This post is also available in: English
عاش أهالي مدينة ديرالزور ظروف الحرب بكل تفاصيلها في الجزء المحرر من المدينة , أو الذي كان محرراً إن صح التعبير، فالأحياء التي يعيشون فيها موصولة بشكل مباشر مع الأحياء التي توجد عليها جبهات القتال في المدينة، فعانوا جحيم القذائف بأنواعها، واعتادوا على أصوات الطائرات الحربية التي تكاد لاتفارق سماء المدينة، وعاشوا الحصار بكل أنواعه، من قلة الطعام ونقص الأدوية والمواد الإسعافية، وعاصروا معارك طاحنة شهدتها أحياء المدينة، لكنهم رفضوا مغادرة بيوتهم ومدينتهم تحت أي ظرف.
اليوم وما تشهده المدينة من معارك ضارية بين تنظيم داعش وقوات الأسد في جميع جبهات القتال في المدينة، وفي اليوم السابع من انطلاق المعارك , يجد أهالي مدينة دير الزور الصامدين أنفسهم مجبرين على ترك منازلهم ومدينتهم، ليجدوا أنفسهم أمام تغريبة جديدة مجهولة المعالم تترتب عليها عدة عوامل ستواجه الأهالي في نزوحهم .
فبداية السفر وما يترتب عليه من أجور مادية مرتفعة تثقل كاهل العوائل في ظل الوضع المادي المتدني الذي يعيشه أغلب أبناء محافظة دير الزور، وثانيها عدم توفر أماكن مخصصة لإيوائهم، وثالثها الضغط السكني الكبير في ريف دير الزور بعد قدوم عوائل عناصر التنظيم من العراق، إضافة لنزوح أهالي المناطق الملتهبة في العراق كالموصل باتجاه ريف ديرالزور، وليس أخيراً مواجهة درجات الحرارة المنخفضة جداً والبرد القارس الذي يخلفه الشتاء الإستثنائي الذي يمر بالمحافظة .
ويشبه خروجهم من بيوتهم خروج الروح من الجسد، لكن أسباب الموت تعددت وأنيابه طالت أبناء الدير أينما حلو وظروف القهر تعتصرهم ليواجهوا مصيرهم المجهول من حين لحين.