This post is also available in: English
خاص :
” اثناء استماع اليونانيين لي ولقصتي كانت رسالتي الأعلى صوتاً هي أن الإعاقة ليست جسديا انما أي إعاقة في الدنيا هي الإعاقة العقلية وانا شخص لا استسلم بالرغم انني فقدت اقدامي الاثنين ولكنني سوف اكمل مشواري الرياضي بكل عزيمة وإصرار وكانت هذه الرسالة مني لكل العالم”.
بهذه الكلمات وجه السباح السوري ابن مدينة ديرالزور رسالته للعالم في اليونان بعد رحلة طويلة بدأت من مدينة ديرالزور السورية إلى عدة مدن في تركيا ومن ثم الوصول لليونان في رحلة تهريب شاقة عبر البحر.
رغم الإعاقة الجسدية التي تعرض لها إبراهيم الحسين (28 عاماً ) عضو نادي اليقظة بمحافظة ديرالزور سابقاً إلا أنه تمكن من الوصول للمنصات الدولية والتتويج عدة مرات، متغلباً على إعاقته بفقد قدميه الإثنتين جراء إصابات متعددة تعرض لها بداية الثورة وذلك جراء استهدافه من قبل نظام الأسد.
في لقاء حصري مع إبراهيم أجرته ديرالزور24 ، تحدث عن إلإعاقة التي تعرض لها في عام 2012 أي العام الثاني للثورة السورية، يقول” كانت إصابتي الأولى بسبب مظاهرة بحي العرفي بمدينة ديرالزور في الشهر الرابع ، حيث لاحقنا الأمن العسكري واضطررت لرمي نفسي من الطابق الرابع خشية أن يتم اعتقالي، ما أدى لتفتت في مفصل قدمي اليسرى ما اضطررت لتركيب مفصل صناعي , كما أصبت بخمسة كسور في الرأس، أما إصابتي الثانية حصلت بعد خمسة أشهر من الإصابة الأولى حيث عدت للمدينة بعد شفائي وأثناء محاولتي إسعاف أحد الأصدقاء تعرضت لقصف مباشر من دبابة تابعة لنظام الأسد ما أفقدني قدمي اليمنى بشكل كامل.
بين وعود في المساعدة وانتظار للعلاج من مؤسسات عديدة تابعة للثورة، خرج الحسين لتركيا بهدف العلاج، لكن بعد عام كامل تبين له بأنها وعود كاذبة وعملية علاج شبه مستحيلة بهذه الوضع كونها ذات تكلفة باهظة.
يكمل إبراهيم حديثه” بداية قمت بتركيب طرف صناعي يمكن تسميته رفع عتب وكان سيء للغاية وذلك في مركز صحي للأطراف في مدينة الريحانية جنوب تركيا، ما اضطرني لإنتقال لمدينة اسطنبول بحثاً عن طرف صناعي يخدمني بشكل جيد في أسوء الأحوال، وهو ماتم بالفعل، لكن صدمت بوعود كاذبة وانتظار أوصلني لمرحلة اليأس”.
في خيارين لاثالث لهما، كان على إبراهيم اتخاذ أحدهم، فإما العودة لسورية وهي تمثل تهلكة بالنسبة له أو الهجرة إلى أوربا حاله كحال آلاف السوريين، رغم أن الرحلة محفوفة بالمخاطر .
بالفعل، اتخذ إبراهيم قراره بالهجرة إلى أوربا عبر اليونان، وتمكن بمساعدة أصدقاء له من الوصول لليونان في رحلة بحرية استمرت عدة ساعات، إلا أنه لم يتمكن من إكمال طريقه إلى أوربا نتيجة لافتقاده للمال اللازم لإكمال الرحلة.
يقول إبراهيم، ” بعد وصولي لليونان لم يبق لدي أي مبالغ مالية وكنت معدم الحال، هناك تعرفت على فتاة لبنانية من أصول أرمنية , وبمجرد أنها عرفت أنني من محافظة ديرالزور , عادت بها الذاكرة إلى المجازر التي حصلت بحق الأرمن أيام العثمانيين، ومما زاد إصرارها على مساعدتي هو أنّها تعرف جيداً أن محافظة ديرالزور في تلك الآونة قامت بحماية الأرمن من تلك المجازر ومن بعدها ولا يزالون يعيشون سوية مع أبناء ديرالزور، وفعلاً قامت بوصلي بفتاة يونانية، وبدأت بخطوت لمساعدتي أولها كانت هي السعي في علاجي بالشكل الصحيح , كانت تكلفة علاجي بما يقارب ٣٢ الف يورو , الفتاة اليونانية ومجموعة أخرى من اليونانيين هم من تكفلوا بذلك ولكن هي كانت صاحب الفضل الأكبر في المساعدة.
بعد الانتهاء من العلاج تحدث إبراهيم الحسين لليونانيين الذين ساعدوه عن قصته بمافيها مسيرته الرياضية والتي خال للحظة بأنها انتهت بغير رجعة ، إلا أنه يفكر جدياً أفي العودة لاستكمال مسيرته الرياضية رغم الوضعي الجسدي الجديد.
يقول وجهت لهم رسالة وللعالم كذلك قلت ” إنّ الإعاقة بفهمومها لدي ليست جسدية إنما أي إعاقة في الدنيا هي الإعاقة العقلية وأنا شخص لا استسلم بالرغم أنني فقدت كلتا طرفي الاثنين ولكنني سوف أكمل مشواري الرياضي بكل عزيمة وإصرار”.
لم يكن معظم المتابعين والأصدقاء يتوقع بأن إبراهيم الشاب المعاق قادر على العودة لمسيرته الرياضية التي حقق في صغره عدد من البطولات في رياضة السباحة في سورية ومدينة ديالزور تحديداً.
انطلق إبراهيم بحياة جديدة ترافق فيها إصابة دائمة يبحث عن العودة لمسيرته الرياضاية وهو ماتم من خلال انضمامه لنادي لكرة السلة لذوي الاحتياجات الخاصة في اليونان يدعى نادي “ماروسي” في العاصمة اليوناينة أثينا.
يتابع إبراهيم حديث قائلاً:
بعد الانضمام لنادي كرة السلة قررت العودة لرياضتي المفضلة وهي السباحة هنا، قالت لي صديقتي اليونانية بأنه يتوجب علي جلب، أوراق ثبوتية عن مسيرتي الرياضية من الإتحاد الرياضي السوري ، وبالفعل أرسلت بطلب الأوراق الثبوتية عبر عدة محاميين إلاّ أنّ أعضاء الاتحاد السوري اتخذوا الأمر مهزلة ولم يعطوه أي اهتمام ورفضوا إعطائي أي ثبوتيات وهو مازاد إصراري أكثر على أكمال الطريق.
مع تعنت الاتحاد السوري ورفضه تسليم أرواق إبراهيم الثبوتية، بادر الاتحاد اليوناني الرياضي لمنحه أوراق ثبوتية وكشف رياضي، بهدف العمل تحت مظلة قانونية ومن أجل مستقبله.
فور حصوله على الكشف الرياضي التحق إبراهيم بنادي “بورتو بوري” وباشر تمارينه معه منذ عام وأربعة أشهر حتى اليوم، لكن دون أي رواتب ومجرد مكافآت كل عدة أشهر، لاتعادل ثمن بطاقات المواصلات.
من هنا بدأت رحلة إبراهيم مع منصات التتويج حيث حصد أول بطولة مع هذا النادي وهي البطل الأول على مستوى أثينا بالكامل وأول ميدالية ذهبية له في اليونان , حيث قام بخلع الميدالية أمام الجمهور اليوناني بالكامل وووضعها في عنق الفتاة اليونانية التي قدمت له كل الدعم المعنويا في عودته للسباحة وعلاجه وبذلت كل ما بوسعها لمساعدته والتي هي بدورها دهشت جدا من هذه الخطوة في رد المعروف.
وبعدانتهاء البطولة في اليونان , اقترب حينها موعد الشعلة الأولومبية , حينما رأى المدربون المشرفون على إبراهيم الصمود والإصرار قرروا التواصل مع الإتحاد الرياضي اليوناني وترشيحه لحمل الشعلة الرياضية للأولومبياد وهو ما تم بالفعل.
يقول إبراهيم، “بعد حمل الشعلة بشهرين , بدأت بطولة الجمهورية اليونانية , شاركت فيها بسباقين وحصلت على المركز الثاني في كلا السباقين على مستوى اليونان ككل .
بعدها بدأت البارا لمبك ” الأولمبيك لذوي الاحتياجات الخاصة ” وبعد مراقبتهم لي وللإنجازات التي حققتها أقدموا على تأسيس “البارا لمبك” للأجئين، وبفضل هذا التأسيس تمكنت بعدها من المشاركة في أول بطولة خارجية بحياتي وكانت في البرازيل.
يتابع، وتمكنت من خلال البطولة التي ظلمتني بها اللجنة التحكيمية بإعطائي تقييم S9 نتيجة لإصابتي إلا انني استحق تقييم S8 وكانت مشاركة مميزة وقوية لم أتمكن من تحقيق الألقاب لأني أساساً فاقد لقدمي، إلا أنني حصلت على جائزة أهم قصة رياضي في العالم بتلك البطولة، وهي خطوة مميزة لبطولات لاحقة وهي في عام 2017 لدي الخوض في أربع بطولات اثنين محليات في اليونان واثنين عالميات إحدها في اليونان والأخرى في المكسيك.
بعد تحقيق إبراهيم لإنجازات عديدة أهمها تخطي عقبة الإعاقة حاول الاتحاد السوري التابع لنظام الأسد التواصل معه محاولاً المتجارة باسمه، حيث رفض كل المحاولات كونهم كانوا عقبة في وجهه بداية مشواره من اليونان، كما حاول عدد من ممثلي حكومة نظام الأسد التواصل معه، إلا أنه رفض كذلك قائلاً ” لم أتجاوب معهم لأنهم فقط يوزعون شعارات وطنية فارغة”.
منذ أيام وجهت نقابة المحامين والمركز الثقافي في مدينة مدريد الإسبانية دعوة حضور للتكريم في الشهر الجاري، حيث توجه لهناك بالفعل ترافق ذلك مع حدث هزّ العالم كلّه وهو المأساة في مدينة حلب شمال سوريا بفعل حصار خانق من قبل قوات الأسد ومليشياته، ما دفع إبراهيم لترك موضوع التكريم والحديث عن تلك المأساة.
بدأ إبراهيم حديثه بوضع صورة لأطفال مدينة حلب وقال: ” أيها العالم يوم من الأيام أطفالكم سوف يسألونكم وقت قامت هذه المجزرة في سوريا وحلب بالذات أين انتم من مسؤولياتكم تجاه ما جرى ويجري هناك ؟
وأنا بهذا المكان اود ان أوجه صوتي وصوت أطفال حلب لكم وأتمنى أن يطلع بيدكم شي , ما يهمنا كله هو المستقبل المقبل والذين هم الأطفال .. هم أمانة في رقبتكم” وأنهيت كلامي.
يوجه إبراهيم رسالة للرياضيين السوريين وخاصة ورياضيي ديرالزور، يحثهم على متابعة مسيرتهم الرياضية وجلب البطولات وحصدها ورفع اسم سوريا الحرة ويمثلون ديرالزور .
وليوصلوا رسالتنا للشعب الأوربي أننا نحن ناجحون ولا نعجز عن تحقيق أي شيء أينما كنا ومهما كانت الظروف رغم المآسي.
أما رسالته لمدينة ديرالزور، فهي الدعاء إلى الله بفك الحصار عنهم ويهون عليهم المأساة التي يعيشونها، وبعجل خلاصهم من جميع الطغاة الذين أذاقوا المدنيين الويلات.
يذكر أنّ الشاب إبرهيم الحسين بن حي العمال بمدينة ديرالزور حصد عدة جوائز في عام 2002 محلية أهمها المركز الثاني في محافظة الحسكة كما يعرف والده بانه مدرب نادي اليقضة للسباحة في ديرالزور.