عانت نساء ريف دير الزور الشرقي خلال سيطرة تنظيم داعش على المنطقة من كافة أشكال العنف والقمع والاضطهاد، فلم يكن من السهل عليهنّ تجاوز التشريعات الصارمة والفكر الذي زرعه تنظيم داعش في عقول أهالي المنطقة.
وبعد خروج تنظيم داعش من المنطقة عملت الإدارة الذاتية على تفعيل دور النساء في كافة قطاعات الإدارة والمجالس المحلية ومنظّمات المجتمع المدني، فأصبح هناك مؤسّسات خاصة بالمرأة، مثل مجلس المرأة ولجان المرأة التي تتواجد في كلّ بلدة وناحية بريف دير الزور الشرقي، إلا أنّ الحضور البارز للنساء في مؤسسات الإدارة الذاتية اتخذ شكلاً صورياً فقط.
حيث إنّ الإدارة الذاتية قد أصدرت قانونا لحماية المرأة، والذي نصّ على (محاربة الذهنية السلطوية الرجعية في المجتمع) وجعلها واجبا على كلّ فرد في مناطق الإدارة. كما أقرّ القانون (المساواة بين الرجل والمرأة) ومنحها حقّ الترشّح والترشيح وتولّي كافة المناصب) إلى جانب ترسيخ مبدأ (الرئاسات المشتركة) والقاضي بترؤس امرأة إلى جانب الرجل في المناصب الإدارية العليا لكافة مؤسسات الإدارة الذاتية، بالإضافة إلى تواجد ممثلات عنها في المجلس التشريعي لدى مناقشة سنّ أيّ تشريعٍ أو قانون سواء كان سياسياً أو اجتماعياً.
واهتم القانون ذاته بتفاصيل متعلّقة بتنظيم الحياة الاجتماعية للمرأة، حيث أكّد على المساواة بين الرجل والمرأة في الرواتب والشهادات الدراسية، كما منع (زواج القاصرات) بالإضافة إلى إلغاء المهر لدى الزواج كونه (قيمـة ماديـة هدفـه استملاك المـرأة) وحلّ محلّه (مشاركـة الطـرفين في تـأمين الحيـاة التشـاركيـة) لكن كلّ ذلك لم يغيّر شيئا من واقع النساء في المنطقة، فالمعاناة ما زالت مستمرّة، لكن بشكل مُختلف عن السابق، والعادات هي العادات ذاتها، والتقاليد هي التقاليد ذاتها، إضافة للسلطة الذكورية والتي تعمد إلى إقصاء دور المرأة في المجتمع.
دور النساء شكليٌّ فقط!
وفاء العلي ( 27 عاماً) مهندسة زراعية من سكان الصبحة قالت لشبكة دير الزور 24 إنّ (النساء خلال سيطرة تنظيم داعش كانت تحكمهنّ التشريعات الصارمة، إضافة إلى العادات والتقاليد التي كان لها الدور الأكبر في حرمانهن من أبسط حقوقهن وتقليص دورهنّ في المجتمع).
وأوضحت وفاء (أنّ مشاركة النساء للرجال في مجالات العمل المختلفة لا يدلّ على أن وضع النساء تغيّر جذرياً، فهنّ ما زلن يعانين من التعنيف والقمع والاضطهاد، لكن بشكل مختلف كما أنّه لا يتم إشراك رأي النساء في اتخاذ القرارت المهمّة أبداً، فما تزال السلطة الذكورية هي العليا).
من جانبها قالت نور السالم ( 30 عاماً) وهي معلّمة من سكان الصور لشبكة دير الزور 24 إنّ (وضع النساء شهد تحسناً طفيفاً، لكنّه لم يكن حقيقيا بالقدر الكافي، وهو دور شكليٌ فقط، فدور النساء ما زال مهمّشاً حتى الآن ولم يختلف كثيراً عن دورهنّ سابقاً).
أما “خديجة الحسن” (25 عاماً) وهي ربة منزل من سكان مدينة هجين فقالت لشبكة دير الزور 24 أنّ (نساء المنطقة ما زلن مقيّدات وغير قادرات على إيجاد فرص عمل مناسبة لهنّ، وليس بمقدورهنّ تأسيس مشروع خاص بهنّ وذلك لافتقارهنّ إلى الاهتمام والدعم المادي من قبل المنظّمات والإدارة الذاتية، وأنهنّ بحاجة ماسة إلى إقامة ورشات تمكين تساعدهنّ على إيجاد فرص عمل مناسبة).
وأضافت (أنّ هناك نسبةً من نساء هجين بدأن يعتمدن على ذواتهن وأصبحن أكثر قوة من قبل، ولديهنّ دور فعالٌ في المجتمع، لكنّها نسبة ضئيلة جداً قياساً بنسبة النساء الفاعلات في مدينتي الرقة والقامشلي اللواتي يحظين باهتمام أكبر وتوفيرورشات تمكين في كافة مجالات العمل كالإعلام والتمريض والخياطة والحلاقة وغيرها من المهن).
نساء ريف دير الزور الشرقي يفتقرن الدعم والاهتمام
وقالت غادة الشندي من الرئاسة المشتركة لمجلس الشعب في مدينة هجين أنّ (ريف دير الزور الشرقي يفتقر لورشات تمكين النساء، وأن تلك الورشات كانت موجّهة فقط لنساء مدينتي الرقة والقامشلي) وعزت ذلك إلى عدم توفر الإمكانيات وافتقار لجنة المرأة في ريف دير الزور الشرقي للدعم المادي.
وأكدت (بأنّ لجنة المرأة في مدينة هجين تعمل حسب الإمكانيات المتوفرة لديها وطالبت بمزيد من الاهتمام بشؤون نساء المنطقة وأن البعض من نساء هجين أصبح لديهنّ دورفعال في المجتمع رغم افتقارهن للدعم المطلوب فهن قويات رغم العوائق والظروف الصعبة)
بدورها قالت إدارية لجنة المرأة في مدينة هجين نور سلطان (لدينا الكثير من الأفكار والمشاريع النظرية لدعم النساء على كافة الأصعدة، لكننا لم نتلقَ أيّ دعم يساعدنا في تنفيذ تلك المشاريع، واقتصر الدعم فقط على ما تقدمه الإدارة الذاتية ومجلس دير الزور المدني بإمكاناته المحدودة جداً) مطالبةً الإدارة الذاتية والمنظمات بتوفير الدعم لمشاريع اقتصادية تعود بالفائدة على نساء المنطقة.
ويعاني ريف دير الزور الشرقي من ارتفاع نسبة النساء المطلّقات والأرامل خلال فترة سيطرة تنظيم داعش والمعارك التي شهدتها المنطقة حيث تصل إلى 80 % من مجموع النساء الكلّي في المنطقة وتعتبر هذه النسبة عالية جداً مايجعل نساءها في أمس الحاجة إلى توفير الدعم والمشاريع الاقتصادية التي تهدف لمساعدة النساء في إعالة أطفالهن.
بقلم: مايا درويش