This post is also available in: English
بقلم رامي ابو الزين:
يتزامن دخول الثورة السورية في عامها السابع، مع إعلان مجموعة من فصائل محافظة ديرالزور في ريف حلب، تشكيل ما سمي بمجلس دير الزور العسكري، قبل الدخول في تفاصيل هذا التشكيل يجدر الرجوع قليلاً إلى مراحل زمنية عاشتها دير الزور من السلمية والتحرير إلى الاصطدام مع الجماعات الإسلامية.
دير الزور الانتفاضة:
انتفضت دير الزور في وجه نظام الأسد، منذ الأيام الأولى في عمر الثورة السورية.
ففي بداياتها اتخذت الطابع السلمي والتظاهر المدني لشهور عدة، إلى أن ازدادت وحشية النظام وزبانيته في التصدي لتلك التظاهرات.
وبعد ازدياد أعداد الشهداء السلميين الذين يرتقون بعد كل مظاهرة وكل تشييع على يد الأمن السوري، هبت مجموعات قليلة من أبناء دير الزور لحمل السلاح من أجل حماية التظاهرات المدنية.
ومع استمرار وتيرة القتل من قبل قوات الأسد، للمدنيين والاعتقالات العشوائية للمتظاهرين والتنكيل بهم، بدأ ازدياد عدد هذه المجموعات وازدياد أعداد أفرادها، لتكون نواة للجيش السوري الحر في دير الزور.
ديرالزور والتحرير:
المواجهة مع قوات الأسد، أصبحت أمرا محتماً بعد أن كشرت قوات الأسد، عن أنيابها وخاصة بعد استخدامها للسلاح الثقيل في قصف أحياء مدينة ديرالزور، والقرى المطالبة بإسقاط الأسد.
الأمر الذي دفع مجموعات الثوار المتشكلة على امتداد المحافظة، بالتوجه نحو المقاومة العسكرية لقوات الأسد، والميلشيات الموالية له على الرغم من أعدادهم القليلة وسلاحهم الغير نوعي.
فإيمانهم بالثورة على الظلم وحقهم باستنشاق الحرية، كان تعويضاً للسلاح النوعي وأعطاهم القوة على مواجهة الأسد، بأعدادهم القليلة وسلاحهم القليل وإخلاصهم للثورة ودماء الشهداء.
فقد استطاعت كتائب الجيش الحر، من تحرير نسبة 95 بالمئة من مساحة دير الزور والتي تعتبر ثاني أكبر محافظة في سوريا، من حيث المساحة بعد محافظة حمص.
يشار إلى أن مجموعات الجيش الحر بدير الزور في تلك المرحلة(مرحلة التحرير)، كانت تتلقى دعم مادي بسيط لشراء الذخيرة والسلاح الخفيف، و أغلب هذا الدعم يأتي من الثوار المدنيين.
واستطاعوا من خلاله تحرير نقاط عسكرية كبيرة و هامة، كمطار الحمدان في مدينة البوكمال، ثكنة المدفعية في مدينة المياذين، فروع أمنية داخل مدينة ديرالزور، والكثير من الحواجز العسكرية الكبيرة ذات الأهمية العسكرية على امتداد المحافظة.
القاعدة في ديرالزور:
بعد تحرير الريف الشرقي من قبل الجيش الحر، بدأ يذاع اسم جبهة النصرة، في جنبات المحافظة الثائرة وخاصة بعد منتصف عام 2012.
كان الترويج للإسم بداية عن طريق شباب من الجيش الحر، التقى بهم شيوخ النصرة واقنعوهم بفكرهم الجهادي المنظم وبدأت مسيرة النصرة، من خلال كسب الولاءات في القرى ذات الطابع العشائري، لتكون نواة لتأسيس جبهة النصرة بالمنطقة.
خلال فترة قصيرة أشتد عضد جبهة النصرة في المنطقة، عبر خطوات منظمة ومدروسة، ابتدأت بالاستيلاء على بعض آبار النفط المحررة وحقل غاز كونيكو لتكون رديف مادي لها. واتجهت بعدها إلى تشويه صورة الجيش الحر وإضعاف فصائله، من خلال استقطاب عناصره وضمهم لها لتصبح جبهة النصرة القوة المهيمنة في دير الزور، وصاحبة الرأي في أي عمل عسكري أو أي نية للتحرير.
داعش في ديرالزور:
المرحلة التي سبقت سيطرة داعش على دير الزور، اتسمت بهيمنة جبهة النصرة على العمل العسكري، مع تواجد لألوية الجيش الحر، لكن عمل كتائب وألوية الحر كان يغلب عليه طابع التشرذم وعدم التنسيق فيما بينها، فكان ذلك من أسباب ضعفها في المحافظة.
بدايات تنظيم داعش، في المحافظة كان عن طريق مجموعة لاتتجاوز ال 50 عنصراً وليس لهم أي جبهة قتال مع قوات الأسد، ولم يكن لهم أي ذكر في تلك الفترة.
كانت معركتهم ضد ألوية أحفاد الرسول، أحد مكونات الجيش الحر في ديرالزور، هي الأولى في المحافظة، فكانوا هم من يحملون لواء المعركة، أما المنفذ هم جبهة النصرة وإلى جانبهم كتيبة الحمزة (الفاتحون من أرض الشام )، لتكون أول صفعة مباشرة يتلقاها الجيش الحر في المحافظة، حيث تمت مهاجمة مقرات أحفاد الرسول والاستيلاء على عتادهم وأسلحتهم وأسر العديد من العناصر وبعض القادة.
ولم تأخذ فصائل الجيش الحر في دير الزور درساً، من هذه الحادثة أو ربما لم يتحسسوا الخطر المحدق، ليستمر حالهم في التفرق والتفرد في الرأي، إلى أن تم الهجوم من قبل التنظيم على محافظة دير الزور والسيطرة عليها، بعد معارك دامت لأشهر تكبد فيها الطرفان خسائر فادحة، انتهت بسيطرة داعش على كامل المناطق المحررة في 20/7/2014 وطرد جميع الفصائل المناوئة له.
الجيش الحر بعد داعش
.
بعد سيطرة داعش على محافظة دير الزور، ضاقت الأرض بما رحبت بفصائل الحر، خاصة التي قاتلت داعش هناك .
فاختلفت مواقف الألوية المتواجدة في ديرالزور، فمنهم من لم يدخل في قتال مع التنظيم قبل سيطرته على المحافظة، فقام بمبايعة داعش وانخرط معه.
ومنهم من وقف مناصراً للتنظيم، أي يبقى في جبهاته مع الأسد، تحت تبعية التنظيم.
أما القسم الأكبر من ألوية الجيش الحر في دير الزور، فقد آثر مغادرة المدينة متجها إلى المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر في المحافظات السورية، كالقلمون في دمشق وريف درعا وريف إدلب وريف حلب والبادية السورية، وقسم من الألوية انحل وعاد عناصره إلى حياتهم المدنية الطبيعية.
شارك أبناء دير الزور إخوانهم الثوار معارك التحرير في جميع المحافظات السورية، وسال دمهم على التراب سوريا من اللاذقية إلى حمص وحماة ودمشق وحلب وإدلب.
فقد عانت فصائل الجيش الحر الديري كثيرا بعد معاركهم مع تنظيم داعش خارج المحافظة، فلم تعد لديهم القوة التي كانت من قبل وساعد على إضعافهم تفرقهم وتواجدهم في أكثر من منطقة في سورية وغياب التنسيق، حيث باءت معظم المحاولات لتجميهم بالفشل لعدة أسباب، أهمها اختلاف الداعمين لألوية الحر وعدم وجود النية الجادة لدى هؤلاء الداعمين في تحرير دير الزور، وربما السبب الأهم هو الاستكانة للداعمين وللمشاريع الخارجية.
ظهر في الأيام القليلة الماضية تشكيل جديد لعناصر من الجيش الحر من دير الزور أطلقوا عليه أسم (المجلس العسكري لدير الزور)، ضم المجلس حسب ما جاء في البيان العسكري المرئي ما يقارب عشرة فصائل، انقسمت الآراء حول هذا التشكيل في الشارع الثوري الديري، فمنهم من أيد هذا التشكيل ورأى فيه نواة الخلاص والتحرير لدير الزور، ومنهم من انتقده كونه يشابه (التجمع المتفرق)، بسبب كثرة أسماء الألوية والكتائب وسيرهم على نفس النهج الذي كان سبب في خسارة المحافظة من قبل وهو غياب التوحد الجدي الذي يصهر تلك الأجساد في جسم جديد يتحمل مسؤولية المرحلة الراهنة، كما لوحظ غياب الفصائل الكبرى عن المجلس ك فصيل أحرار الشرقية المتواجد شمال سوريا، ما ينذر بتكرار قضية عدم وجود نية جدية لتوحيد القوى المقاتلة الديرية لتحرير المحافظة من قوات الأسد وداعش.