وُلِد فريد الرحبي في مدينة الميادين عام 1981 في أسرة محافظة تهتم بالتحصيل العلمي وتحض على متابعة الدراسة دوماً، بعد أن أكمل عامه الأول وقبل أن يستطيع لفظ اسم أبيه اعتقلت المخابرات السورية والده بسام وكاع الرحبي عام 1983, حيث كان يخدم في حرس الحدود في مدينة القائم على الحدود العراقية السورية، لم يستطع أحدٌ معرفة مكان اعتقاله من أهله وذويه، أمضى بسام 17 عاماً قضى معظمها في سجن تدمر ليخرج عام 1999 وقد لفّق له الأسد الأب يومها تهمة البعث اليميني خلال فترة سوء العلاقة مع العراق. والدة فريد ربة منزل عملت في الخياطة بعد اعتقال رب الاسرة لتربي فريد وشقيقتاه حتى انهوا دراستهم الثانوية.
خرج بسام الأب كبقايا إنسان من سجنٍ أكل من عمره 17 عاماً ليجد فريد وشقيقتيه على أبواب الجامعة، درس فريد في كلية العلوم بجامعة حلب وتخرج مهندساً جيلوجياً ليعمل بعدها في حقول الشدادي النفطية مع الشركة الصينية العاملة في المنطقة آن ذاك.
مع بداية الاحتجاجات السلمية في ربيع 2011 وخلال اجازاته لمدينته الميادين كان متظاهراً سلمياً يحلم بوطن لجميع السوريين وقصاصاً من آل الأسد؛ كيف لا وقد حرموه من والده قرابة عقدين من الزمن.
استقر بعدها في الميادين ليشارك في مختلف الانشطة المدنية خلال وعقب تحرير المنطقة من جيش النظام. وأقام عدة مرات ندوات ثقافية يدعو اليها جيل الشباب للتعريف بحقوق الانسان ودولة العدالة والمساواة. كان يساعد الجميع حاملاً هم أهل بلده، وساعد المجلس المحلي للمدينة في تلبية احتياجات المدنيين في توفير الطحين ومياه الشرب النظيفة.
ومع دخول عناصر داعش التكفيريين لمدينة الميادين آثر فريد البقاء ببلده يشد من إزر والده ووالدته فهو وحيدهما ومعيلهما وبهجة حياتهما.
افتتح فريد في الميادين مقهى انترنت ليؤمن قوت يومه، في مساء 4 حزيران، سيارة مسرعة قدمت إلى محله الكائن في بناء مشفى الشاعر في الميادين واقتادته لداخل السيارة.
سأل أقاربه ووالده عنه ليتمكنوا بعد يومين من معرفة أنه معتقل لدى داعش الذي لم يوضح التهمة ولا تاريخاً للإفراج عنه.
أهله كانوا يعدون الساعات والأيام على أمل الخروج من قبضة المجرمين، وفي اليوم التالي لثالث أيام عيد الفطر وتحديداً مساء 20 تموز دخلت مجموعة من عناصر تنظيم داعش إلى محل فريد لتستولي على كامل محتوياته.
في صباح 22 تموز طلبت العلاقات العامة من ذوي فريد الحضور، لتبلغهم بأنه تم اعدامه بتهمة “الردة والتخابر مع جهات أجنبية” ولا تسليم لجثته ولم يدفنوه في مقابر المسلمين ويبلغوهم بكل دم بارد بمنع القيام بعزاء أو استقبال المعزّين.
وركنت سيارة تابعة لتنظيم داعش الارهابي مقابل بيت والد الشهيد للتحقق من تنفيذ الأمر بعدم إجراء العزاء.
فريد، لم يحمل السلاح يوماً كان يؤمن بأن الكلمة أقوى وأن الأخلاق والتعامل الطيب هما السبيل الوحيد لكسب ود البشر. عاش واستشهد على هذه المبادئ، ليترك خلفه أباً خطف الأسد عقدين من عمره وخطفت داعش حلم حياته.