أورينت نت – خاص | تحقيق: محمد شهاب الدين
14/7/2015
ألم ضرب مدينة الميادين، أو”شرق الأمل السوري” كما يسميها ناشط, الثورة السورية، منذ خضوعها لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في منتصف العام المنصرم 2014. ويتسائل أهالي المنطقة هناك في ظل شهر رمضان: “هل نحن نعيش شهر الرحمة أم النقمة”؟!
ناشطون في مدينة دير الزور قالوا لأورينت نت أنه “منذ قدوم شهر رمضان المبارك، وجهاز “الحسبة” التابع لتنظيم (داعش) يستهدف بأحكامه العشوائية أهالي المنطقة، وبشكل خاص أهالي منطقة الميادين التي قدمت منذ بداية الشهر الكريم حتى الآن، ما يقرب عن الثلاثة عشر ضحيّة، ما بين صلب وجلد، وقطع للأيدي والرؤوس”.
الحسبة وما أدراك ما الحسبة…
لقد ألقى جهاز “الحسبة” المخصص للحفاظ على تطبيق الشرائع الدينية، الرعب في قلب كل مواطن سوري تخضع منطقته تحت سطوة تنظيم (داعش) فإما أن يكون فريسة لإحدى أدوات العقاب ( الصلب، الجلد، الذبح)، أوضحيّة الغرامات المالية الضخمة التي رفع سقفها نظام “الحسبة” هذا الشهر إلى مبالغ خيالية.
بحسب الناشط الميداني (عمار الفراتي) لقد باتت ” الغرامات المالية في شهر رمضان تبلغ أربعة أضعاف من مثيلاتها في السابق، فأصبحت مخالفة عدم إغلاق المحال التجارية أثناء أوقات الصلوات الخمس تبلغ (200000) ل.س مع السجن وإغلاق المحل لمدة ثلاثة أيام كاملة”. كما يضيف أيضاً ” أن قضية الإسراف في الماء أثناء تنظيف أدراج الأبنية السكنية، ونحن أبناء الفرات، فقد بلغت (100000) ل.س دون عقوبة السجن.
ضمن سياق متصل، يقول أحد سكّان مدينة الميادين وفضّل عدم ذكر اسمه أنه: ” في أوائل شهر رمضان اضطررت لابقاء دكاني مفتوحة أثناء صلاة العصر لوجود زبائن فيه، فكان من سوء حظي وجود دورية تابعة لـ(الحسبة) وهي سيارة من نوع (فان) ثم تم اقتيادي إلى مقرهم بانتظار حكم القاضي الشرعي، وقد رفض عذري الذي قدمته، ولكن تمّ تخفيض الغرامة من مائتي ألف ليرة سورية، إلى مائة وخمسون ألف ليرة سورية دون السجن وإغلاق المحل لمدة ثلاثة أيام”.
السخرة الداعشية!
يبدو أن حسبة تنظيم “داعش” في شرق سورية، قد ابتكرت طرقاً جديدة على غرار نظام الأسد، لاستقدام المدنيين إلى أعمال السخرة وخاصة سكّان منطقة الميادين، وذلك بعد أن ألحقت عقوبة الأعمال الشاقة بقائمة العقوبات الآنفة الذكر لجهاز “الحسبة”.
أفادت (أم حسن) وهي سيدة من سكان الميادين بأن ” تحوّلت عقوبة التدخين من قطع اصبعي السبابة والوسطى، بعد استنزاف التنبيهات الثلاث، إلى اقتيادهم للقيام بأعمال تخص تنظيم الدولة الإسلامية، فمنذ بداية شهر رمضان، كل شخص يتم تجريمه بالتدخين جهراً، يُقاد إلى محافظة دير الزور للعمل في حفر الأنفاق لمدة ثلاثة أيام كاملة، أو العمل في وضع السواتر الإسمنتية والترابية في المناطق التي تتطلب ذلك”.
إضافة إلى ذلك، تقول أن ” هذه العقوبة لم تعد تشمل المدخنين فقط، وإنما الأشخاص المفطرين في أوقات الصيام، وكذلك المخالفين للمظاهر الدينية فيما يخص اللباس والهندام”. وتضيف قائلة ” إن رجالنا باتوا يشبهون (الديناصورات)، فشعورهم الشعثاء ولحاهم الطويلة أصبحت مخيفة، وخاصة في ظل ظروف معيشة صعبة تبعد عنك النظافة أميال بعيدة، وديننا يقول النظافة من الإيمان”.
بحسب (أم حسن) أيضاً ” أن هناك الكثير من النساء الذين حاولوا الخروج من المدينة إلى الغرب، أوالجنوب السوري، إلا أن تنظيم “داعش” يمنع خروج النساء منعاً باتاً، باستثناء الطاعنات في السن، أو اللاتي يعانين مرضاً شديداً قفط”.
معضلة الزكاة…وحكم القصاص
تعاني مدينة الميادين معضلة حقيقة، تخلق هواجس في نفوس أهلها في كل يوم جديد، فالزكاة هي أحد أهم أركان الإسلام، ولا أحد من الأهالي يتذمر من دفع الزكاة بغض النظر عن الأساليب التي يتبعها تنظيم “داعش” في جبايتها، فمن شأن الزكاة فوائد على المستوى الإجتماعي ترفع معها مستوى خط الفقر فيه. إلا أن المريب في الأمر، تزايد حكم القصاص في المدينة بـ (قطع اليد) من جرّاء حوادث السرقة الكثيرة في هذا الشهر.
يقول مصدر مطلع في المدينة، أن “جباية الزكاة من قبل تنظيم “داعش” تتم بأساليب قمعية شديدة في حال رفض أي شخص دفعها لأسباب تتعلق بعدم الثقة، وخاصة أننا نشهد في هذا الشهر العديد من أحكام قطع اليد بسبب السرقات، ومعظم تلك الحالات كان غرض السرقة منها لأسباب تتعلق بشراء المأكل والمشرب، أي أنهم يعانون الفقر”.
إذا أين تذهب أموال الزكاة وعلى من توزع؟ وأين هو بيت مال المسلمين الذي يتحدث عنه تنظيم “داعش” في إصداراته الإعلامية؟
ضمن هذا السايق، يضيف المصدر قائلاً ” أن السارق في المدينة تقطع يده من المعصم، وتعلّق في رقبته لمدة ثلاثة أيام، وأثناء ذلك يوضع في سيارة مكشوفة تتبع لـ (الحسبة) ويُطاف به في المدينة ليُشهّر به، وليكون عبرة لغيره”.
لكنه يؤكد أيضاً “أن فقراء المدينة ومنذ بداية شهر رمضان، لم يصلهم أي معونات أوسلل غذائية من قبل أي هيئة تابعة لتنظيم (داعش) كما هو الحال السائد في مدينة الرقة. أليس الأجدر أن تخصص أموال الزكاة التي يأخذها (الحسبة) لفقراء المدينة، أم فقط يكون ذلك على تطبيق حكم القصاص في قطع اليد”.