This post is also available in: English
محمد حسان
يخوض جيش أسود الشرقية، أحد أبرز فصائل محافظة دير الزور منذ أيام، معارك عنيفة مع تنظيم داعش في البادية السورية ومنطقة القلمون الشرقي، ضمن معركة “سرجنا الجياد”، تمكن خلالها من تحرير ما يقارب 150كم مربع من الأراضي السورية، بالاشتراك مع بعض فصائل ريف دمشق.
المعارك الدائرة حتى اللحظة لها أهداف ظاهرية معلنة، كـ فك الحصار عن القلمون الشرقي ووصله بالمناطق المحررة من البادية، فيما الهدف الحقيقي يكمن في محاولة جيش الأسود تحرير مناطق البادية السورية والقلمون وإيجاد مناطق آمنة وخطوط دعم خلفية، للتوغل باتجاه الشمال الشرقي إلى محافظة دير الزور عبر البادية.
لا تخفي قيادة الجيش العامة هدفها الرئيسي من تلك التحركات، الذي يكمن بالوصول إلى ديرالزور بعد غياب دام ثلاث سنوات وقطع جميع الطرق على محاولات “قسد”، التي تعتبر الأوفر حظاً لدخول المحافظة والتي لا يمنعها عن ذلك سوى الانتهاء من معركة الرقة.
تحرك الأسود يلاقي ترحيباً كبيراً بين الأوساط المحلية الديرية سياسياً ومدنياً، باعتباره الأكثر قبولاً في المحافظة والذي سيساعد وصوله لها في تحريرها بأقل فترة زمنية ممكنة لعدة أسباب، أولها وجود حاضنة شعبية كبيرة له حاله حال الفصائل المحلية الأخرى، ما يجعل له مكاناً آمناً وحاضنة شعبية في حال أحداثه لأي اختراق في جغرافية المحافظة.
كما سيدعم دخول الجيش تحركات داخلية من قلب مناطق سيطرة التنظيم، يقودها أبناء العشائر المناوئة لـ “داعش” وتشكيلات سرية هي أقرب ما يكون لتلك الفصائل، أخذت على عاتقها محاربة التنظيم خلال فترة سيطرته على المحافظة بشكل سري عبر عمليات الإغتيالات وزرع العبوات لعناصره ودورياته، ما سيتسبب بإرباك التنظيم داخلياً ويقوض من صلابته الأمنية.
أما السبب الثالث، فيكمن في إمكانية الفصائل المحلية من تجنيب الكثير من الفصائل العسكرية التي ناصرت التنظيم بعد سيطرته على محافظة ديرالزور القتال إلى جانبه، عبر إعطائها ضمانات معينة خاصة مع معرفة أبناء المحافظة للظروف التي دفعت تلك الفصائل لمناصرة التنظيم، والتي حصرته في قتال النظام فقط.
فيما تشكل محلية العناصر وخاصة معرفتهم بجغرافية المحافظة وطبيعة أهلها وطرق التعامل معهم عوامل إضافية معززة لتلك الأسباب، والتي تصب في أمكانية قبول هذا الحل القادم من الجنوب السوري, الذي يعتبر الأكثر قبولاً وإمكانية للتطبيق أذا ما لاقى دعم محلي وعالمي من قوات التحالف الدولي، والذي تشير المعطيات لعدم اعتماده حتى اللحظة، خاصة أن تلك المعارك التي تجري في الجنوب تأتي بدون أي دعم جوي أو لوجستي من التحالف الدولي.
الحل الجنوبي يقابله حل شمالي كثير التعقيد ذو حظوظ قليلة في التطبيق، يكمن في تقدم الفصائل المحلية للمحافظة من جهة الشمال السوري، بدأت تعقيدات هذا الحل مع توقف عملية “درع الفرات” والتي كان يشارك بها فصيلاً محلياً، هما تجمع أحرار الشرقية والمجلس العسكري الموحد لدير الزور، الذي شكل حديثاً في ريف حلب الشمالي.
لكن هذه الخيار لديه بصيص أمل بدأ يطفو على السطح في الأيام الأخيرة، يتمثل في الحديث عن توافقات تركية أمريكية على إدخال فصائل من الرقة والحسكة وديرالزور ممن عملت في درع الفرات وقوات خاصة تركية عبر ممرات معينة من حدودها حتى جبهات القتال مع التنظيم، للاشتراك في عملية تحرير الرقة وبعدها ديرالزور بالتعاون مع “قسد”.
هذا الحديث ليس جديداً، فقد رفضت تركيا عروض مشابهة قبل انطلاق عملية” غضب الفرات” لـ تحرير الرقة، فهي لا تريد إعطاء “قسد” أي دور في عملية تحرير الرقة، ما يجعل منه أضعف الحلول المطروحة وأقلها قابلية للتطبيق.
خيار الجنوب المقبول وغير المعتمد من الجهات الدولية وخاصة التحالف الدولي لمحاربة “داعش”, وخيار الشمال المعقد يجعل من “قسد” الطرف الأكثر قرباً لخوض معركة انتزاع محافظة دير الزور من التنظيم، بوصفها حليف أمريكي معتمد ومجرب.
لكن الاعتماد على قوات “قسد” في معركة دير الزور، سيتسبب بمشاكل عدة أولها إقصاء الفصائل المحلية من دخول المعركة، ما يهدد بغياب الاستقرار عن المحافظة حتى ما بعد طرد “داعش”، فـالأهالي ينظرون لها على أنها عدو حيوي لهم وخاصة لتحالفاتها المعلنة وغير المعلنة مع قوات الأسد، والحكومة الروسية.
كما سيشكل احتكار قسد للمعركة عاملاً مساعداً لتعزيز نظرية التنظيم، في المظلومية العربية السنية “عبر تحالف قوى الشر عليه”، ما سيدفع جزء من أهالي المحافظة للوقوف إلى جانب تنظيم داعش ، رغم رفضهم له وهو أقل الشرور بالنسبة لهم فوجود التنظيم، قد يكون بحسب البعض أقل ضرراً من دخول حلفاء نظام الأسد، للمنطقة والتي يوجد بها الآلاف من مناؤييه.
وتعد سياسات قسد، عاملاً منفراً إضافياً للأهالي وخاصة بعد تجارب طرد تنظيم داعش من ريف الرقة والحسكة على أيديهم، والتي تبعها حملات تهجير عرقية طالت المكون العربي، مع مجازر لا تزال تطال المدنيين عبر طيران التحالف الدولي، الذي تقدم له قسد الإحداثيات على أنها مواقع للتنظيم كما يحصل في محافظة الرقة الآن.
حتى وجود بعض المكونات العربية ضمن “قسد” كـ مجلس دير الزور العسكري وقوات النخبة، لن يغير من المعادلة كثيراً والتي تعيها حتى تلك المكونات والتي تحاول حسب معلومات خاصة لـ “ديرالزور 24” إقناع التحالف الدولي للاعتماد عليها في عملية تحرير المحافظة، مع فصائل أخرى ذات توجه واضح كـ جيش أسود الشرقية وقوات المغاوير “جيش سوريا الجديد”، لكنها لم تحصل على أي ضمانات حتى اللحظة”.
.
تلك السيناريوات يقابلها مطامع معلنة لقوات الأسد، الذي يزحف باتجاه ريف حلب الشرقي والبادية السورية في تدمر تحديداً، فعمد لتشكيل حشد شعبي من أبناء دير الزور ومحافظات أخرى يوجد له مقرات في العاصمة دمشق وفي مدينة تدمر، للاستفادة من معطيات مفتوحة قد تساعده على التقدم من تدمر إلى السخنة والشولا شمال دير الزور، وفتح طريق إمداد لقواته المحاصرة هناك منذ مطلع عام 2013.