This post is also available in:
English
في ظلّ تردّي الأوضاع الاقتصادية وانتشار الفقر، برزت في مدينة ديرالزور ظاهرة مقلقة تتمثل في تزايد أعداد الأطفال المتسولين والباعة المتجولين، حسب ما رصدت شبكة ديرالزور24.
وقال مراسلنا إنّ الأطفال المذين باتوا يمتهنون التسول ينشطون في المناطق الحيوية مثل سوق سينما فؤاد، ما أثار استياء الأهالي بسبب السلوكيات المزعجة التي ترافقها، وتأثيرها السلبي على حركة المرور والحياة العامة.
ولا تقتصر الظاهرة على أسواق المدينة فحسب، بل تمتد إلى الشوارع العامة قرب الجامعة والمعاهد والدوائر الحكومية، حيث يتجمع الأطفال المتسولون والباعة منهم، وينتقلون بين الأحياء بلا رقيب.
يقول أحد السكان لديرالزور24 : “قد ترى الوجوه ذاتها عند دوار حمود العبد، ثم تلتقي بهم لاحقاً قرب الجامعة أو سوق سينما فؤاد”، مما يشير إلى تنقلهم الواسع بحثاً عن موارد إضافية، ويصعب تحديد أعدادهم بدقة بسبب طبيعة حركتهم المتكررة بين المواقع”.
لم يعد الأمر يقتصر على طلب المساعدة، بل تجاوزه إلى سلوكيات عدائية، وفقاً لشهادات الأهالي، وفي هذا الإطار قالت الشابة “رنيم”:
“يطرق المتسولون أبواب المنازل باكراً، وأحياناً يتعمّدون التخريب إذا لم يُستجاب لطلبهم”، بينما يشتكي شاب آخر من أنّ “هؤلاء الأطفال يعيقون حركة المشاة، لدرجة أن بعض العائلات تتجنب الخروج لتجنب مضايقاتهم”.
يشرح آخرون عن معاناتهم من المتسولين الأطفال بالإزعاج الجسدي والضرب أحياناً والأذية عندما لا يتلقون طلبهم، ويقول بعض الأهالي” بأن أولئك الأطفال منظمين وليسوا أيتام”.
لا تتوقف المعاناة عند حدود الإزعاج اليومي، بل تمتدّ إلى عرقلة الأعمال، فقد اشتكى مصورون فوتوغرافيون في الحدائق العامة من تدخل الأطفال المتسولين في عملهم، وإلحاحهم على الزبائن مما يُضعف جودة الخدمات المقدمة.
وبحسب بعض الأهالي، فإنّ أسباب هذه الظاهرة تعود إلى عوامل متشابكة، أهمها الأزمات الاقتصادية التي تدفع الأسر إلى إرسال أطفالها للعمل أو التسوّل وربما فقدوا بعض الأهالي السيطرة على أبنائهم، و باتوا هم من يوجّهونهم لهذا الطريق بسبب الفقر. يقول الشاب عمر لشبكة ديرالزور 24 : “بأن سبب انتشار هذه الظاهرة بشكل رئيسي هو الفقر وتراجع الأوضاع الاقتصادية في البلاد” ، كما تُطرح تساؤلات أشادوا بها بعض الأهالي حول دور الإهمال التربوي في تفاقم السلوكيات العدائية لدى هذه الفئة، وفي إطار ساخر، لفتت إحدى الشابات إلى أن “هذا النشاط أصبح مصدر دخلٍ يفوق الأعمال الحرة”، في إشارة إلى تحوّله لظاهرة مُربحة بالنسبة للمتورطين فيه.
في ظلّ تصاعد الانزعاج المجتمعي، يطالب الأهالي بتحرّك عاجل من الجهات المحلية والمنظمات الإغاثية لاحتواء الظاهرة، عبر توفير برامج دعم مادي ونفسي للأسر الفقيرة، وإعادة تأهيل الأطفال وإنهاء استغلالهم. فما كان يوماً مصدر عطفٍ تحوّل إلى مشكلة تهدد استقرار الحياة العامة في المدينة، ما يستدعي حلولاً جذريّة قبل استفحالها أكثر.