This post is also available in: English
أحدث تنظيم داعش خلال الأسابيع القليلة الماضية ضجّة كبيرة في الوسط المحلي للسكّان في ديرالزور وفي الوسط العالمي بين الدول التي أعلنت موقفها بشكل واضح في التصدي لهذا التنظيم الإرهابي.
التساؤلات التي دارت ولا تزال تدور عن كيفية تفكير داعش لسير المعركة في أطراف ديرالزور على الضفة الشرقية لنهر الفرات وكيف أستطاع أن يطيل من عمر المعركة حتى اليوم على العكس من تمكن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وشريكها قوات سورية الديمقراطية المعروفة ب ” قسد ” من صد التنظيم وطرده من مساحات كبيرة كانت تحت نفوذه .
لم يتبق لداعش في سورية فعلياََ سوى بضعة مئات من المقاتلين أغلبهم من السوريين والقسم الآخر من جنسيات آسيوية وقسم قليل من الأوربيين , وهؤلاء المقاتلين انحصروا في مساحة ضيقة لا تتعدى بضعة كيلومترات على الحدود السورية العراقية من جهة البوكمال ” شرق نهر الفرات “.
وفي معاركهم الأخيرة على أطراف مدينة هجين يحاول أولئك المقاتلون أن يوحوا للعالم أجمع بأنهم ليسوا قلّة قليلة كما يظن الكثيرين وبأنهم قادرون على قلب المعادلة العسكرية في المحافظة وربما أن يعيدوا السيطرة من جديد على مدن وبلدات كانت قسد قد انتزعتها من قبضة تنظيم داعش منذ ما يقارب سنة مضت .
في الأيام القليلة الماضية استطاع مقاتلون من تنظيم داعش أن يصلوا حتى أطراف بلدة غرانيج , إحدى بلدات الشعيطات المعروفة . وهذا الوصول لمقاتلي التنظيم كان خفيةََ وتلصصاََ وأرادوا من ذلك أن يحدثوا شرخاََ كبيراًً في صفوف المقاتلين على الجبهات وأيضاََ في صفوف المدنيين الذين يسكنون في تلك القرى والبلدات بأن داعش قادر على الوصول إليكم وبأن الدعم الذي تقدمونه للتحالف الدولي ولقوات سورية الديمقراطية في قتال التنظيم سوف تدفعون عليه ثمناََ باهظاََ .
هذا الأسلوب ليس جديداََ على التنظيم وقد مارسه من قبل في العراق لعدة سنوات من خلال حملات الإغتيالات المنفردة وتصفية أشخاص عارضوا التنظيم وسياساته التي اتبعها على الأرض . ذات اليوم يتكرر في ديرالزور بالإضافة للهالة الإعلامية التي يبثّها أنصار داعش على منصات التواصل الإجتماعي في الترويج عن بقاء قوة داعش في المنطقة وأن اختفاء النسبة الأكبر من أولئك المقاتلين في التنظيم إنما هي لحسابات يقدّرها التنظيم وينتقيها في الوقت والزمان المناسبين .
لكن تلك ليست هي الحقيقة .. الحقيقة تكمن بأن التنظيم ظاهرياََ انحسر وتكسّرت أجنحته ومقولة ” باقية ” أصبحت من ضرب الخيال , وبأن محاولاته في زعزعة أمن المنطقة من خلال عمليات منفردة هنا وهناك , أصبح أمراََ مكشوفاََ على الجميع . فاليوم الجميع يدرك حقيقة أن التحالف الدولي في النهاية ومهما طالت مدة المعركة سوف يقوم بتطهير ديرالزور من داعش مهما طالت المدة ولكن حيثيات التعامل مع التنظيم ربما اختلفت عما حدث في محافظة الرقة على سبيل المثال .
ففي ديرالزور هناك قسم ليس بالقليل من المقاتلين العرب ممن يقاتلون داخل صفوف قوات سورية الديمقراطية , لم يحظوا حتى اللحظة بحرية القرار الذي يمكّنهم من مواجهة داعش بخبراتهم التي يملكونها منذ أن قاتلوه في عام ٢٠١٤ قبيل أن يسيطر التنظيم على محافظة الموصل العراقية ويعيد الكرّة ويسيطر على أكبر مساحات محافظة ديرالزور.
يسعى داعش في الآونة الأخيرة لإيقاف خسائره من خلال بث الأخبار التي تتحدث عن كم كبير من المجازر بحق المدنيين , ولكن أبناء المنطقة ممن تتبعوا ويتتبعون تفاصيل تلك المجازر يجدون أن قسماََ منها لم يكن قد حصل وإنما جيوش إلكترونية تابعة لداعش تعمل على ذلك لتوقيف المعركة ضده في الجيوب المتبقية في ديرالزور , ومع ذلك هذا لا ينفي أن التحالف الدولي قد أوضع ضحايا مدنيين من أبناء المنطقة في استهدافات جوية طالت عناصر تنظيم داعش في المنطقة , ولكن الخلط بين الحقيقة والخيال هو ما يبثه التنظيم في الأسابيع القليلة الماضية .
نعم .. حتى اليوم أهالي ديرالزور لم ينهوا ذلك التنفّس الطويل الذي يريدون أن يتنفسوه .. لأن داعش لا يزال في تلك المنطقة يسعى لتأريق حياتهم وزعزعة استقرارهم ولكن في النهاية سوف يزول ذلك التنظيم عن مساحات محافظة ديرالزور التي سيطر عليها لسنوات .. وسوف يتنفّس الأهالي الصعداء بزواله من آخر بقعة في المحافظة .. عاجلاًً أم آجلاََ ..
بقلم : عمر أبو ليلى
المديرالتنفيذي لشبكة ديرالزور24