خاص-ديرالزور24
طالما كان للحدود العراقية السورية قصصها الكبرى، فهي شريان الحياة للقبائل الموجودة على طرفيها من خلال عمليات التهريب بين البلدين، كذلك كانت رمزاً للنزاع بينهما إبان حكم الأسد في سوريا وصدام حسين في العراق حيث أقفلت بشكل نهائي وكان مصير من يعبرها الموت، هذه الحدود التي كان لفتحها أثراً إيجابياً على محافظة دير الزور قبيل إنطلاق الثورة السورية.
بعد إنطلاق الثورة وتحرير معظم النقاط الواقعة على طرفي الحدود إزدادت أهميتها من حيث عبور الأفراد أو المهربين أو تأمين السلاح والذخائر وكذلك تهريب النفط والدخان وغيرها من المهربات , حيث أصبحت المناطق على الحدود مناطق جذب لعمليات التهريب , وأزدادت أهميتها بشكل كبير مع سيطرة داعش على منطقة الأنبار غربي العراق وسيطرة جبهة النصرة على شرقي سوريا، حيث كان الفصيلان يشكلان جسماً واحداً فازدادت وتيرة عبور الأفراد والأسلحة والذخائر وحتى الآليات الثقيلة والسيارات , التجارة الأكثر إزدهاراً في تلك الفترة كانت تجارة النفط الخام من سوريا باتجاه العراق , حيث كانت صهاريج النفط تعبر الحدود في وضح النهار وتحت حماية مسلحة ليتم تكريرها بدائياً في العراق أو بيعه كنفط خام.
بعد الصراع الذي حصل بين جبهة النصرة وداعش على النفوذ في سوريا أصبحت الحدود معبراً لمقاتلي داعش وأسلحتهم من أجل القتال في سوريا , وكانت داعش قد سيطرت على الحدود من جهة العراق بسهولة مطلقة، حيث إنهزم الجيش العراقي دون أي مقاومة تذكر رغم التسليح الكبير الذي يتمتع به والتجهيز العالي.
شهدت الحدود تطوراً آخر كبير في نهاية العام 2014 حيث سيطرت داعش على ديرالزور، وبالتالي سيطرت على طرفي الحدود العراقية السورية وأعلنت إلغاء الحدود، بين سوريا والعراق في مشهد دعائي يدعم البروبيغاندا الدعائية لداعش حيث تم تصوير عناصرها وهم يهدمون السواتر الترابية للحدود بين سوريا والعراق تحت عنوان لا (لسايكس – بيكو) وهي اتفاقية ترسيم الحدود المعروفة بين سوريا وجيرانها .
إزالة الحدود بين سوريا والعراق , فتح المجال لسهولة التنقل فازدادت حركة العبور وإزدادت طرق التجارة بين الطرفين، حيث شهدت المناطق الحدودية إزدحاماً شديداً من كلا الطرفين، وشهدت مناطق البوكمال والميادين وهما المنطقتان الحدوديتان على الطرف السوري إزدحاماً كبيراً، حيث أصبح رؤية العراقيين أمراً شائعاً فيهما بل وأصبح ظاهرة واضحة للعيان، خاصة مع إستلام أشخاص عراقيين لمسؤوليات الإمارة والولاية في ولاية الفرات التي تتبع لها المدينتان.
كان دخول العراقيين لأسباب كثيرة , أهمها التجارة خاصة تجارة النفط والخضار والفواكه وغيرها , وكذلك للعلاج حيث شهدت عيادات الأطباء والمشافي والمخابر إزدحاماً شديداً من قبل العراقيين القادمين لتلقي العلاج، ويعود ذلك لعدة أسباب أهمها رخص المعاينات وتكلفة العمليات الجراحية، إضافة لعدم وجود خدمات طبية جيدة في المناطق التي قدموا منها، خاصة ما سمي ولاية الأنبار حيث لا يتوافر عدد كبير من الإختصاصات الطبية أو المشافي المجهزة مما تسبب في إزدحام كبير في المناطق الحدودية خاصة مدينتي البوكمال والمياذين كما اسلفنا.
يضاف إلى ذلك عبور اللاجئين العراقيين من مناطق الصراع في الأنبار والموصل، حيث توجه هؤلاء عبر الحدود السورية إلى كافة مناطق سوريا وصولاً إلى تركيا , فقد شهدت الحدود نشاطاً كبيراً لعبور اللاجئين،خاصة بعد إنطلاق معارك الموصل ونزوح العديد من العائلات العراقية منها.
على الجانب الآخر من الصورة شهدت هذه الحدود عبور الكثير من المقاتلين الأجانب بين الطرفين وعبور الأسلحة والآليات الثقيلة بمختلف أنواعها وأصنافها , حيث كانت الحدود نقاط تواصل داعش بين البلدين خاصة أنه دمج المنطقتين الشرقية لسوريا والغربية للعراق أي المنطقة الشرقية لدير الزور من حدود البوكمال ومنطقة القائم العراقية على الحدود بما سمي ولاية الفرات.
هذه الحدود تحولت إلى معابر للموت بين الطرفين، يعبر منها المقاتلون باتجاه البلدين وهم يقودون عرباتهم المفخخة، وأصبحت ملجأ آمن لمقاتلي داعش على كلا الطرفين , لذلك فالحرب ضد داعش لن تنجح إذا لم يتم إغلاق الحدود بشكل كامل , وبالتالي منع التنقل على جانبي الحدود مما يؤدي لحصار مقاتليها في منطقتين منعزلتين ومنع هروب عناصرها من وإلى الطرفين، ومنع طرق الإمداد والممرات الاستراتيجية التي يستخدمها من أجل الدعم اللوجستي للطرفين , مع الإبقاء على ممرات آمنة لخروج المدنيين، كذلك إقامة مخيمات على طرفي الحدود من أجل إستيعاب اللاجئين وعدم تركهم لمصير مجهول.
إغلاق الحدود هو أول خطوات إنهاء داعش في المنطقة وعدم ترك مجال لحرية التنقل بين البلدين، وبالتالي العمل على تطهيرها من وجود داعش وجعلها أماكن آمنة وحصار داعش في مقراتها وبالتالي الحد من خطورتها، وسهولة إنهاء تواجدها في المنطقة.