديرالزور، مما ينذر بحرب سعودية – إبرانية ساحتها سورية الأمر الذي سيطيل أمد الصراع في سوريا .
وفي مقال نشرته صحيفة الغارديان البريطانية اليوم، حذرت الصحيفة من مغبة تطبيق المقترح الأمريكي بإرسال قوى عربية إلى سوريا مؤكدة أن مثل هذه الخطوة دونها عقبات كثيرة، وقد تؤدي إلى تفاقم الصراع، واصفة تلك الفكرة بأنها “غير قابلة للتطبيق”.
وأضافت الغارديان في مقالها : “بالنسبة للسعودية والإمارات، فقد دخلتا حرباً وحشية في اليمن منذ عام 2015، وهما بالأصل ليس لديهما قوة بشرية كافية، فضلاً عن قلة مواردهما العسكرية.
وقالت: “أيضاً فإن السعودية والإمارات يعيشان اليوم صراعاً مع قطر، التي كان يمكن أن تكون قوة مساهمة في مثل هذا التشكيل المفترض، بينما تبدو مصر أقرب إلى النظام السوري من بقية شركائها في الخليج”.
وجاء أيضاً في مقال الصحيفة البريطانية :
“يرى خبراء أنّ من الممكن أن تعمل الدول العربية على تمويل جيش من المرتزقة، وقد تساعد أيضاً في تجنيد بعض المقاتلين من دول نامية مثل السودان، ولكن لن تتمكن من إرسال قواتها إلى هناك (سوريا)”.
وأوضحت أنه “سبق لوزارة الدفاع الأمريكية أن رفضت طلباً، العام الماضي، حول إرسال قوات من المرتزقة إلى أفغانستان، لكن فكرة إرسال قوات إلى سوريا بدت أكثر جاذبية مع وجود شخص مثل جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي، الذي يرى أن الولايات المتحدة تحملت العبء العسكري في سوريا، وأنّ الدول العربية يجب أن تقدم الجنود والمساعدة المالية في الحرب ضد تنظيم داعش”.
تتوالى ردود الأفعال والتكهنات إن صح القول من دول إقليمية و عربية حول الخطة الأمريكية القادمة في سوريا وسط الضبابية التي تعتري تفاصيل هذه الخطة، فيما يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتخذ خطوات متسارعة لتحقيق وعوده في سحب القوات الأمريكية من سوريا خلال مدة أقصاها ستة أشهر حسب تصريحات أدلى بها في أكثر من مناسبة خلال الأيام الماضية.
بقلم:
رامي أبو الزين