This post is also available in: English
وَأَيُّ لَبيبٍ يَرقَعُ الخَرقَ بِالخَرقِ.
هذا حال أبو فرحان، وكأن الشاعر أبو العتاهية كان ينظر إليه، حين نظّم هذا البيت، أبو فرحان،أب لأسرة مكونة من 9 أفراد، ينتمي لقرية الشولة جنوب مدينة ديرالزور.
يعيش أبو فرحان قصة نزوح مريرة منذ أشهر، بدأت في الشهر التاسع من العام الماضي، على أثر الحملة العسكرية لقوات الأسد بغطاء جوي روسي، على مدينة ديرالزور.
حيث أضطر أبو فرحان، لترك منزله الذي صرف عليه الكثير من سنوات العمر لبنائه، وبستان زيتون كان منفذه الوحيد إلى الطبيعة في بيئة صحراوية.
اتجه أبو فرحان في أول نزوح له نحو مدينة الميادين مثقلاً بذكريات يصعب نسيانها، مع قطيع من الأغنام كانت مصدر رزق له ومهنة يزاولها منذ صغره.
أقام فترة وجيزة في الميادين، إلى أن سنحت له الفرصة بالعبور نحو قرية ذيبان عن طريق عبارة تعمل ليلاً، بسبب قصف قوات الأسد والروس لهذه المعابر، حيث بلغت تكلفة العبور 200000 ألف ليرة سورية ،مما اضطر لبيع نصف القطيع الذي يملكه لسداد التكلفة.
بعد وصول أبو فرحان قرية ذيبان، تم توقيفه من جهاز الحسبة التابعة لتنظيم داعش، بتهمة الذهاب إلى أرض الكفار، يقول أبو فرحان: بقيت في سجن الحسبة لمدة أكثر من عشرين يوماً، هددت خلالها من عناصر داعش بالقصاص أكثر من مرة.
استمر وجود أبو فرحان في السجن إلى أن شاءت الأقدار أن تقصف طائرات التحالف مركز للأمنيين بجانب سجن الحسبة، مما أحدث رعب وهلع بين عناصر التنظيم في المنطقة، على أثر الضربة هرب عناصر الحسبة وتركوا السجن مغلق على من كان داخله.
بعد هروب عناصر داعش وقيام السجناء بالصراخ وضرب الأبواب، قام أحد أبناء المنطقة بالتوجه إليهم وفتح باب السجن لهم، ليخرج بعدها أبو فرحان ومن معه من سجن الحسبة في قرية ذيبان.
قول أبو فرحان “كان خروجي أشبه بمعجزة، توجهت بعدها لتفقد أهلي وعائلتي، وبعد الاطمئنان عليهم ابلغتهم بضرورة تجهيز أنفسهم لمغادرة مناطق سيطرة التنظيم”.
تحت جنح الظلام خرج أبو فرحان وعائلته مع مهرب يتعامل مع التنظيم، من أجل نقلهم إلى قرية العزبة في ريف ديرالزور الشمالي، مقابل مبلغ 150000الف ليرة، أمنتها العائلة بعد بيع قسم آخر من قطيع الأغنام الذي يملكون.
بعد وصوله قرية العزبة بيومين، ولسوء حظ أبو فرحان، حوصر هو وأبنائه من قبل تنظيم داعش من جهة و قسد من جهة لمدة شهر، بسبب الاشتباكات التي كانت بين الطرفين داخل القرية.
بعد الحصار لمدة شهر، دخلت قوات قسد قرية العزبة، ما دفع أبو فرحان وعائلته للتوجه نحو الريف الغربي، اثناء خروجه استوقفه حاجز تابع لقسد بحجة عدم وجود اثباتات شخصية.
استمر احتجاز أبو فرحان لساعات، ولم يتركه عناصر قسد إلاّ بعد أن تخلى عن بعض من اغنامه، كـ رشوة لعناصر الحاجز مقابل تسهيل عملية عبوره.
بعد الوصول استقرت عائلة أبو فرحان في مخيم بلدة سفيرة بريف ديرالزور الغربي، الذي تسكنه عشرات العائلات التي هربت من مناطق جنوب نهر الفرات، بعد تقدم قوات الأسد وسيطرتها على المنطقة.
يعيش أبو فرحان وعائلته ظروف مأساوية داخل المخيم، الذي أعد بشكل عشوائي، فلا مياه ولا كهرباء ولا طبابة حتى النظافة داخله معدومة كلياً.
أبو فرحان، اضطر لبيع كامل قطيع أغنامه للانفاق على أسرته، كما قام بإرسال أحد ابنائه للعمل في تركيا، من أجل مساعدته على تأمين متطلبات الحياة لهذه العائلة.
حال أبو فرحان، حال مئات الألاف من السوريين الذين شردتهم عمليات القصف والموت، التي طالت مدنهم وبلداتهم، لكنه كما البقية ينتظر يوم يعود فيه إلى منزله بدون خوف، من أجل أن يعيش مع عائلته بسلام.