منذ اللحظة الأولى التي خرج بها أبناء دير الزور في المظاهرات كانوا موقنين بأنها معركة كبرى ضد الأسد ونظامه الإجرامي ، وإن أي انتصار يتحقق على الأرض السورية كفيل بإضعاف نظام الأسد، مما جعلهم يهتفون لسورية ككل ويقاتلون على جميع الأراضي السورية . فمنذ اللحظة الأولى لتسليح الثورة لطالما كنّا نسمع بإصابة واستشهاد أبناء دير الزور في مختلف المحافظات السورية.
دير الزور والتي عانت من نظام الأسد ما لبثت أن تحررت أكبر مساحة منها، وبقيت كذلك حتى دخل العدو الآخر ” تنظيم داعش ” والذي وقف حائلاً بين الجيش الحر وقوات الأسد , لتبقى دير الزور على حالها منذ ما يقارب العام والنصف، فلا تقدم يذكر فيها بعد الوعود التي قطعها أمراء التنظيم للأهالي.
مقاتلي دير الزور والذين هجرتهم داعش لم يتركوا ساحات القتال بل انتشروا في سوريا واستمروا في مقارعة النظام وداعش فكانت لهم بصمتهم ودورهم في تحرير بعض المناطق في الشمال والجنوب السوري ، خلال هذه الفترة سقط أكثر من 200 شهيد وأصيب حوالي 60 مقاتل أغلب هذه الإصابات أدت إلى إعاقات مستديمة .
” علي حاجي الوكاع ” مجند منشق من أبناء دير الزور انشق عن نظام الأسد أواخر عام 2012 والتحق بصفوف الجيش الحر، علي والذي خاض أغلب معاركه ضد داعش وقوات الأسد خارج محافظته لا يرى أي فرق في القتال داخل أو خارج دير الزور , فهدفه هو إسقاط الأسد والقضاء على تنظيم داعش الذي أخرجه من محافظته ، يقول علي:
قاتلت داعش والبي كي كي في الحسكة ومركدة ودير الزور، كما أني قاتلت قوات الأسد في دير الزور فكنت حاضراً على تحرير اللواء 113 ومعركة كباحب قبل أن اضطر للخروج مع باقي رفقائي من دير الزور بعد سيطرة داعش عليها باتجاه درعا، وهناك قاتلت نظام الأسد وبقيت فيها قرابة الثلاثة أشهر , لننتقل بعدها إلى القلمون معقل أبناء الشرقية الذين خرجوا من دير الزور والتي مكثت فيها حوالي شهرين، لأتابع مسيرتي في الشمال السوري تحديداً في إدلب والتي قضيت فيها قرابة السبعة أشهر.
ويتابع قائلاً :
شاركت في أغلب المعارك ضد قوات الأسد في إدلب وجبل الأربعين، لتأتي رصاصة اخترقت العمود الفقري في إحدى المعارك في ريف إدلب في قرية النحلية وأصبت بشلل نصفي في أطرافي السفلية ، تم إسعافي إلى إحدى المستشفيات في منطقة باب الهوى حيث بقيت فيها قرابة عشرة أيام، أجريت لي عملية تنظيف أمعاء ومن ثم تم نقلي إلى دار استشفاء في سرمدا لتلقي العلاج لمدة عشرين يوماً وبعدها دخلت الأراضي التركية لإجراء عمل جراحي لتثبيت فقرات.
على الرغم من ضعف الإمكانيات المتوافرة لدى الطاقم الطبي إلا أنهم قدموا كل ما يستطيعون، فلم يبخلوا علي بشيء فلا يخفى على أحد واقع المنظومة الصحية المتردي في المناطق المحررة، خضع علي لعمل جراحي في أحد المستشفيات الحكومية داخل الأراضي التركية وتم إدخاله إلى دار للإستشفاء تابعة لحركة أحرار الشام، والتي كان علي مقاتلاً في صفوفها لحين استقرار وضعه لينتقل بعدها للعيش في منزله والذي استأجره على حسابه الشخصي.
70 دولاراً هي مستحقات علي قبل الإصابة كان ولا يزال يتقضاها من حركة أحرار الشام دون أي زيادة بعد أن تعرض للإصابة التي أفقدته القدرة على المشي، ومع ذلك يلتمس لهم الأعذار عندما يرى البعض من زملائه في الحركة والذين قطعت عنهم هذه المستحقات بعد الإصابة.
يقول الوكاع:
أنا على دراية تامة بوضع الحركة ولو كان بالإمكان لقدموا لي أفضل مما قدموا ، ومع ذلك فهم يقدمون بعض الحاجيات وما يخفف العبء وجود بعض المستشفيات الخاصة بالسوريين داخل الأراضي التركية، والتي أذهب إليها بشكل دوري وتقدم العلاج مجاناً للمصابين.
وعند سؤالنا للوكاع عن المنظمات الطبية والإنسانية والتي ملأت شوارع المدن التركية وهل قدمت له شيء أجابنا الوكاع قائلاً :
لم أرى أي منظمة طبية كانت أو إنسانية وهذا الكلام ينطبق على البعض من أصدقائي الذين تعرضوا لإصابات , فجميعنا بحاجة ماسة للمساعدة المادية والمعنوية، ولكن تجاهل هذه المنظمات لنا ليس له أي مبرر . فجميع المصابين مسجلين لدى دور الاستشفاء، وبعض الناشطين الذين يقومون بتوثيق هذه الإصابات بالإضافة لذاتيات الفصائل المقاتلة والتي تحتفظ بسجلاتها.
كثرٌ هم مَن حالتهم الصحية شبيهة بحالة علي , وربما أكثر من ذلك ولكن أغلبهم لا يلقون الرعاية الطبية اللازمة سؤال برسم المنظمات الطبية والإنسانية في تركيا.